تعتبر الحرارة من أهم العناصر المشكلة للمناخ و ذلك لارتباطها بالعناصر الأخرى ارتباطا وثيقا بشكل مباشر أو غير مباشر إذ تنشأ عن طاقة الإسطاع الشمسي التي تولده أشعة الشمس المخترقة للغلاف الغازي للأرض وتكون بذلك الموزع الأساسي للحياة على الأرض ومصدر الحرارة الرئيسي للإنبات و إذا كان باطن الأرض حارا فإن حرارته لا تصل إلى سطح الأرض إلا في مواقع محدودة كمناطق العيوب القشرية للأرض في قاع المحيطات أو محيط مناطق النشاط البركاني و مع ذلك فإن تأثير حرارة باطن الأرض على نمو الحياة العامة فوق سطحها يكاد لا يذكر بالنسبة للحرارة المستمدة من أشعة الشمس والتي بدورها لا نستقبل منها إلا قدرا ضئيلا جدا نظرا لبنية الغلاف الغازي الذي سبق ذكره إذ لا يصل إلى سطح الأرض إلا جزءا صغيرا من حرارة أشعة الشمس المنبعثة نحو الأرض (الشكل ).
1-1الإشعاع الشمسي للكرة الأرضية4 إن حرارة سطح الأرض بما في ذلك اليابسة والمحيطات والغلاف الهوائي مرتبطة بعدد كبير من العمليات المتحكمة في النظام الداخلي للمناخ على خلاف ما يحدث خارج الغلاف الغازي للكرة الأرضية حيثما تنتقل الحرارة بمجرد وجود الإشعاع.
يخضع قانون انتقال الحرارة من الشمس إلى الأرض لعمليات فيزيائية و كيميائية أصبحت اليوم مضبوطة نوعا ما و ذلك تبعا للحواجز التي تعترضها طول المسار إذ يمتص الغلاف الغازي للكرة الأرضية 15 % من أشعة الشمس الحرارية الواردة إليه بعد أن تنعكس على سطحه الخارجي حوالي 40 % من تلك الأشعة الشمسية ثم يلي ذلك تعرض أشعة الشمس إلى عملية انعكاس ثانية لأشعتها فوق السطح الحقيقي للأرض بمعدل 10 % مما وصل أي أن حوالي 65 % منها يندثر قبل النفوذ في أديم الأرض بفعل الامتصاص و الانعكاس مما يجعل الحصيلة الطاقوية للأرض مرتبطة بحصيلتها الإشعاعية و لذلك نجد النظام المناخي للأرض يعمل بآلية الامتصاص أي :
أولا- بتحويل حوالي 70 % من الإشعاع الشمسي الوارد للأرض إلى حرارة أو طاقة ( خاصة بالنسبة للأمواج الضوئية القصيرة ذات الطول المتراوح ما بين 0.3 إلى 4 مم).
ثانيا- بإعادة انعكاس أوبت هذه الطاقة نحو الفضاء في شكل إشعاع حراري من النوع ما دون الأحمر المحصور ما بين الأمواج الطويلة المتراوحة بين 4 و 100 مم.
والجدير بالذكر أن متوسط الحصيلة السنوية للطاقة الحرارية على مستوى سطح الأرض ضئيل جدا إلا أنه على المستوى الإقليمي يسجل حركية ما بين النقص و الزيادة و يعتبر المؤشر الحقيقي لقدرة امتصاص أو انعكاس الطاقة في النظام المناخي.
ويمكن القول أن سطح الأرض يمتص جزء من الأشعة بينما تشع معظمها في الغلاف الجوي و يعرف هذا الإشعاع بالإشعاع الأرضي و يرتد باقي أشعة الشمس الحرارية الى الفضاء الخارجي و بذلك يستمد الجو معظم حرارته من الإشعاع الأرضي و جزء قليل من الإشعاع الشمسي.
و يختلف الإشعاع الشمسي عن الإشعاع الأرضي في أن الأول يحمل الضوء بينما الثاني أشعته مظلمة , كما أن الإشعاع الشمسي يبدأ مع الشروق وينتهي عند غروب الشمسي أما الإشعاع الأرضي فإنه يستمر طول اليوم .
2-1 العوامل المؤثرة في الحرارة4 تختلف درجة الحرارة من جهة لأخرى على سطح الأرض نتيجة لعدة عوامل من أهمها
: 1- الموقع الفلكي: و هو موقع المكان بالنسبة لدرجات العرض, فكلما اتجهنا شمال و جنوب خط الاستواء انخفضت درجة الحرارة .
2- اختلاف طول الليل والنهار من فصل لآخر:
ففي فصل الصيف يطول النهار عن الليل وبذلك تطول الفترة التي يتعرض فيها الغلاف الغازي و سطح الأرض لأشعة الشمس و يحدث العكس في فصل الشتاء , و لذلك نجد أن متوسط حرارة الصيف أعلى من الشتاء .
3- الغطاء النباتي:
و يقلل هذا الغطاء من اكتساب الأرض للحرارة و بالتالي يقلل من إشعاعها الحراري , و لذلك نجد المناطق المغطاة بالنباتات ألطف حرارة من المناطق الجرداء في الجهات الحارة.
4- موقع المكان بالنسبة للمسطحات المائية: فالمناطق الساحلية تمتاز بمناخها البحري الذي يقل فيه الفرق بين حرارة الصيف و الشتاء بعكس المناطق الداخلية فإنها تمتاز بمناخها القاري الذي يعظم فيه الفرق بين حرارة الصيف والشتاء كما هو الحال في مدينتي الجزائر العاصمة و تمنراست .
التضاريس: فالمناطق الجبلية درجة حرارتها أقل من المناطق السهلية الواقعة معها على نفس درجات العرض , كما أن السفوح الجبلية الواجهة للشمس أعلى حرارة من السفوح التي لا تواجهها.
التيارات البحرية: تعمل التيارات البحرية الدافئة على رفع درجة حرارة المناطق الساحلية المارة بجوارها و العكس صحيح بالنسبة للتيارات الباردة.
1- 3 قياس درجة الحرارة 4 تقاس درجة حرارة أي مكان على سطح الأرض بالترمومتر , و توجد ترمومترات خاصة لتسجيل أقصى درجات الحرارة ( النهاية العظمى ) و أدناها ( النهاية الصغرى ) و كذلك بواسطة الترموغراف ش و يشترط في القياس أن يكون في الظل و في الهواء الطلق.
و قياس درجة الحرارة – غالبا – إما أن يكون بالدرجات المئوية أو الفهرنهايتية , و الترمومتر المئوي مقسم إلى 100 قسم بادئا من السفر (درجة التجمد) و منتهيا بالمائة (درجة الغليان) أما الترمومتر الفهرنهايتي فإن درجة التجمد فيه تعادل (32 درجة فهرنهايتية) و درجة الغليان تعادل (213 درجة فهرنهايتية) , أي أن 180 درجة فهرنهايتية تعادل 100 درجة مئوية و بذلك نجد أن الدرجة المئوية تساوي 180/100=1.8 فهرنهيت.
متوسطات درجة الحرارة: تقاس درجة الحرارة عادة ثلاث مرات يوميا و أوقاتها : الثامنة صباحا , و الثانية بعد الظهر , و الثامنة مساء , ويؤخذ متوسط الثلاث قراءات و بذلك نحصل على المتوسط اليومي لدرجة الحرارة , وتحصل بعض الدول على هذا المتوسط من جمع الدرجات التي يسجلها الترمومتر للنهاية العظمى والدرجة التي يسجلها الترمومتر للنهاية الصغرى ثم يقسم حاصل الجمع على اثنين .
المتوسط الشهري للحرارة هو مجموع المتوسطات اليومية لأيام الشهر مقسوما على عدد أيامه.أما
المتوسط السنوي للحرارة فإننا نحصل عليه من جمع المتوسطات الشهرية و تقسيمها على عدد شهور السنة (12) و لا يكفي في دراسة المناخ معرفة المتوسطات السنوية فقد تتقارب بعض الأماكن في المتوسط السنوي لدرجة حرارتها مع أن كلا منها يسوده نوع مناخي يختلف عن الآخر , و لذلك فإنه عند دراسة مناخ أي جهة لا بد من معرفة المدى الحراري السنوي لها لأنه يوضح الاختلافات في درجة الحرارة بين فصول السنة.
المدى الحراري: و هو الفرق بين أعلى درجات الحرارة و أدناها لأي مكان على سطح الأرض , و هذا المدى إما أن يكون يوميا أو شهريا أو سنويا.
المدى الحراري اليومي: وهوالفرق بين أعلى و أدنى درجة حرارة سجلت خلال اليوم.
المدى الحراري الشهري: وهوالفرق بين أعلى و أدنى متوسط درجات الحرارة التي سجلت خلال أيام الشهر.
المدى الحراري السنوي: و هو الفرق بين أعلى و أدنى شهور السنة حرارة.
1-4خطوط الحرارة المتساوية4 بعد قياس درجات الحرارة و معرفة متوسطاتها اليومية و الشهرية و السنوية كان لا بد من توزيع هذه المتوسطات على خرائط حتى يتسنى لدارس الجغرافيا المناخية استخلاص الحقائق العامة من هذه التوزيعات و من هنا ظهرت طريقة رسم خطوط الحرارة المتساوية , و هي خطوط ترسم على الخرائط لتصل بين الأماكن ذات الحرارة المتساوية و يراعى ما يأتي في رسمها.
1. تعديل درجات الحرارة بالنسبة لمستوى سطح البحر ومعنى ذلك استبعاد أثر التضاريس و اعتبار الأماكن التي أخذت متوسطات درجة حرارتها عند مستوى سطح البحر , فإذا كانت حرارة مكان ما 10 درجات مئوية و ارتفاعه عن سطح البحر 1500 متر فإننا نضيف إلى درجة حرارته درجة واحدة مئوية لكل 150 متر تقريبا من الارتفاع, و بذلك تكون حرارة هذا المكان 20 درجة مئوية.
2. وضع متوسطات درجات الحرارة بعد تعديلها على الخرائط في الأماكن التي أخذت درجة حرارتها .
3. نصل بين الجهات التي تشترك في درجة حرارة واحدة بخط يعرف بخط الحرارة المتساوي لهذه الأماكن.
4. أن يكون الفرق بين خطوط الحرارة المتساوية ثابتا و نجده عادة في خرائط المناخ بـ 5 أو 10 درجات.
5. يعتمد دائما في دراسة المناخ على خرائط خطوط الحرارة المتساوية السنوية والثانوية و يمثلها شهر جانفي و الصيفي ويمثلها شهر جويلية.
-1خطوط الحرارة المتساوية شتاءا (جانفي) من الخريطة نلاحظ ما يأتي :
1. توجد أعلى جهات العالم حرارة خلال هذا الفصل في نصف الكرة الجنوبي حول مدار الجدي في كل من أستراليا و أفريقيا و أمريكا الجنوبية و متوسط درجة حرارة هذه المناطق 30درجة مئوية .
2. توجد أقل جهات العالم حرارة في نصف الكرة الشمالي في أقصى شمال أمريكا الشمالية و في شمال شرق آسيا .
3. تنحني خطوط الحرارة المتساوية بصفة عامة في غرب أستراليا و أفريقيا و أمريكا الجنوبية ناحية خط الاستواء و بعيدا عنه في شرقها و في نصف الكرة الجنوبي , و يحدث العكس في نصف الكرة الشمالي إذ تنحني خطوط الحرارة المتساوية ناحية خط الاستواء في شرق القارات و بعيدا عنه في غربها بتأثير التيارات البحرية الباردة و الدافئة .
-2خطوط الحرارة المتساوية صيفا (جويلية) و إذا نظرنا إلى الخريطة نلاحظ ما يأتي :
1. توجد أعلى جهات العالم حرارة في نصف الكرة الشمالي في الصحراء الكبرى لإفريقيا و في آسيا في كل من العربية السعودية و إيران و صحراء وسط آسيا , و يمثل خط الحرارة المتساوي 35 درجة مئوية متوسطة درجة هذه المناطق خلال فصل الصيف (جويلية).
2. تنحني خطوط الحرارة المتساوية عند سواحل القارات متأثرة في ذلك بمرور التيارات البحرية الباردة و الدافئة .
3. تقع أقل جهات العالم حرارة في نصف الكرة الجنوبي في أقصى جنوب أستراليا أفريقيا و أمريكا الجنوبية .
3-خطوط الحرارة المتساوية السنوية من الشكل السابق نلاحظ ما يأتي :
1. يوجد أعلى متوسط درجة الحرارة في العالم في الصحراء الكبرى لأفريقيا وليس عند خط الاستواء
2. خطي صفر درجة و 10 درجات مئوية أكثر استقامة في نصف الكرة الجنوبي عن نصف الكرة الشمالي بسبب مرورهما في نصف الكرة الجنوبي على مسطحات مائية بينما يمران في نصف الكرة الشمالي على اليابس و الماء .
3. تنحني خطوط الحرارة المتساوية في كل من شرق و غرب القارات إما نحو خط الاستواء أو بعيدا عنه بتأثير التيارات البحرية الباردة و الدافئة .
1-5المناطق الحرارية العامة4 قسم الجغرافيون سطح الأرض إلى مناطق حرارية عامة على أساس توزيع المتوسطات الشهرية و السنوية لدرجات الحرارة و هذه المناطق هي :
1.
المنطقة المدارية: و تمتد هذه المنطقة ما بين المدارين ش6° و تمتاز بدرجة حرارتها المرتفعة طول العام و التي تزيد عن 18°مئوية و بمداها الحراري السنوي القليل مثل مدينة بالما في حوض الأمازون حيث نجد متوسط حرارتها السنوية 26° و المدى الحراري بها السنوي بها 1.5° مئوية .
2.
المناطق شبه المدارية: تقع هذه المناطق شمال و جنوب المنطقة المدارية ما بين خطين أحدهما اتجاه المنطقة المدارية و متوسط درجة حرارته السنوية يزيد عن الـ18° مئوية . و الخط الثاني يقع باتجاه القطبين ومتوسط درجة حرارته السنوية تزيد عن ال 6° مئوية .
تمتاز هذه المناطق بمداها الحراري السنوي الكبير الذي يبلغ 13° مئوية كما هو الحال بمدينة الجزائر العاصمة (متوسط حرارتها السنوية 18°مئوية ومداها الحراري السنوي 12° مئوية).
3. المناطق المعتدلة: تمتد هذه المناطق شمال و جنوب المناطق شبه المدارية و يحدهما خطان أحدهما ناحية المناطق شبه المدارية حيث يبلغ متوسط درة حرارته السنوية 6° مئوية و أكثر و الثاني يقع في اتجاه المناطق القطبية إذ يصل متوسط درجة حرارته خلال الستة أشهر من الفترة الرطبة إلى 6° مئوية .
يميز هذه المناطق التمايز في فصولها إذ تحتوي على المناخ القاري والمحيطي و يمثل الأول مدينة وارسو (التي يبلغ مداها الحراري السنوي 23°مئوية تقريبا) والثاني تمثله مدينة فالانسيا (ويبلغ المدى الحراري السنوي بها حوالي 8°مئوية).
3.
المناطق الباردة: تقع هذه المناطق ما بين المناطق المعتدلة و المناطق القطبية حيث يحدها عن الأخيرة خط حراري تصل درجة حرارته 6° مئوية خلال 3أشهر من السنة أو أكثر , و لا يسود الجهات الباردة صيف بالمعنى حقيقي فهي تمتاز بمداها الحراري اليومي و السنوي الكبير مثل مدينة فيلادفوستك التي يبلغ المدى الحراري السنوي بها (32.9°).
4.
المناطقالقطبية:تنحصرهذهالمناطق فيالدائرة القطبيةالشمالية و الجنوبيةإلى جنوب أوشمال المناطق الباردة تبعا للقطب و يمتاز شتاؤهابطوله وببرودته القاسية أما صيفها فيمتاز هو الآخربقصره و انخفاض درجة حرارته التي تتراوحمتوسطاتها ما بين°1مئوية و الصفر