مركز الثقل هي النقطة التي تقع عندها كتلة جسم ما في موضع معين بغرض فهم حركة هذا الكائن، فمركز ثقل جسم كروي منتظم هو النقطة التي يقع فيها مركز هذا الجسم، كما أن مركز ثقل قضيب منتظم ذي مقطع عرضي دائري هو النقطة التي تقع في مركز الجزء المقطعي العرضي من القضيب الذي يقع في منتصف القضيب طوليا. وفي بعض الأجسام ذات الشكل غير المنتظم، قد يقع مركز الثقل خارج الجسم.
ولقد ظهر مفهوم مركز الثقل للمرة الأولى في أعمال أرشميدس فوفقًا له: "إن مركز الثقل للجسم هو نقطة خاصة في داخله، بحيث أن الجسم إذا وضع (علق) في هذه النقطة، فإنه يبقى في حالة السكون ويحافظ على وضعه الأصلي، وذلك لأن جميع المستويات التي تمر بهذه النقطة تقسم الجسم إلى أجزاء تتوازن فيما بينها".
وفي القرن الرابع الهجري / العاشر الميلاد عرف إخوان الصفا مقدار الثقل في
رسائلهم بقولهم: "وأما الثقل والخفة في بعض الأجسام، فهو من أجل أن الأجسام الكليات كل واحد له موضع مخصوص، ويكون واقفا فيه لا يخرج إلا بقسر قاسر، وإذا خلى رجع إلى مكانه الخاص به، فإن منعه مانع وقع التنازع بينهما، فإن كان النزوع نحو مركز العالم يسمى ثقيلا، وإن كان نحو المحيط يسمى خفيفا".
وقد ذكر
ابن الهيثم في كتابه
المناظر : الحركة المكتسبة إنما تكون بحسب مقدار المسافة وبحسب مقدار الثقل." وبهذا يقرر ابن الهيثم أن قوة الحركة إنما تكون بحسب مسافة السقوط وبحسب ما في الجسم من مادة.
ولقد أدرك
الخازن العلاقة بين قوة التساقط والمسافة بين الجسم الساقط ومركز الجذب فيقول في كتابه
ميزان الحكمة : "إن الأجسام الساقطة تنجذب نحو مركز
الأرض . وإن إختلاف قوة الجذب يرجع إلى المسافة بين الجسم الساقط وهذا المركز."وهذه إشارة واضحة إلى أن الجسم كلما كانت مسافة سقوطه أطول، كانت سرعة سقوطه أعلى، ومن ثم كانت قوة ارتطامه أشد. وهو مفهوم كمية الحركة التي تتناسب مع سرعة الجسم ومع كتلته.
وبمثل هذا المفهوم يشرح
ابن ملكا البغدادي أن سرعة السقوط تتزايد بتأثير جاذبية الأرض فيقول في كتابه
المعتبر في الحكمة : "فإنك ترى أن مبدأ الغاية كلما كان أبعد، كان آخر حركته أسرع، وقوة ميله أشد، و بذلك يشج ويسحق. ولا يكون ذلك له إذا ألقي عن مسافة أقصر، بل يبين التفاوت في ذلك بقدر طول المسافة التي يسلكها"
أما
ابن سينا فقد أشار إلى علاقة قوة التثاقل وحجم الجسم فيذكر في كتابه
الإشارات و
التنبيهات : القوة في الجسم الأكبر، إذا كانت مشابهة للقوة في الجسم الأصغر، حتى لو فصل من الأكبر مثل الأصغر، تشابهت القوتان بالإطلاق، فإنها في الجسم الأكبر أقوى وأكثر، إذ فيها من
القوة شبيه تلك وزيادة"
وقد أشار الخازن إلى مفهوم مركز الثقل بقوله: "كل جسمين ثقيلين بينهما واصل يحفظ وضع أحدهما عند الآخر، ولمجموعهما مركز ثقل وهو نقطة واحدة فقط. وإذا تعادل جسمان بثقلهما في نقطة مفروضة فإن نسبة ثقل إحداهما إلى ثقل الآخر كنسبة قسمي الخط الذي يمر بتلك النقطة ويمر بمركزي ثقلهما".
ويقول: "الأجسام المتساوية في القوة والحجم والشكل والبعد عن مركز العالم متساوية". وإن "كل جرم ثقيل معلوم الوزن لبعد مخصوص عن مركز العالم تختلف زنته بحسب اختلاف بعده منه، فكلما كان أبعد كان أثقل وإذا قرب كان أخف".
ولقد حاول
الإسفزاري التوصل إلى نظرية مركز الثقل من خلال تجربة أعدها كما يلي:
"ندع كرات تتدحرج في وعاء نصف كروي؛ نرمي أولا كرة واحدة، ثم كرتين متساويتين في القطر والوزن، وأخيرا كرتين مختلفتين في القطر والوزن. ففي الحالة الأولى يكون مركز ثقل الكرة موجودا على السهم الذي يصل مركز الوعاء مع مركز الكون. وفي الحالة الثانية يكون مركز ثقل المجموعة الذي يصل مركز ثقل الوعاء مع مركز الكون. وفي الحالة الثالثة يكون مركز الثقل في نقطة من السهم تبعد عن مركزي ثقل الكرتين بمسافتين متناسبتين عكسيا مع وزنيهما".
وعند محاولة فهم وحساب حركة جسم ما، فإن تركيز الاهتمام على مركز الثقل غالبا ما يبسط المشكلة. فعلى سبيل المثال، القضيب الذي يلقى في الهواء يتحرك بطريقة معقدة، فهو يتحرك عبر الهواء وفي نفس الوقت يميل للدوران. وإذا تتبعنا حركة نقطة تقع عند طرف القضيب، فإن المسار الذي ستتبعه هذه النقطة سيكون معقدا جدا. ولكن إذا تم تتبع حركة مركز ثقل القضيب، فسوف تتبع النقطة مسارا يشبه القطع الناقص ويمكن توصيف هذا المسار توصيفا رياضيا. بالإضافة إلى ذلك، يمكن وصف الدوران المعقد للقضيب على أنه حركة دائرية بسيطة حول مركز الثقل. كما قد يكون مركز الثقل مفيدا أيضا عند فحص حركات أنظمة معقدة تتكون من أجسام أو جزيئات متعددة مثل حركة الكواكب حول الشمس.