البدل
مفهوم البدل:
يقول الأستاذ عباس حسن في تقريب معنى البدل ((لو سمعنا من يقول: عَدَلَ الخليفةُ، لفهمنا المراد، ولكن يظل في المعنى بعضُ النَقْصِ، إذ يتطلع السامع إلى معرفة هذا الخليفةِ واسمهِ: أهو أبو بكر أم عمرُ أم عثمانُ أم عليٌّ؟ ولو أن المتكلم قال: عَدَلَ الخليفةُ عُمَرُ، ما شعرنا بنقص في المعنى لان (عمر) هو المقصود الأساسي بالحكم، أي هو الذي يُنسب إليه العدلُ ، فليس لفظ (الخليفة) هو المقصود الأصيل بهذا الحكم.
فكلمة (عمر) تسمى بدلا، لأنها المقصودة بالحكم بعد كلمة سبقتها لتمهد الذهن لها، وليس بين الكلمتين رابط لفظي يتوسط بينهما. ولذا يعرفون البدل: بأنه التابع المقصود بالحكم المنسوب إلى تابعه من غير واسطة لفظية تتوسط بين التابع والمتبوع*
أنواع البدل
أ-البدل المطابق ويسمى ايضاً بدل الكل من الكل.
ب-بدل البعض من الكل.
ج- بدل الاشتمال.
د- البدل المغاير
البدل المطابق:
وهو بَدَلُ الشيء مما هو مُطابقُ له مثل قوله تعالى "اهدِنا الصّراطَ المستقيمَ، صراطَ الذين أنْعَمتَ عليهم" فالصراطُ المستقيمُ وصراطُ المُنْعَمِ عليهم يدلان على معنى واحد.
وبذلك تكون لفظة الصراط الثانية هي البدل. وتكون كلمة الصراط الأولى هي المبدل منه ، مثل :
1- واضعُ النحوِ الإمامُ عليٌّ 2-احترمتُ المعلمةَ سعادَ
3-اتفقت مع المقاولِ خليلٍ 4- الطبيبةُ سُهادُ مستشارةٌ معروفةٌ
5- العمادُ صلاحٌ قائدٌ مشهورٌ 6- تهزَُني قصائدُ الشاعرِ محمودُ درويش
7-زارنا هذا الرّحالةُ 8 -أقنعني ذلك الرأي المتّزنُ
9-الصحفيُّ مصطفى بكريُّ ملتزمٌ بقضايا الأمة
في الأمثلة السابقة نلاحظ أن الألفاظ التي تحتها خط، كانت مطابقة لما قبلها في المعنى:
ففي الجملة الأولى كان البدل (علي) مطابقا في المعنى والإعراب لما قبله (الإمام)
وفي الثانية كان البدل (سعاد) مطابقاً في المعنى والإعراب لما قبله (المعلمة)
وفي الثالثة كان البدل (خليل) مطابقاً في المعنى والإعراب لما قبله (المقاول)
وفي الرابعة كان البدل (سهادُ) مطابقاً في المعنى والإعراب لما قبله (الطبيبة)
وفي الخامسة كان البدل (صلاح) مطابقاً في المعنى والإعراب لما قبله (العماد)
وفي السادسة كان البدل (محمود) مطابقاً في المعنى والإعراب لما قبله (الشاعر)
وفي السابعة كان البدل (مصطفى) مطابقاً في المعنى والإعراب لما قبله (الصحفيّ )
وفي الجملة الثامنة كان البدل (الرحالة) مطابقاً في المعنى والإعراب لما قبله (هذا)
وفي الجملة التاسعة كان البدل (الرأي) مطابقاً في المعنى والإعراب لما قبله (ذلك)
بدل البعض من الكل:
وهو الذي يكون فيه البدل جزءاً حقيقياً من المبدل منه وهو بدل الجزء من الشيء كله.
صَرَفْتُ المالَ رُبْعَهُ أو نِصْفَهُ أو ثُلْثَهُ عالجَ الطبيبُ المريضَ رأسَه
جاء والداك : أُمُّكَ وأبوك هَبَطَ الطائر على العمارةِ برجِها
أُعْجِبْتُ بالكتابِ غلافِه أَنْجَزْتُ البحثَ فهارسَهُ
فكلمة (ربع) الواردة في الجملة الأولى هي جزء من كل من المال وهي منصوبة على أنها بدل بعض من كل وكذلك ( نصْفَهُ ) و( ثُلْثَهُ )
و( رأس ) في الثانية هي جزء من المريض. و(أُمّ) في الثانية هي جزء من الأبوية وهي مرفوعة على أنها بدل.
و(برج) في الجملة الرابعة هي جزء من العمارة، وهي مجرورة لأنها بدل من مجرور.
و(غلاف) في الجملة الخامسة هي جزء من الكتاب، وهي مجرورة لأنها بدل من مجرور
و(فهارس) في الجملة الأخيرة هي جزء من البحث، وهي منصوبة لأنها بدل منصوب
ويلاحظ أن المفردات الواقعة بدلاً في الجمل كلها ارتبطت بالاسم الذي أبدلت منه بضمير يعود على ذلك الاسم ويطابقه . ويلاحظ ايضاً أن بدل البعض من الكل هو جزء حسيّ -ماديّ- من المُبدل منه
بدل الاشتمال:
وهو بدل الشيء مما يتضمنه ويشتمل عليه، شريطة ألا يكون جزءاً حقيقياً –حسياً- من أجزاء المُبدل منه. مثل:
أعجبني الطبيبُ لطفُهُ : لطفُ :بدل مرفوع من فاعل
أحببتُ القائدَ شجاعتَهُ : شجاعة: بدل منصوب من مفعول به
وأُعجِبْتُ بالوردةِ رائحتِها : رائحةِ: بدل مجرور من مجرور
استاء المشاهدون من المذيع بذاءَتِهِ : بذاءَتِهِ :بدل مجرور من مجرور
تشدني الفضائيةُ . . . برامجُها . برامج ُ: بدل مرفوع من فاعل
فكلمة (لطف) وهي بدل اشتمال من الطبيب، اذ اللطف سمة من سمات أخلاق الطبيب ولكنها ليست جزءاً حسيا منه مثل اليد والعين والرأس. وكذلك (شجاعة) هي بدل اشتمال مرفوع من القائد. والأمر نفسه يقال في (رائحة) هي
بدل مجرور من الوردة، وليست الرائحة جزءاً من مكونات شجيرة الورد كالساق والأوراق والأزهار. ومثلها (بذاءة) فهي مما تشمله أخلاق المذيع، وليست جزءاً خَلْقياً منه. أما (برامج) في الجملة الأخيرة فهي بدل مرفوع من الفضائية التي قصدنا ألا نسميها . . . سموها انتم !! وهي من السمات المعنوية للفضائية تلك
يلاحظ في بدل الاشتمال أن المفردات الواقعة بدلاً ارتبطت بالاسم الذي أبدلت منه بضمير يعود عليه ويطابقه .ويلاحظ ايضاً أن البدل في هذا النوع هو جزء (شيء) معنوي مما يشتمله المبدل منه، وليس شيئاً من مكوناته الخَلْقيّةِ.
البدل المغاير (المباين)
وهو إبدال الشيء مما يغايره (يخالفه) بحيث لا يكون مطابقاً له في المعنى، ولا بعضاُ منه،
ولا يكون المبدل منه مشتملاً عليه وهو يقع في الكلام، ولا يجوز أن يقع في الكتابة.
ويقسم إلى قسمين:
أ-بدل الغلط والنسيان
وفيهما يُذكرُ المبدلُ منه خطأً، ويأتي البدلُ ليُصَوّبَ الخطأَ ويتدارك المتكلّمُ ما وقع فيه من خطأ. مثل أن يذكر المتكلم جملة بدل : بنى الرومانُ الأهراماتِ ، ثم يفطن انه اخطأ فيعود ليقول:
بنى الفراعنةُ الأهراماتِ أو يقول آخر: صَلَّيْتُ البارِحَةَ الظُّهْرَ في الحقلِ ، ثم يتنبه فيقول : صليت البارحة العَصْرَ في الحقل.
فقد ذُكرت في الجملتين كلمتان خطأً هما الأولى (الرومان) والتي صوبها المتحدث بكلمة (الفراعنة) والثانية (الظهر)
والتي صوبت بكلمة (العصر)، حيث اعتُبرنا من نوع بدل الخطأ والنسيان أي أن المفردتين (الفراعنة والعصر) ليستا بدل غلط وإنما هما تصويبان للغلط .
ب- بدل الإضراب
وهو الذي يَطلبُ فيه المتحدثُ إلى المستمع أن ينصرفَ ( يُضْرِبَ) عن أمرٍ ذَكرهُ له ويتجه إلى غيره ، كأن يقول له سافر بالطائرة، ثم يعود ليقول له سافر بالباخرة. أي انه صرف النظر عن المعنى الأول واتجه إلى الأخر.
هذا ويجب إلا يرد هذان النوعان من البدل في الكتابة، وحتى في الكلام فإن المتحدث مطالب بأن يتجنبهما ما استطاع لِيُجَنَّبَ المستمعَ الإرباكَ الناجمَ عن عدم الثقّةِ في تلقيه الرسالةَ بوضوح من جانب المرسل. ويُجَنِّبَ نَفَسَهُ الإرباكَ الذي يتسببُ فيه النطقُ بالخطأِ والحَرَجِ الذي يَتَرتّبُ على إعادةِ الحديثِ من أجْل تصحِيحِه. ومن هنا فإن الوقاية من الوقوع في الخطأ أثناء الكلامِ تظلُ أحسنَ من الوقوعِ فيه ثم علاجِه، ولكنّ العِصّمَةَ من الخطأ لا تكونُ للبشر، ولأن أحداً غيرُ معصوم منه. فإن على المتحدث أن يتدارك خطأهُ ويصَوّبَهُ على الفورِ وبخاصةٍ قارئي نشرات الأخبارِ في الإذاعةِ والتلفزيون.
أحكام تتعلق بالبدل
لا يُشترط أن يتطابقَ البدلُ والمبدلِ منه في التعريفِ والتنكير، فقد يكونُ المبدلُ منه نكرةً والبدلُ مَعْرِفَةً مثل قوله تعالى "إلى صراطٍ مًستقيمِ صراطِ الله".
إلى صراطٍ مًستقيمِ صراطِ الله
إلى: حرف جر
صراط : اسم مجرور ، والجار والمجرور متعلقان بفعل(اهدِ)
مستقيم : صفة مجرورة علامتها تنوين الكسر
صراط: بدل مطابق من صراط الأولى مجرورة مثلها، وهي مضافة
الله: لفظ الجلالة مجرور بالاضافة
حيث أبدلت (صراط الله - وقد عرفت بإضافتها إلى لفظ الجلالة وهي معرفة - من صراط الأولى وهي نكرة موصوفة). ومثل قوله تعالى "لَنَسْفعاً بالناصيةِ ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ" حيث كان البدل (ناصية) نكرة، وكانت (الناصية) المبدل منه مُعرَّفة بال التعريف .
لنسفعاً – لنسفعن : اللام حرف مبني على الفتح، للتوكيد
نسفعاً – نسفعن : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد وفاعله ضمير
مستتر تقديره نحن-يعود للفظ الجلاله
بالناصية : جار ومجرور متعلقان بالفعل- نسفعن-
ناصية : بدل من -الناصية- مجرورةٍ مثلها.
كاذبة : صفة مجرورة لـ (ناصية)
خاطئة : صفة مجرورة –أخرى-لـ ( ناصية)
يبدل الاسم الظاهر من الاسم الظاهر كما مر. ولا يبدل المُضْمَر من المُضْمَر أما قولنا (عُدت أنت) و(مَررتُ به هو) حيث تعرب أنت توكيد للضمير المرفوع وهو: توكيد للضمير (ه) في محل جر. وكلا المثالين من باب التوكيد لا من باب البدل.
يبدل الاسم الظاهر من الاسم الظاهر كمامر ، ويبدل الفعل من الفعل مثل: "ومَنْ يفعلْ ذلك يلقَ آثاما، يُضاعفْ له العذابُ" حيث كانت (يُضاعَفُ) بدلاً من (يَفعلْ) .
كما تبدل الجملة من الجملة مثل "أَمَدّكم بما تعلمون ، أَمَدّكم بأنعامٍ وبنين" فجملة (أمدكم بأنعام وبنين) المكونة من الفعل والفاعل المقدر والضمير الواقع في محل نصب مفعول به والجار والمجرور والمعطوف عليه: هذه الجملة وقعت بدلاً من الجملة الأولى المكونة من الفعل والفاعل والمفعول به.
ملاحظة : إذا أُبدل اسم من أسماء الاستفهام، أو اسم الشرط، يجب ذكر همزة الاستفهام
أو أن الشرطية مع البدل مثل:
كم أولادك؟ أثلاثة أم أربعة
ما تَصْنَعْ إن خيرا وإن شرا تُجْزَ به
كم أولادك؟ أثلاثة أم أربعة
كم : اسم استفهام في محل رفع خبر مقدم
أولادك : مبتدأ مرفوع مؤخر وهو مضاف والكاف في محل جر
أثلاثة : الهمزة للاستفهام وثلاثة بدل من كم مرفوع
أم : حرف عطف
أربعة : اسم معطوف على مرفوع
ما تَصْنَعْ إن خيرا وإن شرا تُجْزَ به
ما : اسم شرط مبني على السكون في محل نصب مفعول به
تصنع : فعل شرط مجزوم علامته السكون
إنْ : حرف شرط مبني على السكون
خيرا ً: بدل منصوب من محل (ما)
تجز : جواب الشرط مجزوم علامته حذف حرف العلّة - الألف –