توصل أطباء في هونج كونج – بالصدفة – إلى أن الوخز بالأبر الصينية يعالج إدمان التدخين والمخدرات بنسبة نجاح وصلت إلى 90 % في بعض الحالات ، وهو ما يعطي أملا جديدا للبشرية في القضاء على التدخين والمخدرات " طاعون العصر "
وتؤكد الحقائق العلمية أن الوخز بالإبر الصينية حقق نجاحا ملحوظا في علاج المدخن الذي لديه استعداد مبدئي للإقلاع عن التدخين ، وجاء اكتشاف فعالية الوخز بالإبر مصادفة في أحد مستشفيات مدينة هونغ كونغ، ففي حالة محددة كان هناك مريض يحتاج إلى جراحة عاجلة، ولم يستطع طبيب التخدير استعمال عقاقير التخدير العادية لإدمان المريض للمورفين مما يجعله غير حساس للعقار المخدر، ولهذا فكر طبيب التخدير اللجوء لتخدير المريض باستعمال الوخز بالابر الصينية ، حيث يتم ادخال ابر في مناطق محددة في الأذن والجسم بغرض تخدير أماكن بعينها في الجسم ، وبعد اجراء العملية بنجاح رفض المريض تعاطي المخدر (المورفين) قائلا أنه لا يشعر برغبة في تعاطيه، وتكرر الأمر في اليوم التالي، حتى تماثل المريض للشفاء وخرج من المستشفى بدون تعاطي المخدر وقد أظهر شفاء تاما من ادمانه .
وتكررت الحالة مع مريض مدمن آخر بنفس ظروف المريض الأول مما استرعي اهتمام الأطباء الذين انكبوا على دراسة تفاصيل الحالتين، حتى وجدوا أنهم استعملوا في المريضين وخزا بالإبر في نقاط معينة مشتركة، وبعد التدقيق أمكنهم معرفة أن هناك نقطة في الأذن تسمى " نقطة الرئة " هي التي يمكن أن تعالج الإدمان، حيث أنها تحفز المخ على إفراز مادة " الاندورفين " الطبيعية التي تشبه تأثير مادة المورفين ولكنها أقوى بآلاف المرات ، وهي لا تسبب أدمانا حيث أنها تفرز مادتها في الجسم الإنساني الذي يتحكم في مستوياتها دون إحداث أضرار، وبتكرار وخز هذه النقطة في حالات مشابهة كثيرة أمكن الحصول على نتائج جيدة مما أكد فاعلية هذا النوع من العلاج بطريقة علمية منهجية .
بوابة الروح
وهكذا فان وخز نقطة الرئة يؤدي إلى حفز إفراز مادة الاندورفين الطبيعية التي تقاوم إدمان كل العقاقير بما فيها النيكوتين، وأيضا يتم وخز نقطة النيكوتين التي توجد خارج الأذن، بالإضافة الى نقطة تسمى "بوابة الروح" وهذه تساعد في هدوء الحالة النفسية التي قد تتوتر مع الانقطاع عن التدخين، ويتم أيضا وخز بعض النقاط العامة في الجسم والوجه في سبيل علاج ادمان التدخين .
وتشير الدراسات العلمية إلى أن نسبة النجاح في التوقف عن التدخين بعد جلسة علاج واحدة تصل الى 80%، والنسبة الباقية تستجيب لجلسة أخري بعد نحو أسبوع، و تصل النسبة النهائية الى ما يقرب من 90% بشرط أن يكون الشخص راغبا فعلا في التوقف عن التدخين، حيث يقدر الخبراء أهمية رغبة الشخص في التوقف عن التدخين بأربعين بالمائة فيما يمده العلاج بالوخز بالستين بالمائة الباقية.
ويقول معظم الأشخاص الذين عولجوا بالابر الصينية للامتناع عن التدخين أن الرغبة في التدخين تقل وقد تزول تماما، ولا يشعر المرء بالأعراض الانسحابية للنيكوتين . ويقول البعض الآخر أنه يشعر بطعم غريب غير مستحب للسيجارة تجعله يرفضها تماما . وسجل بعض المدخنين أنهم شعروا بالرغبة في القيء عندما حاولوا التدخين بعد العلاج بالابر الصينية.
وبذلك يصبح من السهل على المدخن أن يتوقف عن التدخين وينجو بنفسه من المخاطر الصحية التي تهدد حياته ونشاطه ، فقط عليه أن يقرر وأن يخلص النية في الامتناع عن هذا الادمان المدمر ، ويترك الباقي على الابر الصينية .
4 جلسات فقط
ويساعد استعمال الابر الصينية بالإضافة إلى علاج الإدمان والإقلاع عن التدخين ، في علاج بعض الأمراض النفسية مثل التوتر والقلق والاكتئاب، كما أن لها دورا فعالا في تخفيف الغثيان وخاصة المصاحب للحمل عندما يكون هناك حذر من استعمال الأدوية المضادة للغثيان، وتختلف مدة العلاج اللازمة وعدد الجلسات من شخص لآخر وعادة تحتاج المشكلات المزمنة لعدد اكبر من الجلسات قد تصل إلى ثلاثة أسبوعيا ولمدة طويلة قد تصل إلى عدة أشهر، أما للوقاية من الأمراض ولتحسين الصحة النفسية فإن أربع جلسات في السنة تكفي للوفاء بالغرض .
وأظهر البروفسور " دو يوان هاو" الخبير في " مركز بحوث عيادة الوخز بالإبر الصينية " بشمال الصين أن الوخز بالإبر الصينية يمكنه أن يشفي 461 نوعا من الأمراض، وعلى الرغم من أنه وسيلة علاجية في متناول اليد وملائم وأعراضه الجانبية قليلة مقارنة بالأشكال الأخرى من الأدوية الطبية، إلا أنه ليس بمقدوره شفاء كافة الأمراض، كما أنه بالنسبة لـ461 مرضا المذكورة فإن تأثيره أيضا مختلف ومتراوح من مرض إلى أخر .
وحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية فإن الأمراض التي تستجيب بصورة طبية للعلاج بالإبر الصينية هي: التهاب المفاصل، الربو الشعبي، الخلل في وظيفة المثانة، النزلة الشعبية، الأعراض العنق عضدية، التهاب القولون، الإمساك، الإسهال، قرحة المعدة والاثني عشر، شلل الوجه ، تيبس الكتف، فرط حموضة المعدة، التهاب المعدة، الصداع والصداع النصفي، الزغطة، ارتفاع ضغط الدم، الألم العصبي بين الضلوع، آلام أسفل الظهر، الغثيان، الشلل في أعقاب سكتة دماغية، اعتلال الأعصاب الطرفية، أعراض ما قبل الدورة الشهرية، الانزلاق الغضروفي بالرقبة، عرق النساء، التهاب الجيوب الأنفية.
ويؤكد المتخصصون أن العلاج بالإبر الصينية ليس له أثارا جانبية خطيرة ، خاصة مع استعمال الابر الحديثة التي تستعمل لمرة واحدة لمنع حدوث العدوى، ولا يعتبر الاقتناع بالعلاج عاملاً في حدوث التأثير العلاجي، كما نصحوا قبل وبعد الجلسات العلاجية بتجنب أكل الوجبات الدسمة قبل أو بعد الجلسة العلاجية مباشرة، وتجنب القيام بمجهود عضلي كبير او ممارسة الجنس او شرب الكحول لمدة ست ساعات بعد الجلسة، بالاضافة إلى الاستمرار بأخذ العلاجات و الأدوية الموصوفة بواسطة الطبيب.
مسارات الطاقة
يتبع أسلوب العمل بالإبر الصينية البحث عن بعض النقاط في الجسم تسمى " نقاط الدلالة" وهي نقاط موجودة على جسم الإنسان بدرجات متفاوتة من العمق, ومرتبطة بمسارات للطاقة وتتميز هذه النقاط بكونها تؤلم إذا ضغطنا عليها, مقارنة بالمناطق الأخرى من جسم الإنسان التي لا يوجد فيها نقاط للوخز بالإبر, كما أنها تشتد ألما إذا مرض العضو الذي تقع النقطة على مساره ، وقد أمكن تحديد مواقع تلك النقاط بواسطة الكاشف الكهربائي " الأنكوبنكتوسكوب " ، وتبين أنها ذات كهربية منخفضة , إذا ما قورنت بما حولها من سطح الجسم, ويبلغ تعداد هذه النقاط حوالي الألف نقطة , إلا أن الأبحاث الأخيرة التي أجريت في الصين أوصت بكفاية 214 نقطة فقط للوفاء بالأهداف العلاجية المطلوبة .
ويقول المدافعون عن هذا الأسلوب : إن الطاقة الطبيعية تمر عبر 14 مساراً في الجسم حتى تحافظ عليه ممتلئاً بالحيوية، وترتبط هذه المدارات بأعضاء معينة ووظائف بدنية، وعندما تنسد الطرق أمام الطاقة الطبيعية أو تتعرض للاختلال في التوازن، تقع الأمراض أو الأعراض المرضية، ويقوم ممارس الإبر الصينية بتنشيط النقط عبر تلك الخطوط المدارية، باستعمال الإبر في إزالة انسداد مجرى الطاقة وفي استعادة التوازن وتدفق الطاقة عبر مساراتها، وعندما تنشط أحد أجزاء الجسم، يحدث التأثير في نفس الجزء أو في جزء آخر من الجسم .
وتسجل المراجع العالمية أن من أوائل الذين استخدموا وخز الأذن في العلاج هم المصريون القدماء منذ العام 2000 قبل الميلاد، اذ وثقت لهم علاج بعض حالات العقم عن طريق نقاط في الأذن ، ومن الطريف أن نفس هذه النقاط تستعمل حاليا في علاج نفس الحالات ، كما أن الصينيون استخدموا هذه الطريقة في العلاج أيضا ، إلا أن اغلب المؤرخون يرون ان بداية العلاج بالإبر الصينية تنحصر ما بين 475 و221 قبل الميلاد، ويعود ذلك إلى أيام الإمبراطور الأصفر " هوانغ تاي " الذي عاش في وقت الولايات الحربية في الصين حين أمر بعدم استعمال أي علاج عدا الإبر وأن يتم تدريسها وممارستها، ويذكر كذلك كتاب صدر قبل اكثر من 2.000 عام يشير إلى وجود صخور تنفع في صنع الإبر، ويذكر التاريخ للإمبراطور واي تي وانغ أمره بعمل تمثالين من البرونز بحجم الإنسان الطبيعي وتوضيح إدخال الإبر ومسارات الطاقة عليها ثم صنعت تماثيل أصغر حجما لاستعمالها في التدريس والامتحانات حتى الآن.