الشعراء الصعاليك
المقدمة
وإن سن يقراء عن الشعراء الصعاليك سن خلال قراءه عابده غير فاحصة أد مدققة أو بحث عميق يخرج نتيجة غير دقيقة أو تصميم غير سليم . فربما يذهب إلى أن طائفه في الشعراء عاشوا على السلب والنهب لا يمكن أن يحملوا في أنفسهم معنى في معاني الشجاعة والكرم وعزة النفس وهذا نتيجة الحكم المتسرع الذي يقوم على أساس خاطئ, وعليهم أن يعيدوا النظر في هذا الزعم.
فبعد دراسة لبعض الطواهد التي تتعلق في هؤلاء الشعراء وجدت أنهم يحملون أروع معاني الكرم والرفعة والأباء والشجاعة والبطولة التي قلما نجدها عند غيرهم فمن عاشوا بين أهلهم أعزاء كرماء لم يعيشوا ما عاشوه هؤلاء الصعاليك فهم عاشوا متشردين ليس لهم مال إلا سيوفهم ودمائهم بها يقاتلون ويمدون بها رزقهم .
وأول ما نتناول في الدراسة هو التفسير الاجتماعي لهذه الظاهرة ورأيت أنها أقوى الأسباب التي كعلتهم أبطالاً كرماء فقد أنجبت هذه العادات الاجتماعية طائفة في الشعراء الذين أطلق عليهم الشعراء الصعاليك, ما لديهم في عزة نفس وكرم وأقدام وعدم الخوف في الموت والطائفة تبنى قوية غير مبالية.
ثم مناولة بعض المزايا التي وجدت عندهم مع النظر في نصوص شعرية مدعمة لهذه المزايا في خلال دراسة دواوين بعض هؤلاء الشعراء المتوفرة, خرجت نتيجة أن هؤلاء الشعراء هم الأبطال المعينون مع ما لديهم في صفات السلب والنهب. وأرجو أن أكون قد وفقت في تقديم ما هو مفيد لي وللمطلعين على هذا العمل المتواضع .
تعريف الصعلكة:
عرف العصر الجاهلي ظاهرة هي ظاهرة التصعلك قام بها عدد من الأفراد الذين أخرجوا من القبيلة لسبب أو لأخر وسوف ابحث بها في مكان أخر في هذا البحث. ولكنهم استطاعوا أن يجدوا لأنفسهم حيناً في هذه الحياة اختطوها بعزمهم وقوتهم ومما تحلوا به في صفات ساعدتهم على الاعتماد على أنفسهم في حر الصحراء وبردها وردع الحياة وقسوتها معتمدين في ذلك على سيوفهم ورماحهم وسرعة عددهم فهم أبطالاً خلدوا لنا صوراً جميلة تصور لنا ما تملوا به من بطولة وشجاعة وعفة نفس في خلال ما نطلع عليه في شعرهم.
ولهذا لا بد أن نتعرف على المصطلح الذي أطلقه اعتماد,الجاهلي على هؤلاء الطائفة في الشعراء.
" فالصعلوك لغة هو الفقير الذي لا مال له ولا اعتماد , وقد تصعلك الرجل إذا كان كذلك .
قال حاتم الطائي.
غنياً زماًنا بالتصعلكِ والغنى
فكلاً سقاناهُ بكأسيهما الدهرُ
ويقال: تصعلك الإبل إذا خرجت أوبارها , وانجردت قطرطتها .
" وصعاليك العرب وؤبانها "
إذا الصعلكة الفقر في الأصل. ولكن لن نقول بأن جميع الصعاليك كانوا في طبقة الفقراء فهم مزيج من فئات متنوعة حيث نجد منهم الفقير المسكين وفيهم الفقير الشرس الذي يستطيع أن ينال فوته بسيفه ورمحه. وفيهم القبيل الذي لا يرضى أن تمس كرامته ولو كان ذلك على حسابه فهو يبقى في الجوع مقابل أن لا تمس كرامته . وفيهم الشهم الذي يشفق على رفاقه الصعالمصلحته.ف فيغزو ويعطيهم عروة في الورد. وفيهم النذل اللئيم الذي لا يتطلع إلا لمصلحته . وفيهم الفاتك الذي لا يرحم ولا يجد مانعاً يمنعه في قتل الشخص الذي يملك مالاً, فهنا هو الشتقري في بفخر بأنه والد أسرة, فيتم الأولاد ورمل النساء ومات طافراً.
" فأتمت نسواناً وأيتمت ولدة وَعُدتُ كما ابتدأت والليل أليل
إذ تنطوي تحت الصعلكة أنواع كثيرة في هؤلاء الشعراء الذين تختلف أسباب الواحد منهم عن الأخر فمنهم من كانت أمه حبشية سوداء معنى نيذهم أساءهم ولم يلحقوهم بهم ومجموعة احترفت الصعلكة احترافاً وأخرى خُلعت في القبيلة وهي الظاهرة الني سوف أقف عندها طويلاً للبحث فيها.
إن ما جعلني أتطرق إلى هذا الموضوع هو ارتباطه الوثيق في بدور البطولة عند هؤلاء الطائفة في الشعراء فأن هذه الظاهرة قد أنجبت لنا أبطالاً كالوا في الصحراء وفي جبال الحجاز واليمن والطائف وغيرها في البلاد التي كانت لهم موطناً منه يعيشون فهم يغيرون على تلك المناطق في جبالها وسهلها فيتحملون وعورة جبالها وقسوة حرها وبردها لكي يعيشون مرفوعين الرؤوس يعيشون كرماء ليس لأحد عليهم سطوه ولا يحتاجون لغيرهم غي وأي شيء يقول الشتقري:
" وأستق تدب الأرض كيلاً بُدى له علي سن الطول, أسرؤً فتطولُ "
وقد بحث في هذه الأسباب الاجتماعية الدكتور يوسف خليف ذاكراً هذه الأسباب مالها في علاقة في إنجاب هؤلاء الشعراء فيقول في ذلك:
إن العصبية القليلة هي التي كان في شئنها إن توجد هذا النوع في الشعراء فيقول " العصبية المقصود بها التعرف على ذوي القربى وأهل الأرحام أن يناظم ضم أو تصيبهم هلكة أو هي " إحساس الفرد برابطة القبيلة. واجب تأيد مصالحها . والسقل لها بكل ما يحلك من قوة "
فيجب على الفرد أن يكون موالياً لقبيلته فما يطرأ على القبيلة فهو ملزوم به, فالقبيلة كجسم الإنسان إذا اشتكى فيها فرد فأن جميع أفراد القبيلة يشتكون له ويقعون معه بكل ما لديهم فيقول في ذلك الدكتور يوسف خليف " في الجريدة تشترك العشيرة " وعليه فإن جميع أفراد القبيلة يشتركون في الجريدة التي يأتي بها أحد أفراد القبيلة.
ومقابل ذلك كله فأن هنالك حقوق وواجبات على الفرد يجب أن يلتزم بها فلا يعني أن يخرج الفرد على نظام القبيلة ولذلك ظهر في النظام القبلي في الجاهلية ما يسمى " الخلع " وهو الطرد فإذا خرج أحد أفراد القبيلة على نظام القبيلة فأنه يخلع في القبيلة ويخرج من حمايتها كمن قتل فرداً في أفرادها يغير حق أو يعصى أمراً في أوامر أحد رجالات القبيلة أو أن تكثر جرائد أحد أفراد القبيلة فتصبح القبيلة غير قادرة على حمايته أو أجارته أو أن يسوء سلوك أحد أفراد القبيلة في الناحية الأخلاقية فلا يبقى أمام القبيلة سوى طرده من القبيلة وإخراجه من حمايتها وأكبر مثال على ذلك الشاعر الصعلوك أبن الحدارية قال أبو عمرو: " وكان أين الحدارية أصاب دماً في قوم من خزاعة وهو ناس من أهل بيته, فهربوا فتذلوا في فراس بن عنيم, ثم لم يلبثوا أن أحسابوا أيضاً رجلاً, فهربوا فتذلوا في الجيلة على أسد بن كرز فأداهم وأحسن إلى قيس وتحمل عنهم ما أحسابوا في خزاعة وفي فراس.
وقال أبو عمرو " ولما خلعت خزاعة قيساً, تحول عن قومه وتدل عند بطن في خزاعة, يقال لهم بني عدي عمرو بني خالد فأوده وأحسنوا إليه وقال بمدحهم
جزى الله خيراً عن خليع مطرد رجالاً حموه أل عمرو بن خالد
فليس كمن يغزو الصديق بنوكه وهمته في الغزو وكسب المزاود
ونتيجة هذا الخلع زهرة الشعراء الصعاليك الذب ولد عندهم نوعاً في عزة النفس التي جعلتهم أبطالاً يعتمدون على أنفسهم وجعلوا في قبائلهم أهدافاً لهم يعتبرون عليها ويسلبون فيها فيعيشون به كما نهم كانوا يقدمون المساعدة إلى غيرهم وقد يثأر بفضلهم غيره على نفسه كما سنرى عروة بن الورد الذي عرف بأبي الصعاليك فقد عرف بكرمه وشجاعته ما تمد به في بطوله. الشتعري الذي يسنق نهر ب الأرض خير له في أن ينفصل عليه أحدهم فإن ذلك أشد أنواع البطولة.التي تميز بها هؤلاء الشعراء وفي ذلك يقول تحفض ديوان عروة بن الورد بشرح أبن السكتب: " كانوا رجالاً أسوياء ,يتصدقون في الحياة كما انتصرت سواهم في الناس وكلن المجتمع حرمهم كل وسيلة في وسائل الكسب والعمل والعيش فذاقوا حرارة الجوع والحرمان كان بعضهم يغمى عليه من الجوع حتى يكاد يهلك , وكان بعضهم يشق ترب الأرض كبلاً يتحمل فيه المطولين وهكذا وجدوا أنفسهم بين أمرين لا ثالث لهما إما أن يرضوا بالجوع والحرمان بتكون الناس ويسألونهم صدقات وعطايا , وإما أن يرفضوا الجوع والحرمان ويعيشوا وؤبناً وصعاليك ينالون قوتهم بسيوفهم , ويعدون وراء أرزاقهم بأرجل تستبق الخيل والطير والوحش فإذا نالوا رزقهم قداك وألا ماتوا أبطالاً "
فإذا تتبعنا مسيرة عيشهم نجد أنهم أول حياتهم كانوا أفراداً عاديين ثم أصبحوا منبوذين وذلك بفعل القوانين التي احطتها الحياة القبيلة ثم أصبحوا متشردين ليس أمامهم إلا السلب والنهب والعيش بين الحياة والموت ليس لهم صديق إلا الحيوان يديلاً عن أفراد القبيلة التي تتسم بصفات سيئة وهذه الصفات لا توجد عند الحيوانات فيقول في ذلك الشتعري:
ولي دونكم أهلون يسد عملس وأرقطُ زهلولٌ وعزباء جئيلُ
هم الرهط لا مستودع أتشرد ذائح يدعم ولا جاني لما حر يخذلُ
وهنالك أسباب أخرى ساهمت في ظهور هذه الطبقة من الشعراء ولأكنها ليس لها علاقة مباشرة بالظاهرة التي تدرسها ومنها البيئة الجغرافية التي سهلت عليهم السلب والنهب والمثال على ذلك هو قبيلة هذيل التي كثر فيها الصعاليك وذلك يعود إلى قربها من جبال الشراه الني جعلوها لهم ملاذاً بسبب صعوبة الوصول إليها بسبب وعورتها وعدم وصول الخيل إليها.
ومما سبق نجد أن الشجاعة والبطولة هي الظاهرة البارزة التي نولد من العصيبة القبلية وما تنتج عنها في خلع بعض أفراد القبيلة كما خلقت عدداً من الميزات غلبت على هؤلاء الشعراء التي سوف نتحدث عنها ذاكرين هذه الميزات مع نماذج عليها في شعر هؤلاء الشعراء .
ميزات الشعراء الصعاليك :
الميزة الأولى :
"الثورة على المجتمع والعزة والإباء, ورفض الظلم والذل والحرية في تحديد علاقتهم بمجتمعهم ما دام هذا المجتمع يريد أن يفرض عليهم عبوديته "
* أما الميزة الثانية التي تميزوا بها " الشجاعة والأقدام فكانوا لا يرون للخوف معنى وكان الموت في أفواههم أحلى في الشهد وألمذب , فالموت يلقاه المقيم بين أهله كما يلقاه البعيد عنهم سواء بسواء "
فقد كانوا يبحثون عن رزقهم في الليل الحالك وفي البرد الشديد والحر المهلك وفي المغاور الغامضة وبين حيواناتها من ضباع وأسود وثعالب وأفاعي وليس لهم مال إلا سيوفهم ورماحهم يتنقلون بها في الجبال الوعرة والمناطقة الغامضة ليبحثوا في رزقهم .
ورغم ذلك كله فإن هؤلاء لم ينسوا أطفالهم من الذين لم يجدوا لهم موتا فقد كانوا برغم ما كانوا فيه من جوع يحرمون أنفسهم الطعام لكي يطعموا أقربائهم من الفقراء الذين ليس لهم قوة ينالوا بها طعاماً أو رزقاً
*أما الميزة الثالثة "كرم اليد والنفس " وهذا الكرم يتمثل خير تمثيل عند الشاعر عروة بن الورد الذي يقول :
أتهزأ مني أن سمنت وأن ترى بجسمي من الجوع, والجوع جاهد
لأني أمروء عافي إنائي ستتركة وأنتَ امرؤ عافي وإنائك واحــد
أقسم جسمي في جسوم كثـيرة وأحسو قراح الماء , والماء بارد
فهو يقول أنه عافي الإناء أي أنه يترك فرداً أخر غي إنائه, في حين إن غيره لا يجد من يشاركة في الإناء وهذا دليل على الكرم , وهو نوع من أنواع البطولة , فإذا طرقتني أحد وعدني شريكاً له من إنائي .
ثم يقول إنه يقسم طعامه بينه وبين ضيفه وفي بقربه في الميدان ولو كان ذلك يجعلني أحسوا فراحُ الماء والماء الذي لا لبن فيه أو الماء الباردُ .
فهي صورة بطولية رائعة صورها لنا عروة بن الورد من خلال تصوير كرمه , وما تملى به طيب نفسه وقدرته على التحمل في سبيل إطعام عنتره ويؤثرهم على نفسه وقديما قالوا عن عروة بأنه عروة الصعاليك أو أبا الصعاليك .
هذه صورة في كثير من الصور التي ظهرت في شعر عروة بن الورد تمثل لنا بطولته وكرمه .
وفي أروع الصور التي تمثل البطولة والإقدام وعدم الخوف من الموت والقبال عليه بنفس باردة ما جاء في شعر السلبك في السكلة حيث يقول واضحاً ذلك:
أخرج الفحام, واعجلخائضً غمرةوقذف السرج عليه واللجام
وخبر الفتيان وإني خائضً غمرة الموت , فمن شاء أقام
يدعو السلبك غلامه أن يسرج فرسه المشهود اللجام , وأن يعمل في ذلك ثم يوجه رسالة في جماعة من الفرسان أنه سوف يخوض غمرة الموت , ومن أراد أن يخوضها معه فكان له ذلك ومن أبا فله ذلك .
فإن البطولة نبذة واضحة جلية في هذه الأبيات ومن لا يخشى الموت غير البطل المقدام الذي حمل روحه على أكفه .
ونعود إلى عروة بن الورد وما صوره في شعرة في بطوله وإقدام في الحرب حيث ينفي عن نفسه أن يكون جباناً فاراً من الحرب وفي ذلك يقول :
"أتحجل أقدامي إذا الخيل احجت و كري , إذا لم يمنع الدبر مانعُ
سواءً ومن لم يقدم المهر في الوغى ومن دبره عند المهر هز ضائعُ
بكفي من المأثور كالملح لونه حديث بأخلاقي الذكورة , قاطعُ
فأتركه بالقاع , وهنا ببلدةٍ تعاوره فيها الضباع الخوامعُ
محالف قاع , كان عنه بمعزلٍ ولكن حين المرءِ لابد واقعُ
فلا أنا عاجرةِ الحري مشتكٍ ولا أنا مما أحدث الدهرُ جازع ُ
ولا بصري عند الهياج بطامحٍ كأني يعيدٌ فارق الشوك نازعُ
ففي هذه الأبيات ينفي الشاعر في أولها عن نفسه صفة الجبن بأنه يقول " أتجعلني وأنا الشجاع الذي يقدم ويكر حين يهجم الفرسان , ويمنع عرضه في منزلة الجبان الذي يتأخر في الحرب ويضيع حماه في الشدائد .
شجاعته وأقدامه في الحرب وعدم محاولته الهرب كما يفعل غيره " فهو لا يشتكي من عقابيلهم وما تجره من مصلئب . ولا يفزع من تقلبات الزمان , وعندما تبلغ المعركة ؤروتها يهداء ويكن بصده ليكشف مواقع العدو , ولا يطمع بمصيره في كل مكان باحثاً عن مهرب وكما بفعل البعيد حين يفارق الأباة ويحن إليها ! "
وهذه الصورة تمثل غاية القوة والشجاعة والثبات في المرة وعند الشدائد وهي جميعها تصب في قالب البطولة التي نحن في مجال البحث فيها .
ويتحدث نأبط سراً عن نخوته ومساندته للرفيق إذا دعاه واو كان عليه أن يواجه اثنين أو ثلاثة من الأبطال أمثاله , أنه لا يقضي عن نجدته , بل لو أن أي أنسأن استنجد به فهو لابداور أو تجازع أو يتكلأ .
إذا ما تركت صاحبي لثلاثةٍ أو إثنين مثلينا , فلا بت أمناً
وما كنت أباءً على الخل إذ دعا ولا المرءِ , يدعوني حُمراً , مُداهِياً
فهو يدعو على نفسه إذا تمكن عن صديق خوفاً من ملاقاة الأعداء إذا كانوا اثنين أو ثلاثة فهو بذلك ينفي عن نفسه التخلي عن الصديق فهو لا يخذل الصديق إذا دعاه ولا يداور أو يجازع أي إنسان يستنجد به.
" ويحدثنا الشتقري عن جرأته وإقدامه, ومغامراته في الوديان والصحراء, وفي مكان ألفه الجن, وسكنت به الأشباح حتى بات نجاة المغامرون الشجاعان. وكيف أقدم لجرأة وشجاعة على السير فيه وقت مبكر قبل أن يتطاير الندي عن أوراق الشجر:
وواد بعيد العمق خَنك جماعة
بواطنة للجن والأسد تتألَفُ
تَحسنتُ منه بعدما سقط الندى
غما ليلَ يخشى غيلها المتعسفُ
وقد يستغرب بعضهم أن تكون الفروسية والبطولة في شيم لصوص وقطاع طرق وفي الحقيقة إن عرب الجاهلية قد قحروا بهذه العادات وكانوا في الوقت نفسه يقحرون بالجوار والنصرة والنجدة والعفة والكرم ومع ذلك لم يكن هنالك تناقصاً في بين هذه الأعمال التي نعتبرها خارجة على القوانين والقيم , فغياب السلطة والقانون العام الذي يدعى الحقوق والواجبات تبقي الأمور مضطربة .
"فالصعاليك لم يبتعدوا عن هذه القاعدة العامة ؟إلا في كون أبناء القبائل المنتظمين كانوا يسطون ويقتلون ويسلبون ضمن حدود العداوات التقليدية بين قبائلهم , ولا يتجاوزون ذلك إلى سلب المسافرين المنرفدين أو الحي الضعيف المتخلف عن مجموع القبيلة ويتحاشون القل في غاراتهم , قدر ما يستطيعون إبعاداً للثارات .
بينما الصعاليك, في خروجهم على مجتمعهم أو في رفز مجتمعهم لهم, اعطوا لأنفسهم الحق في الجريمة والانتقام منه. وما كان مزيد في القتل ليعدل كثيراً في المناسبات التي انتقلوا بها كأهلهم ولا في الثأرات التي تلاحقهم. وكانوا يفلسفون غاراتهم بأنها لأجل الاستمرار في المياه, ودرع غائلة الجوع الذي سلطه عليهم في ازدراهم.
فقد وجدنا الشعراء الصعاليك يفخرون بما تملو به من كرم وعزة نفس وشجاعة وبطولة وإقدام وغيرها من القيم التي صوروها خير تصوير من تحملهم وهذه الصفات أكبر دليل على توفر هذه الصفات فيهم.
المصادر والمراجع
1- كتاب الأغاني : أبي الفرج الأصفهاني- المجلد الرابع - تحقيق وشراف لجنه من الأدباء – الدار التونسية للنشر – دار الثقافة بيروت – طبعة 1983 .
2- لسان العرب – أبن منظور – دار صادر – المجلد العاشر .
3- ديوان عروة بن الورد – يعقوب بن اسحاق المتوفى سنة 244هـ
4- ديوان السلبك بن السكلة – قدم له وشرحه الدكتور سعد بن الصاوي – الناشر: دار الكتاب العربي – الطبعة الأولى ( 1415هـ - 1994 ) – جميع الحقوق محفوظة لدار الكتاب العربي بيروت.
5- ديوان الشتقري – عمرو بن مالك سنة 70هـ - جمعه وحققه الدكتور إميل بديع يعقوب الناشر : دار الكتاب العربي – الطبعة الأولى 141هـ- 1991م.
6- الشعراء الصعاليك في الشعر الجاهلي – الدكتور يوسف خليف – الطبعة الرابعة – دار المعارف – كلية الدراسات الأدبية.
الفهرس 1
- تعريف الصعلكة 2-3
-التفسير الاجتماعي لظاهرة الصعلكة 4-7
- ميزات الشعراء الصعاليك ونماذج في اشعارهم 8-13
- المصادر والمراجع 14