لكبريت
لعب الكبريت دورا هاما في الكيمياء العربية، وكان يظن أنه جزء أساسي في كل المعادن، وأن المواد تتكون من الزئبق والكبريت واستعاروا له اسما. وقد اكتشف الكيميائيون أنواعا كثيرة منه وأطلقوا عليها مسميات جمّة مثل: العروس الصفراء، والسر الإلهي، والزعفران .
الكبريت مصطلح عربي مأخوذ من كلمة كبريتو الأكادية عن طريق اللفظ الآرامي كوابهرينا، وقد عُرف كل من الكبريت الرسوبي والبركاني. وفي كتاب المرشد إلى جواهر الأغذية وقوى المفردات من الأدوية للتميمي الذي لا يزال مخطوطا بالمكتبة الوطنية بباريس إشارة إلى موضع يوجد به النوع الرسوبي الأبيض، وهو واقع على ساحل البحر الميت بجوار القدس، والواقع أن كميات من النوع الرسوبي موجودة في الصلصال مختلطة بالجبس وكربيد الكالسيوم على الشاطئ الأيمن لنهر الأردن على بعد ميل من البحر الميت، ويشير الخزرجي في كتابه الرسالة إلى وجود نبع كبريت على جبل 'دماوند' وقد تبلورت حوله الرسوبيات، ويعرف منابع سلفر ( كبريت دورق ) في خورستان. وعلى العموم فهناك أربعة أنواع من النوع الرسوبي يختلف كل منها عن الآخر في اللون ما بين أصفر وأبيض وأسود وأحمر، بل إن الرازي يعدد منها أنواعا: النوع الأول الرسوبي النقي الضخم، والنوع الثاني هو الرسوبي النقي المحبب أي إنه على شكل حبيبات، والنوع الثالث هو الأبيض العاجي اللون، والنوع الرابع الرسوبي المختلط بالتراب، والنوع الخامس الرسوبي الأسود الموجود بالأحجار، والنوع السادس الرسوبي الأحمر، وكذلك تختلف الأسماء من حيث صفته، فهناك الكبريت القاني والكبريت الذهبي وكبريت الذكر وكبريت بحري وكبريت نهري ... إلخ.
والكبريت الأحمر كما يقول أرسطو و ابن البيطار يضيء ليلا ويرى ضوءه على بعد فراسخ عدة ما بقي في موضعه، ويذهب آخرون للقول بأن الكبريت الأحمر إنما هو معدن يوجد في وادي النمل الذي سار فيه سليمان، وقد عرف الرازي أن الكبريت الأحمر لا يوجد على شكل معدن ، ويقرر الجاحظ في كتابه: رسالة في الجِدّ والهزل ندرة هذا النوع من الكبريت .
وقد تحدث مجموعة من الأطباء المسلمين عن فائدة الكبريت الطبية ومنهم: ابن ربن الطبري وابن البيطار، و الكندي و ابن سينا . فالكبريت كعلاج يشفي من الكحة والتقيحات، ويلصق بالصدر لعلاج الربو، ويعالج الجذام وأمراض الجلد بالكبريت، ولو خلط بالنطرون أفاد في علاج الجرب، ويستعمل ضد لسعة الحيوانات السامة، وضد اليرقان والبرد والعرق والنقرس وآلام الأذن والصمم والتيتانوس. وفي كتاب الحاوي في الطب والتداوي للرازي أن الكبريت يشفي الفالج وداء الفيل. وقد امتدح خاصيةَ الشفاء بالتداوي بالمياه الكبريتية الخزرجيُّ الذي أشار إلى العيون الكبريتية وكيف أنها تشفي كثيرا من الأمراض.