هناك العديد من نماذج العلماء الذين تضرروا نتيجة أبحاثهم ومنهم بروفيسور مارك فرجسون (من جامعة مانشستر) اكتشف عقارا يساعد على التئام الجروح بسرعة ولا يترك أثرا للندوب. وكي يختبر مفعول الدواء بنفسه عمد إلى إجراء قطعين كبيرين، واحد في يده اليسرى والآخر في يده اليمنى. وقد ترك الجرح الأيمن يندمل طبيعيا فيما دهن الجرح الأيسر بالدواء الجديد. وكانت النتيجة أن الجرح الأيسر اندمل قبل الأيمن بربع المدة ولم يترك أثرا للندوب. ولإثبات فعالية اكتشافه قام فرجسون بهذه التجربة أمام مراقبين من مؤسسة فينرز التي وافقت على تمويل أبحاثه بشرط أن (ترى بنفسها) نجاح التجربة - (حسب موقع Ananova.com في 20 أكتوبر الماضي)!!
وما فعله البروفيسور بنفسه ليس إلا نموذجا لحوادث كثيرة عرض فيها العلماء أنفسهم للخطر لإثبات هذه الفرضية أو تلك التجربة؛ فكما أن هناك عظماء ومناضلين قتلوا بسبب مواقفهم النبيلة هناك أيضا علماء قتلوا أو تعرضوا للأذى خلال تجارب عادت بالخير على البشرية جمعاء.
٭ ومن الحوادث التي تستحق الذكر وفاة الكيميائي السويدي كارل شيل بالسم ,1786. فهذا العالم اعتاد أن يشم ويتذوق كل ما يكتشفه.. وكانت نهايته حين جرب سم الزئبق!
٭ وكان الفيزيائي الإنجليزي مايكل فارادي (مبتكر المحرك الكهربائي) قد تعرض لضرر في عينيه نتيجة انفجار كلوريد النيتروجين. وبعد ذلك عانى من آثار تسمم كيميائي مزمن توفي بسببه عام 1867.
٭ أما الكيميائي الألماني روبرت بانسن فرغم أنه كاد يقتل نفسه مرتين بسم الزرنيخ، إلا أنه توفي في النهاية نتيجة المضاعفات التي تعرض لها خلال ستة وخمسين عاما من التجارب على الأخلاط الكيميائية.
٭ أما المخترع الأمريكي توماس اديسون فأصيب بحوادث كثيرة تتناسب مع عدد اختراعاته (التي زادت على ألف اختراع) فقد أصيب بالصمم، واحترق وجهه بالحمض، وأغمي عليه مرات عديدة، واحترقت يده في كل مرة جرب فيها فتيلا جديداً لمصباحه الكهربائي.. وكان جيرانه يسمون معمله «بيت الساحر» لكثرة الحوادث التي تقع فيه!
٭ وكان الإنجليزي همفري دافي يعمل مع مايكل فارادي حين انفجر بهما كلوريد النيتروجين عام 1812 فأصيبت عيناه بتلف كبير.. وهذا العالم بالذات منع نهائيا من دخول مختبرات الجمعية الملكية بسبب «انفجاراته» التي لا تنتهي.. وكانت نهايته عام 1829 حسن استنشق أحد الغازات السامة!
٭ وبسبب تحديقه المستمر بالشمس أصيب غاليليو بالعمى، فهذا الإيطالي - المتعدد المواهب - كان أول من استعمل التلسكوب لمراقبة الأجرام الفلكية.. ولكنه بالطبع كان مخطئا حين حاول دراسة الشمس!
٭ وبعد معاناة وطول ألم توفيت مدام كوري (مكتشفة الراديوم) عام 1934 بسبب تعرضها المستمر للنشاط الإشعاعي.. ومن المفارقات أن تموت بهذا السبب وهي التي كرست حياتها للبحث عن إمكانية استعمال النشاط الإشعاعي لمعالجة الأورام الخبيثة!
٭ بالطبع لم يتعرض كل العلماء لمثل هذه المخاطر.. بل بالعكس كان هناك من بقي سليما رغم عمله في مجال واضح الخطورة؛ فكل الحوادث السابقة لا تعد شيئا يذكر أمام انفجار اصبع ديناميت واحد من اختراع الفريد نوبل. فهذا العالم السويدي الذي اخترع الديناميت لم يصب بأي أذى ومات وهو يرفل في ثياب الصحة والثراء. ويبدو أن نوبل كان مدركا لحسن حظه (خصوصا بعد ما تبين خطورة المادة التي يعمل عليها) فأوصى بتخصيص عائدات الديناميت للجائزة العالمية المعروفة باسمه..!