المبادرة العربية لمواجهة تغيرات المناخ
يبدو أن التغيرات المناخية أضحت معضلة معقدة وحالة مؤرقة لعموم المؤسسات والمنظمات حكومية كانت ام غير حكومية، وباتت تأثراتها تغزو بحدة مناحي الحياة الانسانية خصوصا على المستوى العربي من حيث ظواهر ارتفاع منسوب مياه البحر وتآكل السواحل وإشكال التنمية البشرية كل ذلك امام تزايد مضطرد لنشاطات الانسان الاقتصادية والاجتماعية فضلا عن الاحتياجات البيئية متزايدة.
وقد ارتفعت مستويات سطح البحر في العالم بمعدل 1.7 ميليلمتر في السنة خلال القرن العشرين ومن المتوقع ان تستمر في الارتفاع هذا القرن بما بين متر و3أمتار. ومع ارتفاع سطح البحر مترا إضافيا يقدر في ما يتعلق بالمنطقة العربية حسب تقارير ودراسات متخصصة.
أن يتأثر 3.2 في المائة من سكانها مقابل 1.28 في المائة على النطاق العالمي، و49.1 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي مقابل 1.30 في المائة على النطاق العالمي.
ومع ما يزيد بكثير على نصف سكان المنطقة العربية البالغ عددهم نحو 359 مليون نسمة يقيمون على مسافة 100 كيلومتر من السواحل ومن كون الغالبية العظمى من المدن الرئيسية والنشاطات الاقتصادية في المناطق الساحلية سوف تكون لوقع ارتفاع مستوى سطح البحر عواقب وخيمة على سواحلها ودلتاتها المنخفضة.
وأمام هذا المشهد البيئي العربي المقلق وفي أفق مناقشة الأولويات الوطنية والاقليمية والفرص المتاحة للتعاون بين البلدان العربية في الاستجابة لقضايا تغير المناخ وتطوير توصيات للأنشطة والسياسات التي تستجيب للأولويات وكذا توسيع قاعدة المعارف وتحديد وتيرة الحوار حول السياسات المتعلقة بتغير المناخ في المنطقة ثم حشد عناصر فاعلة رئيسية لمعالجة السياسات والإجراءات الاستراتيجية ذات الصلة، برزت المبادَرةُ العربيّة لمواجهة آثار تَغيُّر المناخ من خلال الاجتماعُ التَّشاوُريُّ الإقليميّ الثاني المنظم من قبل برنامج الامم المتحدة الانمائي لتستجلي الظاهرة وتبحث الحلول والبدائل الممكنة من قبل قادة السياسات وخبرائها لدراسة ديناميات وقع تغير المناخ والسياسات الخاصة به.
وفي حديث مع الخبير المغربي في التغيرات المناخية البروفسور عبد اللطيف الخطابي ،بمناسبة مشاركته في هذا اللقاء التشاوري ، أكد أن هذه المبادرة تأتي في سياق ودواعي تستدعيها المرحلة ولا بد من صياغة سياسة عربية تبحث سبل مكافحة الزيادة الملحوظة لوتيرة الحرارة وشدة الظروف المناخية القاسية وما يترتب عنها من الكوارث و الجفاف والفيضانات والعواصف.
وأفاد أن أهداف المبادرة العربية لمواجهة أثار تغير المناخ تروم نحو تحديد المخاطر المحتملة وسبل التعامل معها بالاستناد إلى المعرفة العلمية. والمساهمة فى صياغة رؤية واضحة على المستوى الوطنى لدمج قضية تغير المناخ فى السياسات الإقتصادية و الإجتماعية و البيئية.ثم دعم آليات ووسائل التنسيق على المستوى الوطني بين مختلف العناصر الفاعلة.
وشدد علىى ضرروة تفعيل فرص التعاون الإقليمى و شبه الإقليمى للإستفادة من الخبرات والتجارب المتوافرة.الى جانب تفعيل الإستفادة من الخبرة العالمية وخاصة في إطار التعاون بين دول الجنوب.والمساهمة في صياغة إطار يسمح بنقل التكنولوجيا الملائمة لاحتياجات الدول العربية.
وعن مجالات تدخل المبادرة أوضح البروفسور الخطابي أن المبادرة تستهدف إشكالية ندرة المياه و الجفاف وارتفاع مستوى سطح البحر و تأكل السواحل والذي تم تناول محوره بالدرس والتحليل مجموعة من المتخصصين ليؤكدوا على وجوب ترشيد استخدام الطاقة والنهوض بمصادر الطاقة المتجددة ثم التنسيق على مستوى السياسات مع التركيز على المستوى المحلي. وذلك بغية إرساء آلية للتشاور بين الدول العربية على مستوى صانعي السياسات والخبراء من خلال عقد ثلاث اجتماعات للمبادَرةُ العربيّة لمواجهة آثار تَغيُّر المناخ في كل سورية ومصر لتعقبها البحرين ثم المغرب.
وودعا البروفسور الخطابي على ضرورة توفير ونشر المعرفة والتقارير حول الموضوعات المختلفة. لتغير المناخ ومحاولة الإجابة على الأسئلة المطروحة لإشكالية ارتفاع مستوى البحر وتآكل السواحل والبحث عن سبل التأقلم ومواجهة التأثيرات المحدقة بمختلف المجالات الحيوية، مشيرا، إلى تدابيرَ ميدانية المزمع مقاربتها من المبادرة العربية للتخفيف من التأثيرات عبر صياغة سياسة مشتركة و توفير الكفاءات والحمولة العلمية لمكافحة التحديات المقبلة.
محمد التفراوتي، كاتب مغربي