خالد بن الوليد
(39 ق.هـ -21هـ)
هو خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي المكي، وكنيته أبو سليمان، أبوه الوليد بن المغيرة المخزومي أحد سادات قريش في الجاهلية، وأمه لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية، أخت أم المؤمنين ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
ولد في مكة المكرمة قبل البعثة النبوية، ونشأ فيها بين قومه بني مخزوم _ ريحانة قريش_ معززاً مكرماً، ولما شبّ كان من أشراف قريش وأحد فرسانها المعدودين.
شهد مع قومه قريش معارك: بدر وأحد، والخندق، ضد المسلمين، واختُلف في وقت إسلامه وهجرته، فقيل سنة سبع بعد الحديبية وخيبر، وقيل في أول سنة ثمان، حيث هاجر مع عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة، وهذه أغلب الروايات، وعندما وصلوا إلى المدينة فرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم وهجرتهم، وقال: " رمتكم مكة بأفلاذ أكبادها".
شهد في سنة (8هـ) غزوة مؤتة جندياً من جنودها ثم اختاره المسلمون بعد استشهاد قادتها الثلاثة، قائداً لهم، فأبلى فيها بلاءً حسناً ورتب عودة الجيش إلى المدينة سالمين، فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه " سيف الله" وقال: " إن خالداً سيف سلّه الله على المشركين " ومنذ ذلك الحين اشتهر بلقب "سيف الله المسلول ".
وشهد في رمضان من السنة نفسها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة، وفتح حنين، وكان على مقدمة الجيش مع بني سليم، وفي السنة العاشرة أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أكيدر صاحب دومة الجندل، فأسره وأحضره عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصالحه على الجزية.
وتجلت بطولة خالد في حروب الردّة ووقعة اليمامة، عندما وجهه أبو بكر الصديق رضي الله عنه سنة 11هـ لقتال المرتدين وعلى رأسهم مسيلمة الكذاب، فكان النصر حليفه.
وفي سنة 12هـ وجهه الخليفة أبو بكر إلى العراق، ففتح الحيرة، ومواقع أخرى في العراق والشام، وأظهر فيهما بطولات فائقة.
وفي سنة 13هـ، وجهه الخليفة أبو بكر أيضاً إلى الشام عوناً لجيوش المسلمين فيها، فشهد عدداً من المواقع في قراقر، وتدمر، ومرج راهط، وبصرى وانتصر فيها وذلك قبل أن يشهد موقعة اليرموك وكان قائدها والمنتصر فيها، ثم فتح دمشق وفحل.
ولاه الخليفة عمر بن الخطاب دمشق بعد فتحها، وكان قد عزله في معركة اليرموك وولى أبا عبيدة عامر بن الجراح مكانه، لئلا يفتتن المسلمون بخالد وانتصاراته، وأن النصر يأتي من عند الله سبحانه وتعالى.
شهد سنة 15هـ مع أبي عبيدة فتح حمص وقنسرين ومرعش ثم أقام بقية عمره مرابطاً في مدينة حمص.
كان خالد بطلاً مغواراً، وخطيباً فصحياً ذا كفاءة بدنية عالية، وقدرة على تحمل الصعاب، ومثالاً في الانضباط وحسن الطاعة، أثنى عليه ولاة الأمر، وأعجبوا ببطولته وشجاعته، وصفه أبو بكر الصديق رضي الله عنه بقوله:" عجزت النساء أن يلدن مثل خالد".
روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 18 حديثاً، وروى عنه عبد الله بن عباس، وقيس بن حازم، والمقدام بن معدي كرب، وغيرهم.
ولما حضرته الوفاة، قال: "لقد شهدت كذا وكذا زحفاً، وما في جسمي موضع شبر، إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح، وها أنذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء". وروي أنه حبس فرسه وسلاحه في سبيل الله.
وكانت وفاته رضي الله عنه سنة 21هـ وقيل سنة 22هـ، في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتوفي في حمص بالشام، وقيل في المدينة، وأغلب الروايات أنه توفي بحمص ومدفون بها وقبره فيها مشهور.
----------------
للتوسع:
ابن عبدالبر _ الاستيعاب 2/11.
ابن الأثير _ أسد الغابة _2/109.
الذهبي _ سير أعلام النبلاء _1/366.
ابن حجر العسقلاني _ الإصابة 1/413.
مسير خالد بن الوليد لهدم العزى
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى العزى ، وكانت بنخلة وكانت بيتا يعظمه هذا الحي من قريش وكنانة ومضر كلها ، وكانت سدنتها وحجابها بني شيبان من بني سليم حلفاء بني هاشم فلما سمع صاحبها السلمي بمسير خالد إليها ، علق عليها سيفه وأسند في الجبل الذي هي فيه وهو يقول
أيا عز شدي شدة لا شوى لها على خالد ألقي القناع وشمري
يا عز إن لم تقتلي المرء خالدا فبوئي بإثم عاجل أو تنصري
فلما انتهى إليها خالد هدمها ، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال ابن إسحاق : وحدثني ابن شهاب الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، قال أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتحها خمس عشرة ليلة يقصر الصلاة قال ابن إسحاق : وكان فتح مكة لعشر ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان .
خالد بن الوليد (توفي 641): من أشهر القادة العرب المسلمين في حروب دولة الإسلام الأولى. حارب ضد المسلمين في معركة أحد 625. أسلم بعد صلح الحديبية في حضرة الرسول محمد (ص). تولى قيادة جيش المسلمين في معركة مؤتة 629 بعد استشهاد زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة، فلقبه الرسول بسيف الله. كلفه أبو بكر الصديق، خليفة الرسول، بقيادة الجيش في عدة معارك خلال حروب الردة، ثم أرسله لفتح العراق 624 ثم زحف إلى سوريا عام فعبر بادية الشام بأقل من ثلاثة أسابيع والتحق بالجيوش العربية التي كانت تتقدم من الجنوب، ففتح بصرى 635. استولى على دمشق 635 بعد حصار دام ستة أشهر. انتصر على البيزنطيين في معركة اليرموك 636 (فلسطين)، وكان أبو بكر قد توفي في هذه الأثناء وخلفه عمر بن الخطاب الذي ولى أبا عبيدة بن الجراح القيادة مكان خالد لأسباب تتعلق بالبلاد المفتوحة، وقد تفوق أبو عبيدة في هذا المجال. يرى البعض أن عمر لم يكن يرضى عن بعض تصرفات خالد. توفي ودفن في مدينة حمص.
خالد بن الوليد بن المغيرة .
سيف الله تعالى , وفارس الإسلام , وليث المشاهد , السيد الإمام الأمير الكبير , قائد المجاهدين , أبو سليمان القرشي المخزومي المكي , وابن أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث .
هاجر مسلما في صفر سنة ثمان , ثم سار غازيا , فشهد غزوة مؤتة , واستُشْهِد أمراء رسول الله , صلى الله عليه وسلم , الثلاثة : مولاه زيد , وابن عمّه جعفر ذو الجناحين , وابن رواحة , وبقي الجيش بلا أمير فتأمّر عليهم في الحال خالد , وأخذ الراية وحمل على العدو فكان النصر , وسمّـاه النبي , صلى الله عليه وسلم , سيف الله , فقال : ( إن خالدا سيف سلّه الله على المشركين ) .
وشهد الفتح وحنينا , وتأمّر في أيام النبي , صلى الله عليه وسلم , واحتبس أدراعه ولأمته في سبيل الله , وحارب أهل الردّة ومسيلمة , وغزا العراق واستظهر ثم إخترق البرية السماوية بحيث إنه قطع المفازة من حدّ العراق إلى أول الشام في خمس ليال في عسكر معه , وشهد حروب الشام , ولم يبق في جسده قيد شبر إلا وعليه طابع الشهداء .
ومناقبه غزيرة , أمرّه الصّدّيق على سائر أمراء الأجناد , وحاصر دمشق فافتتحها هو وأبو عبيدة , عاش ستين سنة وقتل جماعة من الأبطال , ومات على فراشه , فلا قرّت أعين الجبناء .
توفي بحمص سنة إحدى وعشرين .
عن أبي أمامة بن سهل أن ابن عباس أخبره أن خالد بن الوليد الذي كان يقال له سيف الله أخبر أنه دخل على خالته ميمونة مع رسول الله , صلى الله عليه وسلم , فوجد عندها ضبا محنوذا قدمت به أختها حُفيدة بنت الحارث من نجد , فقدّمته لرسول الله , صلى الله عليه وسلم , فرفع يده , فقال خالد : أحرام هو يا رسول الله ؟ قال : (لا ولكنّه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه ) , فاجتررته فأكلته ورسول الله , صلى الله عليه وسلم , ينظر ولم ينه .
عن أبي العالية : أن خالدا بن الوليد قال يا رسول الله إن كائدا من الجن يكيدني , قال : ( قل : أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يُجاوزهنّ برّ ولا فاجر من شر ما ذرأ في الأرض , وما يخرج منها , ومن شر ما يعرج في السماء وما ينزل منها , ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن ) , ففعلت فأذهبه الله عني .
عن عمرو بن العاص قال : ما عدل بي رسول الله , صلى الله عليه وسلم , وبخالد أحدا في حربه منذ أسلمنا .
وقال ابن عمر : بعث النبي , صلى الله عليه وسلم , خالدا إلى بني جذيمة , فقتل وأسر , فرفع النبي , صلى الله عليه وسلم , يديه وقال : ( اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ) مرتين .
عبدالحميد بن جعفر , عن أبيه , أن خالد بن الوليد فقد قلنسوة له يوم اليرموك فقال : إطلبوها فلم يجدوها , ثم وجدت فإذا هي قلنسوة خلقة , فقال خالد : إعتمر رسول الله , صلى الله عليه وسلم , فحلق رأسه فابتدر الناس شعره , فسبقتهم إلى ناصيته فجعلتها في هذه القلنسوة , فلم أشهد قتالا وهي معي إلا رُزقت النصر .
عن قيس , سمعت خالدا يقول : رأيتني يوم مؤتة إندق في يدي تسعة أسياف , فصبرت في يدي صفيحة يمانية
ابن عيينة : عن ابن أبي خالد , مولى لآل خالد بن الوليد , أن خالدا قال : ما مِـن ليلة يُهدى إليّ فيها عروس أنا لها محبّ أحبّ أليّ من ليلة شديدة البرد , كثيرة الجليد في سريّـة أُصبّح فيها العدو .
قال قيس بن أبي حازم : سمعت خالدا يقول : منعني الجهاد كثيرا من القراءة , ورأيته أتي بسمٍ , فقالوا : ما هذا ؟ قالوا : سم , قال : باسم الله وشربه .
قلت : هذه والله الكرامة , وهذه الشجاعة .
قال ابن عون : ولِـيَ عمر فقال : لأ نزعنّ خالدا حتى يعلم أن الله إنما ينصر دينه , يعني بغير خالد .
وعن زيد بن أسلم عن أبيه : عزل عمر خالدا فلم يُـعلمه أبو عبيدة حتى علم من الغير , فقال : يرحمك الله ! ما دعاك إلى أن لا تعلِـمني ؟ قال : كرهت أن أرُوّعك .
وعن أبي الزّناد : أن خالد بن الوليد لما إحتضر بكى وقال : لقيت كذا و كذا زحفا , وما في جسدي شِـبر إلا وفيه ضربة بسيف , أو رمية بسهم , وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت العير , فلا نامت أعينُ الجبناء .