منتدى التربية و التعليم تلمسان
اهلا بالزائر الكريم يرجى التسجيل للافادة و الاستفادة
سجل لتتمكن من تصفح المنتدى
منتدى التربية و التعليم تلمسان
اهلا بالزائر الكريم يرجى التسجيل للافادة و الاستفادة
سجل لتتمكن من تصفح المنتدى
منتدى التربية و التعليم تلمسان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى التربية و التعليم تلمسان

لتحضير جيد للامتحانات و الاختبارات لجميع المستويات
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  العاب فلاشالعاب فلاش  
تعلم ادارة المنتدى انه تم فتح مؤسسة رياض باروتجي لبيع ادوات الحاسوب و الشبكة باسعار جد مناسبة على الرغبين في التواصل و تقديم اللطلبات ترك رسالة خاصة لمدير المنتدى
تعلم ادارة المنتدى انه تم فتح مؤسسة رياض باروتجي لبيع ادوات الحاسوب و الشبكة باسعار جد مناسبة على الرغبين في التواصل و تقديم اللطلبات ترك رسالة خاصة لمدير المنتدى
Awesome Hot Pink
Sharp Pointer
المواضيع الأخيرة
» حصرى تحويل رائع لirissat6800 hd الى جهاز AB CryptoBox 400HD وFerguson Ariva 102E-202E-52E HD
غزوات و معارك Emptyالجمعة ديسمبر 06 2019, 00:54 من طرف saad sa

» أسطوانة الاعلام الآلي سنة أولى ثانوي علمي
غزوات و معارك Emptyالجمعة أبريل 07 2017, 13:09 من طرف mhamedseray

» مذكرات تخرج في التاريخ
غزوات و معارك Emptyالأحد يناير 08 2017, 23:30 من طرف hawarkmirza

» _ كــيفــيــة ادخــال شفرة الجزائر الارضية الجديدة على مختلف الاجهزة
غزوات و معارك Emptyالسبت يناير 07 2017, 01:29 من طرف bobaker1992

» قرص خاص بالتدريس عن طريق المقاربة بالكفاءات
غزوات و معارك Emptyالخميس نوفمبر 24 2016, 22:48 من طرف حسان عبدالله

» شروط و طلبات الاشراف للاعضاء
غزوات و معارك Emptyالسبت سبتمبر 10 2016, 21:37 من طرف محمد عصام خليل

» فروض واختبارات لمادة العلوم الطبيعية ثانية ثانوي
غزوات و معارك Emptyالجمعة فبراير 26 2016, 10:19 من طرف mhamedseray

» مواضيع مقترحة للسنة الخامسة ابتدائي لمادة دراسة النص
غزوات و معارك Emptyالجمعة يناير 22 2016, 00:32 من طرف ouassila-2012

» قرص اللغة العربية
غزوات و معارك Emptyالجمعة نوفمبر 27 2015, 13:57 من طرف بنت القالة

» القانون الأساسي لجمعية أولياء التلاميذ
غزوات و معارك Emptyالأربعاء نوفمبر 25 2015, 13:40 من طرف belounis

» فروض واختبارات مقترحة في العلوم الطبيعية 4 متوسط
غزوات و معارك Emptyالخميس نوفمبر 12 2015, 14:09 من طرف بدر الصافي

» مذكرة الانتقال من المخطط المحاسبي الوطني الى النظام المحاسبي المالي الجديد
غزوات و معارك Emptyالأربعاء نوفمبر 11 2015, 00:29 من طرف rachid s

» كتاب رائع جدا فيزياء وكيمياء يشمل كل دروس 4 متوسط
غزوات و معارك Emptyالسبت أغسطس 29 2015, 14:59 من طرف abbaz29

» لأساتذة الفيزياء...قرص شامل لكل ما تحتاجه لسنوات التعليم المتوسط الأربع
غزوات و معارك Emptyالخميس أغسطس 27 2015, 01:49 من طرف abbaz29

» قرص في مادة الفيزياء حسب المنهاج
غزوات و معارك Emptyالأربعاء أغسطس 26 2015, 20:02 من طرف mhamedseray

» قرص السبيل في العلوم الفيزيائية (دروس شاملة صوت و صورة)
غزوات و معارك Emptyالسبت أغسطس 15 2015, 05:00 من طرف mhamedseray

» ملخص دروس الفيزياء في الفيزياء
غزوات و معارك Emptyالأحد أغسطس 09 2015, 00:29 من طرف mhamedseray

» جميع دروس وتمارين محلولة فيزياء وكيمياء أولى ثانوي
غزوات و معارك Emptyالسبت أغسطس 08 2015, 17:33 من طرف mhamedseray

» شاهد كيف تحصل ببساطة على "إنترنت مجاني" من القمر الأصطناعي؟
غزوات و معارك Emptyالثلاثاء مايو 19 2015, 19:40 من طرف ocean

» قرص رائع في الفيزياء للسنة الرابعة
غزوات و معارك Emptyالأحد مارس 22 2015, 22:06 من طرف sbaa

ساعة 258
عدد مساهماتك: 105
الملف البيانات الشخصية تفضيلات التوقيع الصورة الشخصية البيانات الأصدقاء و المنبوذين المواضيع المراقبة معلومات المفضلة الورقة الشخصية المواضيع والرسائل الرسائل الخاصة أفضل المواضيع لهذا اليوم مُساهماتك استعراض المواضيع التي لم يتم الرد عليها استعرض المواضيع الجديدة منذ آخر زيارة لي
سحابة الكلمات الدلالية
متصفح سريع جهاز تحويل
عدد مساهماتك: 105
الملف البيانات الشخصية تفضيلات التوقيع الصورة الشخصية البيانات الأصدقاء و المنبوذين المواضيع المراقبة معلومات المفضلة الورقة الشخصية المواضيع والرسائل الرسائل الخاصة أفضل المواضيع لهذا اليوم مُساهماتك استعراض المواضيع التي لم يتم الرد عليها استعرض المواضيع الجديدة منذ آخر زيارة لي
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم

اهلا بك يا
عدد مساهماتك 105 وننتظر المزيد

المواضيع الأكثر نشاطاً
الدولة العباسية
اكلات مغربية شهية
قرص خاص بالتدريس عن طريق المقاربة بالكفاءات
موسوعة الطب لتعميم الفائدة
Informatique
موسوعة الطب لتعميم الفائدة2
للتعليم الجامعي بحوث مذكرات مواقع هامة جدا
هل تعلم ’?
كلمة مدير المنتدى
اسطوانات تعليمية من الابتدائي الى الثانوي - موقع مهم -
pirate
United Kingdom Pointer

 

 غزوات و معارك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ocean
Admin
ocean


مزاجي *: : عادي
الجنسيه *: : جزائر
عدد المساهمات : 16284
تاريخ التسجيل : 21/07/2009

غزوات و معارك Empty
مُساهمةموضوع: غزوات و معارك   غزوات و معارك Emptyالأربعاء سبتمبر 22 2010, 22:42

معركة بدر

لم تكن قريش ولم يكن العرب يتوقعون اندحار المشركين في معركة بدر، إذ في ساعة تخسر قريش سبعين رجلا من رجالها وسبعين أسيرا، ويلوذ الباقي بالفرار مخلفين للمسلمين شتى الغنائم، وتعود قريش ذليلة نحيلة خاسرة خاسئة مقهورة منكسرة، وأمام هذا الأمر الذي لم يكن بالحسبان استأنفت إرادة الله تنسيقها السماوي فامتلكت مصير المعركة وحسمتها لصالح المسلمين، وكان للدعاء دور كبير كما تقول الآية:
(إذا تستغيثون ربكم فاستجاب لكم، اني ممدكم بألف من الملائكم مردفين) وفي آية آخرى (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) ففي بدر حقق المسلمون أول انتصار لهم على جبهات الشرك والجهل، ولعل شهر رمضان المناسبة الفضلى لتنفيذ وإجراء هذه المهمة القتالية فهو الشهر الذي تتغلب نزعة الإنسان الشهوانية على ذاته وبسواها لم يحقق الإنسان انتصاراته على جبهات القتال.
وفي شهر رمضان هناك موسم جهادي لشتى معارك إسلامية فالمسلم في هذا الشهر يرتقي إلى درجة المسؤولية التي حملت على عاتقه، فموسم الصوم مدرسة لتخريج أفضل المقاتلين وأفضل المجاهدين الذين بإمكانهم التعامل مع قضايا الحياة بروح مستعدة وفي شهر رمضان يعي المسلم دوره الطليعي لتسلم اعباء الرسالة وفيه يتشعب المسلمون بين من يحمل صفة المقاتل ومن يحمل روح المقاتل.
فعودا على بدأ: تعتبر غزوة بدر الكبرى، أول مواجهة وقعت بين المسلمين والكفار، وكانت الغلبة فيها للمسلمين، مع قلة عددهم وعتادهم، وبالنظر لأهمية التجارب المستفادة منها كانت حرية بأن تحيى، لنستقي منها الدروس والعبر من زاوية تاريخية مختلفة سيما وانها قد وقعت في اليوم السابع عشر من شهر رمضان المبارك في السنة الثانية للهجرة جاعلة لهذا الشهر طعم الجهاد والمعاناة والصبر والمقاومة ومن أهم ما يستفاد من هذه الغزوة الكبرى هي الإثارات الربانية التي خلفتها وأهمها، دور الطاعة والانضباط ودورهما في تحقيق الفوز والنصر، مع قلة العدد الذي كانت تشكو منها قوات المسلمين، ومن إثارات وآثار هذا الفوز الساحق هو دور العناية الإلهية باعتباره عاملا أساسيا من عوامل هزيمة المشركين امام القلة من المسلمين ولعل أهم أسباب هزيمتهم هي:
اعتمادهم على القوة المادية واللاروحية وكفرهم وشركهم بالله والعنجهية والمكر والكبر الذي أخذ يراودهم أمام النبي وأصحابه ومن حصيلة ما يستفاد منه في هذه المعركة هو الروح الجهادية التي سايرت المسلمين آنذاك والتي يفتقدها بعض المسلمين في عصرنا الحاضر وهم يواجهون قوى شيطانية عديدة، بعنجهية تضاعف عنجهية أجدادهم وعلى رأسها الصهيونية الحاقدة.
فالروح الجهادية وروح الإيثار التي تجلت عند المسلمين في الصبر على الآلام ومقاتلة الأهل والعشيرة فهي ظاهرة جديدة عند العرب الأوائل الذين كانت تحركهم القبيلة والقرابة والدم فهي نقلة نوعية مهمة جدا جعلتهم ينتفضون على نهج الجاهلية ومفاهيمها البائدة وينطلقون إلى شرف الإسلام وكماله.
وما يمكن ان تذكره في هذا الجانب هو، الشجاعة التي اتصف بها القائد آنذاك أي رسول الله صلى الله عليه وآله وساعده الأيمن على ابن ابي طالب عليه السلام فهذه صفة وسمة تمثلت في الرسول وابن عمه وأهل البيت (ع) حيث لعبت كل الدور في الغلبة على فلول الكفر وهنا لا يخفى اثر الدعاء والإرتباط الروحي الذي حمل مسؤوليته المسلمون وخاصة الرسول الأكرم، حيث وقف (ص) بين يدي ربه طالبا منه ان ينزل عليه وعلى جنده شآبيب رحمته: (اللهم ان تهلك هذه الفئة فلا تعبد) ويصور القرآن هذا الامداد الإلهي ويقول في انتصار فئة قليلة غير متكافئة على فئة كثيرة بإذن الله، هكذا: (واذكروا إذا انتم قليل مستضعفون، تخافون ان يتخطفكم الناس، فآواكم وأيدكم بنصره، ورزقكم من الطيبات، لعلكم تشكرون).
ولعل أثر الصوم في النصر في معركة بدر يمثل جانبا مهما أيضا وهذا يبحث في دائرة الحرب التي يجب ان يعتمد فرسانها على خشونة العيش والصبر على المكاره وهذه من تجليات صوم شهر رضمان حيث يتصدى الصائم للتحكم النفسي على الروح ويقف أمام نشوة اللذة الزائفة والزائلة فغزوة بدر الكبرى هي في المجموع كانت بداية لمرحلة جديدة في الاعتماد على القوة للدفاع عن الدين والنفس، وبرهنت أيضا للتاريخ ان الحرب في الإسلام ذات أهداف دفاعية وليست هجومية وان الإسلام لم يقف على السيف والعنف الا إذا دعت الحاجة الاضطرارية لذلك فهناك السيف المشرف والعنف المقدس فالإسلام شرع الجهاد والحرب للقضاء على أولئك الذين يتخذون موقف العناد منه، ومن هنا يكون الجهاد ضروريا بحكم الشرع والعقل ففيما لو شن الأعداء الهجوم على المسلمين أو التآمر عليه وقد كان الدفاع لمواجهة الأعداء في أكثر معارك النبي مشروعا عقلا وفطرة، وقبل ان نطوي ملف صفحة غزوة بدر الكبرى لا يخفى ان نذكر الدور الرئيسي الذي لعبه الإمام علي (ع) في حسم النصر للمسلمين، فهناك أكثر من مصدر ومصدر تاريخي يذكر ويشهد بضربات سيفه القوي ومواقفه البطولية والجهادية حيث كان يزأر كالأسد وكالعاصفة التي تلف حشود العدو ويطويها ثم يمزقها تمزيقا فما هرب من ميدان بدر وما ولى، حتى عد التاريخ ان نصف قتلى المشركين كانوا على يد علي (ع) وما من جريح مشرك يعود إلى الخلف الا وكان يقول ضربني علي ضربني علي فسلام الله على علي يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.

تاريخ معركة بدر

يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين) (الأنفال: 1).
يظهر من سياق الآية أن هناك تنازعاً قد حصل بين بعض المسلمين الذين اشتركوا في حرب بدر، وسبب النزاع هو اختلافهم في الغنائم وهو أمر غريب إذا قيس مع روايات أهل السنة الذين جعلوا أهل بدر في رتبة العصمة أو شيء من هذا القبيل، وقد نقل روايات تخاصمهم الطبري في تاريخه والواقدي في مغازيه وابن هشام في سيرته.
فسياق الآية شديد اللهجة (فاتقوا الله) (وأطيعوا الله ورسوله) والتقوى والطاعة لا يأتيان من كل أحد، بل الأمر منحصر في المؤمنين فقط ولذا جاء ذيل الآية (إن كنتم مؤمنين).
ولا يبدو الأمر غريباً للغاية لو تتبعنا نفسية بعض المسلمين الذين اشتركوا في بدر من خلال النصوص القرآنية.
فقوله تعالى: (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون. يجادلونك في الحق بعدما تبيّن كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون) (الأنفال: 5-6).
فالذين تحركوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) نحو معركة بدر لم يكونوا - بعضهم - يعتقدون بنبوّته ورسالته ولذلك فهم (كارهون) لهذا الخروج و(يجادلونك)، ومع كل هذا تمثّلت نفسياتهم بالخواء و الجبن والتراجع والخوف كأنهم يساقون إلى الموت!!.
وأما عن أمانيهم وتطلعاتهم وخلجات قلوبهم فهي كما صوّرها القرآن العظيم: (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودّون أن غير ذات الشوكة تكون لكم..) (الأنفال: 7).
فقد كانت نفوس بعضهم تميل إلى حبّ الدنيا والحصول على الغنائم والمتاع، وتكره الحرب (ذات الشوكة) في سبيل الله تعالى. ولكن أراد الله تعالى بحكمته الأزلية أن يخوض هؤلاء حرباً ضروساً مع قريش، وهكذا بدأت الحرب.
كما صوّر القرآن الكريم حالة هذا الفريق الخائف عندما رأى جيش المشركين بقوله: (إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غرَّ هؤلاء دينهم..) (الأنفال: 49)، وكلامنا حول (الذين في قلوبهم مرض) وهم فئة أخرى غير المنافقين، فقد تكلم القوم عن مكنون نفوسهم وعن كفرهم الباطني؛ إذ اعتبروا النبي (صلى الله عليه وآله) وجماعة المسلمين قد غرّهم دينهم!! وهم بذلك أصبحوا أشدّ قبحاً وبشاعة من المشركين والمنافقين.
ولم يكتفوا بكل ذلك فحينما انتهت الحرب أشار بعضهم على النبي (صلى الله عليه وآله) أن يفدي أسرى الكفار ولا يقتلهم!! طمعاً منهم في عرض الدنيا، وهو مما أغضب الله ورسوله، قال تعالى: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة).
إذن وصلنا إلى نتائج مهمة وهي:
إن هناك جماعة – غير المنافقين- من المسلمين كرهوا الحرب منذ البداية وجادلوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذلك.
إن حبهم للدنيا أكثر من حبهم للقتال في سبيل الله.
أشاروا بمنع قتل الأسرى مع أنهم من أئمة الكفر طمعاً في عرض الدنيا.
هذا ما تكلمت عنه آيات الذكر الحكيم.
والسؤال: من هم هؤلاء؟.
أولاً: أما بالنسبة لكراهية الحرب فقد ذكر الواقدي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) استشار أصحابه في حرب بدر، فلما وصل الكلام إلى عمر بن الخطاب قال: يا رسول الله إنها والله قريش وعزها، والله ما ذلت منذ عزت، والله ما آمنت منذ كفرت، والله لا تسلم عزها أبداً، ولتقاتلنك فتأهب لذلك أهبته وأعد لذلك عدته.
واكتفى ابن هشام بقوله: فقام أبو بكر فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن...
ولكن لم يرق كلامها رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى قام إليه المقداد وقال: امضِ لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: (اذهب أنت وربك فقاتلا)، لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه. ثم قامت الأنصار وقالت مقالة المقداد، فسر رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فيظهر أن الذي كان يكره الحرب هو أبو بكر وعمر بن الخطاب.
ثانياً: وأما الذين كانوا يحبون الدنيا وعرضها ويكرهون القتال في سبيل الله فبالإضافة إلى أبي بكر وعمر تظهر لنا شخصية أخرى ألا وهو عبد الرحمن بن عوف، فقد نزلت فيه: (ألم ترَ إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أوأشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلاً).
ثالثاً: وأما من أشار على النبي (صلى الله عليه وآله) بأخذ الفداء وعدم قتل الأسرى فهو أبو بكر، فقد ذكر الطبري في تاريخه مسنداً..: (فلما كان يومئذ شاور رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بكر وعلياً وعمر –حول الأسرى-، فقال أبو بكر: يا نبي الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان!! فإني أرى أن تأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذنا منهم قوة..).
فأبو بكر يقدم الأواصر النسبية على الإيمان والتوحيد، ويعتبر المشركين إخوانه وأبناء عمه أو عشيرته وهو خلاف صريح لكثير من الآيات القرآنية، ولهذا السبب نزلت الآية في أشد تهديد له: (لو لا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم).
وعلى هذا الأساس القرآني والروائي الثابت عند أهل السنة تثبت عدة حقائق وتسقط عدة مفتريات.
فأما التي تثبت:
أن أبا بكر كان من جملة الكارهين للحرب والذين هلم أطماع رهيبة في المال والمتاع، وقد اشترك معه عمر في بعضها.
كان للأنصار –ولا سيما للمقداد وسعد بن معاذ- دور رائع.
وأكثر منهم بطولة وإقداماً هو الإمام علي (عليه السلام) وحمزة وعبيدة بن الحارث الذين قدمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل الحرب في المبارزة الانفرادية.
كان في جملة المشاركين من المسلمين في حرب بدر،المنافقون والذين في قلوبهم مرض –المشار إليهم في النقطة الأولى-. وبهذا لا يبقى لهذا الرقم (313) أي قداسة أو شيء من هذا القبيل.
وأما التي تسقط فهي:
روايات العريش وأن أبا بكر كان مع النبي (صلى الله عليه وآله) في العريش.
القداسة المزيفة التي صنعها بنو أمية لجميع أهل بدر، بل تثبيت القداسة للذين أطاعوا الله ورسوله وجاهدوا وقاتلوا بلا كره ولا طمع.
سقوط أي فضيلة مدونة في كتب أهل السنة لأبي بكر أو عمر أو عبد الرحمن في معركة بدر لتعارضها مع القرآن والنصوص الصريحة في ذلك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ocean
Admin
ocean


مزاجي *: : عادي
الجنسيه *: : جزائر
عدد المساهمات : 16284
تاريخ التسجيل : 21/07/2009

غزوات و معارك Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوات و معارك   غزوات و معارك Emptyالأربعاء سبتمبر 22 2010, 22:43

معركة اليرموك.. وانحسار دولة الروم
(بمناسبة ذكراها: 5 من رجب 15هـ)

موقع معركة اليرموك
تمكنت الجيوش الإسلامية بعد معركة أجنادين التي وقعت أحداثها في (27 من جمادى الأولى سنة 13 هـ= 30 من أغسطس 643م) من أن تتابع مسيرتها الظافرة، وأن تخرج من نصر إلى نصر حتى بسطت يدها على أجزاء عظيمة من بلاد الشام ضمت "بصرى" و"بعلبك" و"حمص" و"دمشق" و"البلقاء" و"الأردن" وأجزاء من "فلسطين".
ولم يكن أمام "هرقل" إمبراطور الروم سوى الاحتشاد لمعركة فاصلة بعد أن تداعت أجزاء غالية من دولته أمام فتوحات المسلمين، فبدأ يجهز لمعركة تعيد له هيبته وتسترد له ما اقتُطِع من دولته، وتجمعت أعداد هائلة من جنوده ومن يقدر على حمل السلاح من الروم، فأخذت تتقدم من إنطاكية- حيث يقيم- إلى جنوبي الشام.
الجيوش الإسلامية في الشام
كانت القوات الإسلامية بعد فتح حمص سنة (14 هـ = 635م) تتوزع في أماكن مختلفة، فأبو عبيدة بن الجراح في حمص، وخالد بن الوليد بقواته في دمشق، وشرحبيل بن حسنة مقيم في الأردن، وعمرو بن العاص في فلسطين.
فلما وصلت أنباء استعدادات الروم إلى أبي عبيدة بن الجراح جمع القادة يشاورهم ويستطلع رأيهم، وانتهى الحوار بينهم على انسحاب القوات الإسلامية من المدن التي فتحتها إلى موقع قريب من بلاد الحجاز، وأن تتجمع الجيوش كلها في جيش واحد، وأن يبعث أبو عبيدة بن الجراح إلى المدينة يطلب المدد من الخليفة "عمر بن الخطاب".
وقبل أن يتحرك "أبو عبيدة بن الجراح" بجيوش المسلمين، دعا "حبيب بن مسلمة"- عامله على الخراج- وقال له: "اردد على القوم الذين كنا صالحناهم من أهل البلد ما كنا أخذنا منهم، فإنه لا ينبغي لنا إذا لم نمنعهم أن نأخذ منهم شيئا، وقل لهم: نحن على ما كنا عليه فيما بيننا وبينكم من الصلح، لا نرجع فيه إلا أن ترجعوا عنه، وإنما رددنا عليكم أموالكم أنَّا كرهنا أن نأخذ أموالكم ولا نمنع بلادكم...".
فلمَّا أصبح الصباح أمر أبو عبيدة قواته بالرحيل من حمص إلى دمشق، وقام حبيب بن مسلمة برد الجزية إلى أهالي حمص، وبلغهم ما قاله أبو عبيدة؛ فما كان منهم إلا أن قالوا: "ردكم الله إلينا، ولعن الله الذين كانوا يملكوننا من الروم، ولكن والله لو كانوا هم ما ردوا علينا، بل غصبونا وأخذوا ما قدروا عليه من أموالنا؛ لَوِلايتكم وعَوْدُكم أحب إلينا مما كنا فيه من الظلم والغشم".
التحرك إلى اليرموك

خريطة موقعة اليرموك
بعد أن أخلى المسلمون مدينة حمص، جاءت قوات الروم، فدخلت حمص، ثم تحركت جنوبا خلال وادي البقاع إلى بعلبك، ولم تتجه إلى دمشق حيث يقيم المسلمون؛ وإنما اتجهت إلى الجنوب.
رأى المسلمون الذين كانوا يراقبون تحركات الروم أن في مسارهم هذا حركة التفاف تستهدف حصار المسلمين وقطع خط الرجعة عليهم؛ فاجتمع أبو عبيدة بقادته يتباحثون الأمر، فاتفقوا على الخروج من دمشق إلى الجابية، وهناك ينضم إليهم جيش عمرو بن العاص الرابض بفلسطين، وفي الوقت نفسه ينتظرون مدد الخليفة عمر بن الخطاب.
تقدمت مجموعات من جيش الروم إلى نهر الأردن باتجاه المسلمين في الجابية، وخشي المسلمون أن يحاصروا بقوات الروم المقيمة في الأردن وفلسطين والأخرى القادمة من إنطاكية؛ فيقطعوا خطوط إمداداتهم، ويحولوا ببينهم وبين منطقة شمال الأردن والبلقاء التي تربطهم بالحجاز؛ ولهذا قررت الجيوش الإسلامية الانسحاب من الجابية إلى اليرموك.
الاستعداد للمعركة
تولَّى خالد بن الوليد القيادة العامة للجيش بتنازل كريم من أبي عبيدة بن الجراح، الذي كان له السلطة العامة على جيوش المسلمين بالشام، وكان خالد من أعظم الناس بلاء وأعظمهم بركة وأيمنهم نقيبة.
بدأ خالد في تنظيم قواته، وكانت تبلغ 46 ألف مقاتل، وقسَّم الجيش إلى كراديس، أي كتائب، وتضم ما بين 600 إلى 1000 رجل، والكردوس ينقسم إلى أجزاء عشرية؛ فهناك العرّيف الذي يقود عشرة من الرجال، وآمر الأعشار الذي يقود عرفاء (100 رجل)، وقائد الكردوس الذي يقود عشرة من أمراء الأعشار (1000) رجل.
ويُجمِع المؤرخون على أن خالد بن الوليد هو أول من استحدث تنظيم الجيوش على هذا النحو، وعُدَّ عمله فتحا في العسكرية الإسلامية؛ فقد اختار رجال الكردوس الواحد من قبيلة واحدة أو ممن يعودون بأصولهم إلى قبيلة واحدة، وجعل على كل كردوس قائدا منهم ممن عُرفوا بالشجاعة والإقدام، ثم جمع الكراديس بعضها إلى بعض وجعل منها قلبا وميمنة وميسرة، وكان على رأس كراديس القلب أبو عبيدة بن الجراح، ومعه المهاجرون والأنصار، وعلى كراديس الميمنة عمرو بن العاص ويساعده شرحبيل بن حسنة، وعلى كراديس الميسرة يزيد بن أبي سفيان.
وبلغت هذه الكراديس 36 كردوسًا من المشاة، بالإضافة إلى عشرة كراديس من الخيالة، يقف أربعة منها خلف القلب واثنان في الطليعة، ووزعت الأربعة الباقية على جانبي الميمنة والميسرة.
أما جيش الروم فكان يضم نحو مائتي ألف مقاتل، يقودهم "ماهان"، وقد قسّم جيشه إلى مقدمة تضم جموع العرب المتنصّرة من لخم وجذام وغسان، وعلى رأسها "جبلة بن الأيهم"، وميمنة على رأسها "قورين"، وميسرة على رأسها "ابن قناطر"، وفي القلب "الديرجان"، وخرج ماهان إلى المسلمين في يوم ذي ضباب، وصَفَّ جنوده عشرين صفا، ويقول الرواة في وصف هذا الجيش الرهيب: "ثم زحف إلى المسلمين مثل الليل والسيل".
رهبان بالليل.. فرسان بالنهار
دعا أحد قادة الروم رجلاً من نصارى العرب، فقال له: ادخل في معسكر هذا القوم، فانظر ما هديهم، وما حالهم، وما أعمالهم، وما يصنعون، ثم ائتني فأخبرني بما رأيت. وخرج الرجل من معسكر الروم حتى دخل معسكر المسلمين فلم يستنكروه؛ لأنه كان رجلا من العرب، لسانه عربي ووجهه عربي، فمكث في معسكرهم ليلة حتى أصبح فأقام عامة يومه، ثم رجع إلى قائده الرومي، وقال له: جئتك من عند قوم يقومون الليل كله، يصلون ويصومون النهار، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، رهبان بالليل فرسان بالنهار، لو يسرق مَلِكُهم لقطعوا يده، ولو زنا لرجموه؛ لإيثارهم الحق، واتباعهم إياه على الهوى.
فلما انتهى الرجل العربي من كلامه قال القائد الرومي: لئن كان هؤلاء القوم كما تزعم، وكما ذكرت لبطنُ الأرض خير من ظهرها لمن يريد قتالهم.
وفي فجر يوم الإثنين (5 من رجب 15 هـ = 12 من أغسطس 636م) أصبح المسلمون طيبةً نفوسهم بقتال الروم، منشرحة صدورهم للقائهم، واثقة قلوبهم من نصر الله، وخرجوا بالنظام الذي وضعه القائد العام يحملون رايتهم.
وسار أبو عبيدة في المسلمين يحثُّ الناس على الصبر والثبات، يقول لهم: يا عباد الله انصروا الله ينصركم، ويثبت أقدامكم، يا معشر المسلمين اصبروا فإن الصبر منجاة من الكفر، ومرضاة للرب؛ فلا تبرحوا مصافكم، ولا تخطوا إليهم خطوة، ولا تبدءوهم بقتال، وأشرعوا الرماح، واستتروا بالدرق، والزموا الصمت إلا من ذكر الله حتى آمركم.
وخرج معاذ بن جبل يقول للناس: يا قراء القرآن ومستحفظي الكتاب وأنصار الهدى وأولياء الحق، إن رحمة الله- والله- لا تُنال، وجنته لا تدخل بالأماني، ولا يؤتي الله المغفرة والرحمة الواسعة إلا الصادقين المصدّقين بما وعدهم الله (عز وجل)، أنتم- إن شاء الله- منصورون، فأطيعوا الله ورسوله، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، واصبروا إن الله مع الصابرين، واستحيوا من ربكم أن يراكم فرارا من عدوكم وأنتم في قبضته ورحمته، وليس لأحد منكم ملجأ من دونه.
اللقاء الحاسم ونتائجه
زحفت صفوف الروم الجرارة من مكانها إلى المسلمين، لهم دويٌّ كدوي الرعد، ودخل منهم ثلاثون ألفًا كل عشرة في سلسلة حتى لا يفروا، قد رفعوا صلبانهم، وأقبل معهم الأساقفة والرهبان والبطارقة.
وحين رأى خالد إقبالهم على هذا النحو كالسيل، وضع خطته أن يثبت المسلمون أمام هذه الهجمة الجارفة؛ حتى تنكسر وتتصدع صفوف الروم، ثم يبدأ هو بالهجوم المضاد.
وكان خالد بن الوليد رابط الجأش ثابت الجنان وهو يرى هذه الجموع المتلاحقة كالسيل العرم، لم ترهبه كثرتهم، وقد سمع جنديا مسلما قد انخلع قلبه لمَّا رأى منظر الروم، يقول: ما أكثر الروم وأقل المسلمين- فانزعج من قولته وقال له: ما أقل الروم وأكثر المسلمين، إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان لا بعدد الرجال، أبالروم تخوّفني؟!
تلاحم الفريقان وشد الروم على ميمنة المسلمين حتى انكشفت، وفعلوا كذلك بالميسرة، وثبت القلب لم يتكشف جنده، وكان أبو عبيدة وراء ظهرهم؛ ردءا لهم، يشد من أزرهم، وأبلى المسلمون بلاء حسنا، وثبت بعضهم كالجبال الراسخات، وضربوا أروع الأمثلة في الشجاعة وتلبية النداء، وقاتلت النساء أحسن قتال.
تحمل المسلمون هذا الهجوم الكاسح بكل ثبات؛ إذا اهتز صف عاد والتأم ورجع الى القتال، حتى إذا جاءت اللحظة التي كان ينتظرها القائد النابغة خالد بن الوليد صاح في القوم: يا أهل الإسلام، لم يبق عند القوم من الجلد والقتال والقوة إلا ما قد رأيتم، فالشدة، الشدة فوالذي نفسي بيده ليعطينكم الله الظفر عليهم الساعة.
وزحف خالد بفرسانه الذين لم يقاتلوا، وكان يدخرهم لتلك الساعة الحاسمة، فانقضوا على الروم الذين أنهكهم التعب واختلت صفوفهم، وكانت فرسان الروم قد نفذت إلى معسكر المسلمين في الخلف، فلمَّا قام خالد بهجومه المضاد من القلب حالَ بين مشاة الروم وفرسانهم، الذين فوجئوا بهذه الهجمة المضادة؛ فلم يشتركوا في القتال، وخرجت خيلهم تشتد بهم في الصحراء، تاركين ميدان القتال. ولمَّا رأى المسلمون خيل الروم تهرب أفسحوا لها الطريق ودعوها تغادر ساحة القتال.
انهار الروم تماما، وتملَّكهم الهلع فتزاحموا وركب بعضهم بعضا وهم يتقهقرون أمام المسلمين الذين يتبعونهم؛ حتى انتهوا إلى مكان مشرف على هاوية تحتهم، فأخذوا يتساقطون فيها ولا يبصرون ما تحت أرجلهم، وكان الليل قد أقبل والضباب يملأ الجو، فكان آخرهم لا يعلم ما يلقى أولهم، وبلغ الساقطون في هذه الهاوية عشرات الألوف، وتذكر بعض الروايات أنهم كانوا ثمانين ألفا، وسميت تلك الهاوية "الواقوصة"؛ لأن الروم وقصوا فيها، وقتل المسلمون من الروم في المعركة بعدما أدبروا نحو خمسين ألفا، خلاف من سقطوا في الهاوية.
ولما أصبح اليوم التالي، نظر المسلمون فلم يجدوا في الوادي أحدا من الروم، فظنوا أن الروم قد أعدوا كمينا، فبعثوا خيلا لمعرفة الأمر، فإذا الرعاة يخبرونهم أنهم قد سقطوا في الهاوية أثناء تراجعهم، ومن بقي منهم غادر المكان ورحل.
كانت معركة اليرموك من أعظم المعارك الإسلامية، وأبعدها أثرا في حركة الفتح الإسلامي، فقد لقي جيش الروم- أقوى جيوش العالم يومئذ- هزيمة قاسية، وفقد زهرة جنده، وقد أدرك هرقل حجم الكارثة التي حلت به وبدولته، فغادر المنطقة نهائيا وقلبه ينفطر حزنا، وهو يقول: "السلام عليك يا سوريا، سلاما لا لقاء بعده، ونعم البلد أنت للعدو وليس للصديق، ولا يدخلك رومي بعد الآن إلا خائفا".
وقد ترتب على هذا النصر العظيم أن استقر المسلمون في بلاد الشام، واستكملوا فتح مدنه جميعا، ثم واصلوا مسيرة الفتح؛ فضموا مصر والشمال الإفريقي.

أهم مصادر الدراسة:
• ابن جرير الطبري: تاريخ الأمم والملوك- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- دار المعارف- القاهرة (1996م).
• محمد عبد الله الأزدي: تاريخ فتوح الشام- مؤسسة سجل العرب- القاهرة (1970).
• أحمد عادل كمال: الطريق إلى دمشق- دار النفائس بيروت- (1405هـ = 1985م).
يوسف غوانمة: معركة اليرموك- دار هشام للنشر والتوزيع- إربد- الأردن (1985م).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ocean
Admin
ocean


مزاجي *: : عادي
الجنسيه *: : جزائر
عدد المساهمات : 16284
تاريخ التسجيل : 21/07/2009

غزوات و معارك Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوات و معارك   غزوات و معارك Emptyالأربعاء سبتمبر 22 2010, 22:44

فتح مكة 8 هـ

كان من بنود صلح الحديبية أن من أراد الدخول في حلف محمد - صلى الله عليه وسلم - وعهده دخل فيه ، ومن أراد الدخول في حلف قريش وعهدهم دخل فيه ، فدخلت "خزاعة " في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، ودخلت بنو بكر في عهد قريش ، وكانت بين القبيلتين حروب وثارات ، فأراد " بنو بكر " أن يصيبوا من خزاعة ثأراً قديماً ، فأغاروا عليهم ليلاً وقتلوا جماعة منهم ، وأعانت قريش " بني بكر " بالسلاح والرجال ، فأسرع عمرو بن سالم الخزاعي إلى المدينة ، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بغدر قريش وحلفائها .

وعندما شعرت قريش بخطورة الأمر سارعت إلى إرسال أبي سفيان إلى المدينة لتفادي المشكلة وتجديد الصلح مع المسلمين ، ولكن دون جدوى ، فقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين بالتهيؤ والاستعداد ، وأعلمهم أنه سائر إلى مكة ، كما أمر بِكَتْم الأمر عن قريش حتى يباغتها في عقر دارها .
وفي يوم الأربعاء العاشر من شهر رمضان المبارك من السنة الثامنة للهجرة غادر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة في عشرة آلاف من أصحابة بعد أن استخلف عليها أبا ذر الغفاري رضي الله عنه .

ولما كان بـ " الجحفة " لقيه عمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه ، وكان قد خرج بأهله وعياله مهاجراً .
ثم واصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السير وهو صائم والناس صيام ، حتى بلغ "الكُدَيْد"ـ وهو ماء بين عُسْفَان وقُدَيْد ـ فأفطر وأفطر الناس معه ، ثم سار حتى نزل بـ " مَرِّ الظهران ، وهناك ركب العباس بغلته البيضاء يبحث عن أحد يبلغ قريشاً لكي تطلب الأمان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يدخل مكة .

وكان أبو سفيان قد خرج يتجسس الأخبار فلقيه العباس فنصحه بأن يأتي معه ليطلب له الأمان من رسول الله ، ولما دخلا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له : " ويحك يا أبا سفيان ، ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟ ....ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله " ، و العباس يقول له : " ويحك أسلم " ، فأسْلَم وشهد شهادة الحق ، فقال العباس ‏ :‏ " يا رسول الله ، إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً ، قال ‏:‏ ‏نعم ، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن " .

ثم غادر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "مرّ الظهران " متوجها إلى مكة ، وقبل أن يتحرك أمر العباسَ بأن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادي ، حتى تمر به جنود الله فيراها ، فمرّت القبائل على أبي سفيان والعباس يخبره بها ، حتى مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتيبته الخضراء ومعه المهاجرون والأنصار ، فقال أبو سفيان : سبحان الله ؟ ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة ، ثم أسرع إلى قومه صارخاً بأعلى صوته : " يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به " ، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، فقالوا‏:‏ قاتلك الله وما تغني عنا دارك ‏؟‏ قال ‏:‏ ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد ، وتجمع سفهاء قريش وأوباشها مع عكرمة بن أبي جهل ، و صفوان بن أمية ، و سهيل بن عمرو لمقاتلة المسلمين .

وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فسار حتى انتهى إلى ذي طوى ، وهناك وزع الجيش ، فأمَر خالد بن الوليد ومن معه أن يدخل مكة من أسفلها ، وأمر الزبير بن العوام - وكان معه راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدخل مكة من أعلاها - من كداء - وأن يغرز رايته بالحجون ولا يبرح حتى يأتيه ‏.‏

وأمر أبا عبيدة أن يأخذ بطن الوادي حتى ينصب لمكة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم‏- ‏.
فلقي خالد وأصحابه سفهاءَ قريش الذين عزموا على القتال ، فناوشوهم قليلاً ثم لم يلبثوا أن انهزموا ، وقُتِل منهم اثنا عشر رجلاً ، وأقبل خالد يجوس مكة حتى وافى رسول الله على الصفا ، وأما الزبير فتقدم حتى نصب راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجون عند مسجد الفتح ، وضرب قبة هناك فلم يبرح حتى جاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة من أعلاها من " كداء " ، وهو مطأطئ رأسه تواضعاً وخضوعا لله ، حين رأي ما أكرمه الله به من الفتح ، حتى إن شعر لحيته ليكاد يمس واسطة الرحل .

ثم نهض رسول الله والمهاجرون والأنصار بين يديه وخلفه وحوله حتى دخل المسجد ، فأقبل إلى الحجر الأسود فاستلمه ، ثم طاف بالبيت وفي يده قوس ، وحول البيت وعليه ثلاثمائة وستون صنما ، فجعل يطعنها بالقوس ويقول : { جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً } ( الاسراء 81 ) ، { جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ } ( سـبأ 49) ، والأصنام تتساقط على وجوهها ، ثم طاف بالبيت ، وكان طوافه على راحلته ولم يكن محرما يومئذ ، فاقتصر على الطواف ، فلما أكمل طوافه ، دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة فأمر بها ففتحت ، فلما دخلها رأى فيها الصور ورأى صورة إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام يستقسمان بالأزلام ، فقال ‏:‏ " ‏قاتلهم الله ، والله ما استقسما بها قط " ثم أمر بالصور فمحيت ، وصلى داخل الكعبة ، ودار في نواحي البيت وكبر الله ووحده .

ثم خرج - صلى الله عليه وسلم وقريش صفوفاً ينتظرون ما يصنع بهم ، فقال : يا معشر قريش ، ما ترون أني فاعل بكم ؟ قالوا : أخ كريم وابن أخ كريم ، قال : فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوانه : { لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ } ( يوسف 92) ، اذهبوا فأنتم الطلقاء ، ثم أعاد مفتاح البيت إلى عثمان بن طلحة ، وأمر بلالاً أن يصعد فيؤذن .

وفي اليوم الثاني خطب - صلى الله عليه وسلم - خطبته المشهورة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ‏: ( يا أيها الناس : إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، فلا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دما أو يعضد بها شجرة ، فإن أحد ترخَّص لقتال رسول الله ، فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم ، وإنما حلَّت لي ساعة من نهار ، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد الغائب ) رواه البخاري ، وخشي الأنصار بعد الفتح أن يفضل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإقامة بمكة فجمعهم وقال لهم : ( معاذ الله ، المحيا محياكم ، والممات مماتكم ) رواه مسلم .

ثم بايع الرجال والنساء من أهل مكة على السمع والطاعة ، وأقام بها تسعة عشر يوماً يجدد معالم الإسلام ، ويرشد الناس إلى الهدى ، ويكسر الأصنام ، ثم قفل راجعاً إلى المدينة.

فكان يوم الفتح يوماً عظيماً أعز الله الإسلام وأهله ، ودحر الكفر وحزبه ، واستنقذ البيت العتيق والحرم الآمن من أيدي الكفار والمشركين ، وبعده دخل الناس في دين الله أفواجاً وأشرقت الأرض بنور التوحيد والهداية .
فتح مكة :ـ
بعد صلح الحديبية بعام اقدمت قريش على مساعدة بكر على خزاعة حلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم ، فاستنجدت خزاعة بالرسول صلى الله عليه وسلم لما بينها و بينه من عهد ، فوجد الرسول صلى الله عليه وسلم الفرصة مواتية لدخول مكة ، خاصة وانقريشا هي التي نقضت العهد ، ففرح الممسلمون لدى سماعهم مكة ، فلطالما انتظر المسلمون العودة الى مكة ، وتدافع المسلمون بجيش عظيم لمكة جعل الرسول صلى الله عليه وسلم على جناحه الايمن خالدا وجنوده ، وكان رجال من قريش شهروا عليه السلاح فرد عليهم بالمثل فقتل منهم قرابة الثلاثين ، فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم غضب وقال : الم انهه عن القتال ؟ . فقالوا : انه قوتل فقاتل . فقال الرسول صلى الله عليه وسلم قضاء الله خير … لا تغزى قريش بعد هذا يوم الى يوم القيامة .
دخل خالد مكة ، وبينما هو يطوفها تذكر ذلك اليوم في الجاهلية حينما تداعت الكعبة وتهدمت جدرانها والناس خائفين يريدون ترميمها ولا يجرؤون فتناول خالد معولا وانسل من بين الجموع و ضرب الضربة الاولى وهو يقول : اللهم لا نريد الا الخير . فاذا كانهذا الامر جريئا فانه لما توجه الرسول صلى الله عليه وسلم لهدم العزى كان موقفه اجرئ ، لان مهمة هدم معبود لا يستطيع عملها شخص عادي ، لذلك اختير لهذا العمل خالد ، ولما انتهى خالد الى العزى هدمها … فخرجت من تحتها امراة سوداء عريانة ، فضربها بسيفه وشقها نصفين ، ففرح الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا كثيرا .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ocean
Admin
ocean


مزاجي *: : عادي
الجنسيه *: : جزائر
عدد المساهمات : 16284
تاريخ التسجيل : 21/07/2009

غزوات و معارك Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوات و معارك   غزوات و معارك Emptyالأربعاء سبتمبر 22 2010, 22:45

غزوة مؤتة
وسببها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الحارث بن عمير بكتاب إلى ملك الروم - أو بصرى - فعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني . فقتله - ولم يقتل لرسول الله صلى الله عليه وسلم رسول غيره - فاشتد ذلك عليه فبعث البعوث . واستعمل عليهم زيد بن حارثة ، وقال " إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس وإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة " فتجهزوا . وهم ثلاثة آلاف .
فلما حضر خروجهم . ودع الناس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا عليهم . فبكى عبد الله بن رواحة . فقالوا ما يبكيك ؟ فقال أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم . ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار ( 16 : 71 ) وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ولست أدري كيف لي بالصدور بعد الورود ؟ فقال المسلمون صحبكم الله ودفع عنكم . وردكم إلينا صالحين . فقال ابن رواحة
لكنني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرع تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزة بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
حتى يقال إذا مروا على جدتي : يا أرشد الله من غاز . وقد رشدا
ثم مضوا حتى نزلوا معان . فبلغهم أن هرقل بالبلقاء في مائة ألف من الروم وانضم إليه من لخم وجذام وبلي وغيرهم مائة ألف .
فأقاموا ليلتين ينظرون في أمرهم .
وقالوا : نكتب إلى رسول الله فنخبره . فإما أن يمدنا ، وإما أن يأمرنا بأمره فشجعهم عبد الله بن رواحة ، وقال والله إن الذي تكرهون للذي خرجتم تطلبون الشهادة . وما نقاتل الناس بقوة ولا كثرة وما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين إما ظفر . وإما شهادة .
فمضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم الجموع . فانحاز المسلمون إلى مؤتة . ثم اقتتلوا عندها والراية في يد زيد . فلم يزل يقاتل بها حتى شاط في رماح القوم . فأخذها جعفر فقاتل بها . حتى إذا أرهقه القتال اقتحم عن فرسه فعقرها . ثم قاتل حتى قطعت يمينه . فأخذ الراية بيساره فقطعت يساره . فاحتضن الراية حتى قتل . وله ثلاث وثلاثون سنة .
رضي الله عنهم . ثم أخذها عبد الله بن رواحة . فتقدم بها ، وهو على فرسه فجعل يستنزل نفسه ويقول
أقسم بالله لتنزلنه لتنزلن أو لتكرهنه
يا ظالما قد كنت مطمئنه إن أجلب الناس وشدوا الرنة
مالي أراك تكرهين الجنة ؟


ويقول أيضا
يا نفس إن لم تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أعطيت إن تفعلي فعلهما هديت
ثم نزل فأتاه فناداه ابن عم له بعرق من لحم . فقال شد بهذا صلبك ، فإنك لقيت في أيامك هذه ما لقيت . فأخذها فانتهس منها نهسة ثم سمع الخطمة في ناحية الناس . فقال وأنت في الدنيا ؟ فألقاها من يده وتقدم . فقاتل حتى قتل .
ثم أخذ الراية خالد بن الوليد . فدافع القوم وخاشى بهم ثم انحازوا ، وانصرف الناس .
وقال ابن عمر وجدنا ما بين صدر جعفر ومنكبه وما أقبل منه تسعين جراحة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ocean
Admin
ocean


مزاجي *: : عادي
الجنسيه *: : جزائر
عدد المساهمات : 16284
تاريخ التسجيل : 21/07/2009

غزوات و معارك Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوات و معارك   غزوات و معارك Emptyالأربعاء سبتمبر 22 2010, 22:45

غزوة حنين
أولاً: موجزٌ مختصرٌ عن الغزوة

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد الله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)( ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)( ).
أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون: فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
كما قدم أخي الكريم الشيخ لقمان عن أهمية هذا الحلقة، التي أعدها وقام على إعدادها مكتب الدعوة في الروضة، وكما تعلمون، سيشارك -بإذن الله- في الأيام القادمة عدد من الإخوة المشايخ.
هذه الحلقة حلقة تعليمية مهمة، جاءت في وقت مهم، -كما أشار- في قضية "أهمية الجهاد في سبيل الله".
ونحن سنقف مع هذه الغزوة، التي هي "غزوة حنين" من باب الوقوف مع سنة المصطفى  لأننا كثر السؤال هذه الأيام: "أين المخرج؟" الأمة تتخبط في واقعها، وتخرج من نفق إلى نفق، حتى كاد أن يحل اليأس في قلوب كثير من الناس.
ونقول: إن المخرج بما بينه المصطفى  " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله وسنتي " هذا هو المخرج وهو طريق النجاة؛ فإنه حري بنا -أيها الأحبة- في وقت تشتت فيه المسلمون، وازدادت المصائب والكوارث- أن نعود إلى المنبع، وإلى المصدر، وإلى الأصل: إلى الكتاب والسنة (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)( ) ويقول -جل وعلا-: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)( ) ويقول -جل وعلا-: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)( ).
إذًا الرجوع إلى السنة أصل في منهج الدعوة أيها الأحبة، وما ضعفت شوكة المسلمين، وما تفرقت كلمتهم، إلا لبعدهم عن كتاب ربهم وسنة نبيهم  ولذلك فإننا نقف هذا اليوم مع السنة؛ التزاما بحديث الرسول  في حديث العرباض بن سارية، قال: " وعظنا رسول الله  موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: "يا رسول الله، كأنها موعظة مودع، فأوصنا." قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا " ( ).
طيب، نحن رأينا اختلافًا كثيرًا، فأين المخرج يا رسول الله؟ المخرج -وهو يوجه صحابته  " ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيرا " ( ) ها نحن نرى اختلافاً كثيرا، ونرى مصائب عدة في واقع هذه الأمة. فدلهم على المخرج  فقال: " فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها " ( ) "وتمسكوا بها، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ" أو كما قال .
من هذا المنطلق جئنا نتحدث في هذه الغزوات أيها الإخوة، وغزوة اليوم التي نبدأ بها حديثنا، هي "غزوة حنين"، وغزوة حنين من أعظم المعارك الفاصلة في تاريخ الإسلام، وهي من آخر غزوات الرسول  وسأجملها لكم بكلمات، ثم أقف مع الدروس العظيمة التي وردت في هذه الغزوة.
هذه الغزوة ورد فيها دروس عظيمة جدًّا، تغيب عن ذهن كثير منا. وأنا أقرأ في السيرة، أقرأ في الأحاديث؛ وجدت فيها من الكنوز ما أعلم أنني لا أستطيع أن ألقيه في هذه العجالة، ولكنني سأختار أعظم هذه الدروس وهذه الوقفات، في هذه الليلة، ولكن قبل هذه الوقفات أعطي موجزاً مختصراً في بضع دقائق لهذه الغزوة:
عندما جاء الرسول  إلى مكة، وفتح الله له مكة في رمضان؛ بلغ عرب الطائف ومن حولهم بانتصار المسلمين وبفتح مكة، فخافوا خوفاً عظيمًا، وقالوا: "نحن سنكون بعد مكة"، فأعدوا عدة، وكانوا يعدون قبل ذلك، كانوا يعدون لهذه المعركة، حتى ورد أنهم كانوا يعدون منذ سنة لغزو الرسول  فلما علموا أن الرسول  جاء إلى مكة، وافتتح مكة؛ قالوا: "فلنبدأ به قبل أن يبدأ بنا".
فجاء مالك بن عوف -وكان سيدًا في قومه- وجمع هوازن وثقيف وبني مالك وبني جشم، وغيرهم من قبائل العرب المتاخمة للطائف، ونزل بهم بعد رمضان إلى مكة؛ لمهاجمة الرسول  فلما علم الرسول  خرج بعد رمضان، في السنة الثامنة من الهجرة، في اليوم الخامس أو السادس من شوال؛ لملاقاة مالك بن عوف ومن معه من هوازن وثقيف.
وفعلا التقوا في حنين، ولكن كان أهل الطائف قد سبقوا رسول الله  إلى المواقع المهمة، وعندما خرجوا وهم في الطريق، وكان عدد جيش المسلمين اثني عشر ألفا (عشرة آلاف من الذين جاءوا مع الرسول  من المدينة، وألفان من الطلقاء، أي: من الذين أسلموا في الفتح) فخرجوا إلى حنين، فلما رأى بعض المسلمين هذا العدد الهائل- رأوا هذا العدد الكبير؛ قال قائلهم: "لن نغلب اليوم من قلة" واستمروا.
وعندما قربوا من الموقع الذي عسكرت فيه هوازن وثقيف بقيادة مالك بن عوف، بدأ الرسول يستطلع أخبارهم، وأرسل أحد الصحابة ليستطلع خبرهم، وجاءه بالخبر.
وعندما اصطف الصفان بعد الفجر مباشرة، وقد قرر مالك بن عوف أن يبدأ قبل أن يُبدأ به، فقد أخذ روح المبادرة، فتعجل بعض الشباب، وسرعان الناس مع رسول الله  وغشوا في المعركة دون أن يكون عليهم دروع أو سلاح -كما ورد في الأحاديث الصحيحة- فرماهم أولئك بالنبل؛ لأنهم قد تحصنوا في أماكن مهمة في الجبال وفي نواحي المنطقة التي عسكروا فيها، فسرعان ما انهزم القوم وولوا على أدبارهم، وهربوا من المعركة، حتى بقي رسول الله  وحده، وليس معه إلا قلة -في بعض الروايات: بقي معه رجل واحد، وفي بعض الروايات: بقي معه أربعة رجال.
وكان عدد هوازن قرابة عشرين ألفا، فانطلقوا يقاتلون حتى ارتج القوم وولوا الأدبار -وبخاصة الطلقاء والأعراب- وسرعان الشباب الذين أسرعوا من القوم، حتى قال بعض القائلين: "لن يردهم إلا البحر" وقال آخر من الذين كانوا حديثي عهد بإسلام -بل من المشركين- منهم من قال؛ لأنهم كانوا قد جاءوا يرقبون المعركة، ولم يدخلوا فيها: "اليوم بطل السحر" بل قد ارتد بعض الناس ممن كان قد أسلم بالأمس من طلقاء مكة.
وبقي الرسول  ينادي، ثم أمر العباس -وكان جهير الصوت- فنادى، فبدأ الصحابة يأتون فردا فردا، والرسول  ثابت في مكانه، ثابت في مقامه، حتى -في بعض الروايات- أنه كان يركب بغلة  (وقالوا: إن ركوب البغلة يدل على الثبات والاستقرار والهدوء) وبدأ ينادي: "أيها الناس" وبدأ العباس ينادي المهاجرين، ينادي الأنصار، ينادي أصحاب بيعة الشجرة (أصحاب الشجرة) فبدءوا يتوافدون فردا فردا، حتى -في بعض الروايات- أن جمالهم وخيلهم كانت ترفض أن تعود إلى المعركة، فينزلون عنها ويأتون بأقدامهم، حتى تكامل مع رسول الله  قرابة مائة -قيل في الرواية ثمانين فردا، لاحظوا العدد- وقيل: "مائة" فبدءوا في القتال، واشتد القتال، ثم أخذ الرسول  حُصيات ورمى بها وقال: "انهزَموا" أو "انهزِموا" فما هو إلا وقد انهزمت هوازن في مائة من الناس فقط.
انهزم المسلمون وهم اثنا عشر ألفا، وانهزمت هوازن وأمامهم قرابة مائة فقط من صحابة رسول الله  ثم بدءوا في جمع الغنائم، وولت حنين إلى أوطاس (منطقة قريبة من حنين) ولمعلوماتكم فإن حُنينًا هي الآن قبل منطقة الشرائع وأنتم ذاهبون إلى مكة، قبل أن تصلوا إلى منطقة الشرائع (منطقة تسمى اليمانية) هذه هي حنين.
فهربوا إلى أوطاس، فأرسل الرسول  خلفهم أبا عامر الأشعري وأخاه أبا موسى الأشعري فقاتل أبو عامر حتى قتل  ثم أخذ الراية أخوة أبو موسى الأشعري، فقاتل حتى انهزمت ثقيف وهوازن، فلحقهم الرسول  إلى الطائف، وحاصرهم في قلعتهم في الطائف قرابة عشرين يوما -وقيل: ثلاثين يوما- وأبو أن ينزلوا من الحصن، فرجع رسول الله  إلى الجعرانة، في الشرائع، وقد جمعت الغنائم، وهي غنائم ضخمة جدا (أربعة وعشرين ألفا من الإبل، وقرابة أربعين ألفا من الغنم، وأربعة آلاف أوقية من الفضة، وستة آلاف من السبي (أي: من النساء والذرية) غنائم لم يغنم المسلمـون مثلها في تاريخهم أبداً في عهد رسول الله .
فما الذي حدث؟ بدأ رسول الله  انتظر أياماً لعل أهل الطائف يأتون، فلم يأتوا، فلما لم يأتوا؛ قسم الغنائم  وأعطى الطلقاء، أعطى المؤلفة قلوبهم، وأعطى عدداً من المهاجرين والأعراب، ولكنه لم يعط الأنصار شيئا  فوجدوا في نفوسهم، وكان لهم قصة سأذكرها، من الدروس -بإذن الله- ثم ذهب الرسول  وأحرم من الجعرانة واعتمر، ثم رجع إلى الجعرانة مرة أخرى، وانطلق إلى المدينة، ودخلها وقد بقي على شهر ذي الحجة عدة أيام. وهكذا انتهت هذه المعركة.
هذه هي بإيجاز عن هذه المعركة العظيمة.


الدروس والعظات من غزوة حنين
ثانياً: التفاؤل وعدم اليأس

ونقف الآن -أيها الإخوة- مع الدروس التي وردت في هذه الغزوة، الدروس كثيرة جدا:
من أول الدروس: والرسول سائر إلى حنين، وقد بلغته هذه الجموع، وقيل له: "إن معهم أموالهم وأولادهم ونساءهم"؛ لأن مالك بن عوف قد جاء معه بالنساء والأطفال والأغنام والإبل والأموال، لماذا؟ قال: حتى لا ينهزم أصحابه؛ لأنهم إذا عرفوا أن أموالهم وأهلهم معهم لا ينهزمون بسهولة.
فلما بلغ الرسول  فرح، وقال: " تلك غنيمة المسلمين غداً -إن شاء الله- " ( ) الدرس هنا أنه مع هذه المحنة العظيمة، الرسول  كان متفائلاً، وتفاؤل الرسول  ثبت في عدة مواقف:-
-في قصة سراقة بن مالك، والرسول مطرود من مكة  كان يبشر سراقة -كما ورد في بعض الآثار.
-في غزوة الأحزاب بشر صحابته.
وإن كان في هذه الأحاديث بعضها فيها ضعف، ولكن كان الرسول  إذا اشتد به الأمر بشر صحابته، فروح التفاؤل لا تغادره  ولذلك فمهمة الداعية إذا كثر القنوط وكثر اليأس وكثرت المشكلات- أن يبشر من معه.
يا أخي الكريم، مع هذه المصائب التي نراها الآن في الأمة، ومع هذا الابتلاء، ومع هذا التقتيل- صورة سوداء حالكة- يجب أن نبشر بالنصر العظيم -بإذن الله- عاجلاً أو آجلاً، هكذا كان  يفعل، وفعل في مثل هذه المعركة.
ثالثاً: العبرة ليست بالكثرة

الدرس الثاني -ولن أرتب الدروس- درس من أعظم دروس هذه المعركة: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ)( ) ورد في كثير من الروايات أن هناك بعض الصحابة، لما رأوا كثرتهم وهم قد خرجوا من مكة؛ قالوا: "لن نغلب اليوم من قلة" أعجبوا بكثرتهم؛ لأن هذا من أضخم الجيوش التي خرجت في عهد الرسول .
فماذا كانت النتيجة؟ كانت الوقعة، وكانت الهزيمة النكراء، وهذا الجمع الحافل وهذا العدد الكبير لم ينفعهم من الله شيئا.
هذا درس -أيها الإخوة- سأقف معه، ونحن بأمس الحجة إليه، مسألة الكثرة والقلة مسألة يخطئ فيها كثير من الناس، ويجب أن ننتبه لها، ليست العبرة -أيها الأحبة- في ميزان الشرع بالقلة والكثرة أبدا (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ)( ).
إنني أوجه خطابي لكم ولمن يسمع هذا الكلام: نحن أمام درس عظيم، لا تغتروا بالكثرة، لا تغتروا بكثرتكم، ولا تغتروا بكثرة الأعداء وترهبوا كثرة الأعداء (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)( ).
وقد ذكر الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن من مسائل الجاهلية الاغترار بالأكثر: "أنهم -يقول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وهو يبين مسائل الجاهلية- أن من أكبر قواعدهم الاغترار بالأكثر، ويحتجون به على صحة الشيء، فأبطل الله ذلك -جل وعلا- (وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً)( ) (فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً)( ) (أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً)( ) (كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ)( ).
ليست العبرة بالكثرة والقلة أيها الإخوة، أيها الدعاة، يا طلاب العلم، يجب أن تفقهوا هذه الحقيقة التي رأيناها عيانا في غزوة حنين: ليست العبرة بالقلة والكثرة؛ فدائما الكفار هم الأكثر، والمؤمنون هم الأقل، واستمعوا إلى بعض الآيات التي وردت في ذلك (مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ)( ) (فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ)( ) (تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا)( ) (وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ)( ) (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)( ) (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ)( ) (وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ)( ) (بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)( ).
أما المؤمنون؛ فدائما هم القلة، هم الأقل، هم الندرة، وهكذا يأتي الشرع ليثبت ذلك، (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ)( ) (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)( ) (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ)( ) (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ)( ) (فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ)( ) (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً)( ) (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ)( ).
العبرة - أيها الإخوة - ليست بالكثرة، بل إن الاحتجاج بالكثرة والإعجاب بالكثرة من مسائل الجاهلية، وهنا كثير من الناس الآن قد يعجب بكثرة الناس، نحن -والله- نفرح إذا رأينا كثرة المهتدين وكثرة الملتزمين، ولكن يجب إلا ننخدع في يوم من الأيام بهذه الكثرة؛ فإن الكثرة قد تكون وبالاً على أصحابها، كما كانت وبالا على رسول الله  ومن معه في حنين، فإن كثرتهم قد غرتهم، وقال قائلهم: "لن نغلب اليوم من قلة" فغلبوا مع كثرتهم، مع أنهم قد خرجوا منذ فترة قليلة من معركة، وخرجوا منتصرين من معركة فتح مكة، ومع ذلك هزموا.
فأقول: إن الكثرة ليست هي المقياس أيها الإخوة، إنما المقياس بالالتزام بالحق؛ ولذلك رأينا كيف هزم اثنا عشر ألفا وانتصر مائة، كم الفرق بين الاثنين؟ الفرق عظيم، عظيم جدا. اثنا عشر ألفا يهزمون، وينتصر مائة!
إذاً لا عبرة في القلة والكثرة؛ ولذلك كان من أعظم أسباب هزيمة المسلمين في حنين أنهم اغتروا بالكثرة، فحذار حذار أن تغتروا بالكثرة، لا تغتروا بكثرتكم، ولا تغتروا بكثرة أعدائكم.
هنا يأتي سؤال يفرض نفسه، وقد يقول قائل: "إنه ورد عن المصطفى  في حديث أنه " لن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة " ( ) فكيف نفعل بذلك؟ وهذا الحديث رواه أبو داود وأحمد وأبو يعلى والدارمي والواقدي، فروي بعدة أسانيد، وبمختلف الروايات، وهو عن ابن عباس  " لن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة " ( ) كيف نجمع بينه وبين هؤلاء، وعددهم اثنا عشر ألفا، وقد هزموا؟
لأنه في بعض الروايات عند أبي يعلى ورد فيها: " ما صبروا " نعم لا بد من الصبر، شرط الصبر. وعند الواقدي " ما اتحدت كلمتهم " "أنهم لن يغلبوا ما صبروا" وفي بعض الروايات أنهم لم يغلبوا (أي: يغلب اثنا عشر ألفا ما اتحدت كلمتهم) أما إذا لم تتحد كلمتهم؛ فإنهم عرضة للهزيمة وعرضة لهذا الأمر؛ حتى لا يقع الإشكال كيف نجمع بين هذين الحديثين " لن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة " ( ) نقول: " ما صبروا وثبتوا " و " ما اتحدت كلمتهم " كما في بعض روايات الحديث.
رابعاً: من أسباب الهزيمة ضعف العقيدة والعجلة

الدرس الثاني: من أسباب الهزيمة أيها الإخوة: والصحابة منطلقون من فتح مكة رأوا شجرة يعلق عليها المشركون أسلحتهم، يقال لها "ذات أنواط" فقالوا: "يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط" فغضب الرسول  وقال: " أتقولون كما قال بنو إسرائيل لموسى " ( ) (اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ)( ) هنا قال العلماء: من أسباب هزيمة المسلمين أنهم وجد فيهم من عقيدته ضعيفة، والذين قالوا هذا الكلام قلة، قد يكونون واحدا أو اثنين أو ثلاثة أو عشرة، مع اثني عشر ألفا، فكان من أسباب الهزيمة ضعف العقيدة عند بعض المسلمين.
ولذلك هنا نتساءل: لماذا تتأخر الانتصارات؟ لماذا تأخر انتصار المسلمين في كثير من بقاع الأرض؟ لأن لديهم ضعفا في عقيدتهم. إذا كان هؤلاء -ومعهم رسول الله  هزموا؛ لأن بعض الأفراد -حاشا لله أن يقول ذلك كبار الصحابة أو من تربى على يد الرسول-صلى الله عليه وسلم- بل إن الذين قالوا ذلك هم من الطلقاء، أي: من الذين أسلموا وهم مسلمة الفتح، الذين أسلموا منذ أيام قليلة، هم الذين قالوا للرسول  "اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط" فغضب الرسول  وأنكر عليهم هذا الفعل، ووقعت الهزيمة.
من أسباب الهزيمة أيها الإخوة: موقف أشرت إليه في بياني عن الغزوة، وهو يتعلق بالمحاضرة التي ذكرتها قبل أسبوعين بعنوان: "على رسلكم" هو تصرف بعض الشباب من سرعان القوم حيث دخلوا المعركة، استعجلوا المعركة قبل أوانها، انظروا إلى بعض الروايات التي وردت في ذلك، فعند البخاري وغيره، عن البراء- قال له رجل: " يا أبا عمارة، وليتم يوم حنين؟" قال: "لا والله ما ولى النبي  ولكن ولى سرعان الناس، فلقيهم هوازن بالنبل " ( )
وفي لفظ قال البراء: " لا والله ما ولى رسول الله  ولكنه خرج شبان أصحابه وأخفاؤهم " ( ) أي: الخفيفون الذين لديهم خفة " خرج شبان أصحابه وأخفاؤهم، ليس عليهم سلاح -أو كثير سلاح- فلقوا قوما رماة (جمع هوازن وبني نصر) ما يكاد يسقط لهم سهم، فرشقوهم رشقًا، ما يكادون يخطئون " ( )
هذا درس عظيم أيها الشباب، إن من أكثر ما تعانيه الدعوات قديما وحديثاً هو الاستعجال، هو الحماس، هي العواقب، أرأيتم مع رسول الله  عندما استعجل هؤلاء الشبان؛ ودخلوا في المعركة قبل أن تستكمل؛ وقعت الكارثة، ووقعت الهزيمة. تحمسوا قبل أن يستعدوا، قبل أن يأخذوا الأسلحة، قبل أن يلبسوا الدروع، فوقعت المصيبة.
فحذار حذار من العجلة، حذار حذار من العواطف الجياشة، التي لا تنضبط بالضوابط الشرعية، انتبهوا لخفاف القوم، الذين يصابون بخفة، ويصيبون غيرهم بهذه الخفة؛ فإن هذه قد أوقعت المسلمين -في غزوة حنين- في هذه الكارثة، كما رأيتم في حديث البراء، وهو حديث صحيح، فيه روايات متعددة، فهذه أيضاً من أسباب الهزيمة: فرار الأعراب، الأعراب فروا عندما دخلوا في المعركة، كما ثبت في الرويات الصحيحة.
خامساً: أهمية التربية

أيضا -وهذا درس مهم جدا- من أسباب الهزيمة ما فعله الطلقاء، الطلقاء من هم؟ هم الذين أخذهم الرسول  في الفتح ثم قال: " اذهبوا، فأنتم الطلقاء " ثم أسلموا وكانوا حديثي عهد بالإسلام، لما التحمت المعركة؛ أول من فر من المعركة هم الطلقاء، وهذا يعطينا درسا عظيما، وهو أهمية التربية أيها الأحبة، هؤلاء الذين لم يتربوا سرعان ما فروا، وأقول هذا لماذا؟ لأن الصحوة فيها عدد من الشباب لم يلتزموا إلا قريبا، لم يعرفوا الالتزام الحقيقي إلا منذ سنوات معدودة أو أشهر، فقد يغتر بهم البعض، فقد يستسمنوا ورما.
لا، لا بد من التربية، ولا بد من الصبر على التربية، والطلقاء كانوا سببا رئيسا من أسباب الهزيمة في غزوة حنين؛ لأنهم لم يتربوا، لم يدخلوا في الإسلام إلا قريبا، فهم من أول ما واجهتهم المعركة هربوا، بل إن بعضهم قد ارتد، وبعضهم قال: "اليوم بطل السحر" اعتبروا فعل الرسول  سحرا، اعتبروا الوحي سحرا، وقال أبو سفيان -وهو من الطلقاء، ومن الذين أسلموا حديثا-: "لن يرد هؤلاء إلا البحر" (أي: بحر جدة) يقصد الرسول  وصحابته، لما رآهم ولوا؛ قال: "لن يرد هؤلاء إلا البحر".
أرأيتم أن التساهل في موضوع التربية -أيها الشباب- والصبر عليها يحدث مثل هذه النتائج، الاغترار بإقبال الناس دون العناية بتربيتهم يحدث مثل هذه الكوارث، ويحدث مثل هذه المصائب؛ فلا بد من العناية بالتربية عناية تامة ودقيقة وبطيئة، وعلى تؤدة ودون عجلة.

سادساً: الاختلاف حول قسمة الغنائم

وتعتبر -يا إخوان- معركة حنين من أعظم المعارك التي وقعت فيها هزيمة بعد أحد، صحيح وقعت مؤتة، لكن مؤتة تعتبر انتصارا، فتعتبر -بعد أحد- مشابهة لأحد من حيث أسباب الهزيمة أيها الإخوة، كما ورد في بعض الروايات عند ابن إسحاق وغيره: أنه أول ما هجم الصحابة انتصروا، ثم انشغلوا في جمع الغنائم، ففاجأتهم هوازن بالنبل -كما وقع في أحد- ثم وقعت الهزيمة.
وهذا يذكرني بأحداث أفغانستان: لما بدأ انتصار إخواننا في أفغانستان؛ ماذا حدث؟ اختلفوا على الغنيمة، اختلفوا على الدولة، اختلفوا على قسمة الغنائم! انظروا الأحداث الآن: يحارب بعضهم بعضا، يقاتل بعضهم بعضا، سالت دماء، دماء زكية، دماء محرمة؛ بسبب اختلاف إخواننا -هداهم الله- في أفغانستان على الغنائم.
وكثير من الأسباب التي وقعت في حنين نجدها في قتال الأفغان؛ من أخطاء، ومن تعجل، ومن ضعف في العقيدة، ومن استعجال للنتائج، ومن اختلاف حول قسمة الغنائم، أمر محزن جدا.
فأين نحن من هذا الدرس؟ درس له وقفة، هذا الدرس -أيها الإخوة -درس عجيب، هو درس قد يمر الواحد من عنده ما ينتبه له: مالك بن عوف عندما جاء وجاء بالأغنام والإبل؛ جاءوا معهم بدريد بن الصمة، تعلمون من هو دريد، هذا الشاعر المعروف العجيب، هذا دريد جاء معهم للمعركة، لماذا جاءوا به للمعركة؟ انتبهوا أيها الإخوة، وهؤلاء مشركون كفار عصاة، محادون لله ولرسوله، جاءوا لحرب رسول الله  معهم دريد، تعرفون من هو دريد؟ دريد عمره مائة وستون سنة عندما جاء، دريد أعمى البصر، دريد كان ثقيل السمع، دريد كان ضعيف البنية؛ مائة وستون سنة! طيب، لماذا جاءوا به؟
لأن في دريد ميزة واحدة، اسمعوها: يقول: "وجاءوا معهم بدريد، وكان رجلا شيخا كبيرا، ليس فيه شيء إلا التيمن برأيه، ومعرفته بالحرب، وكان شيخاً مجربا.
عجيب! هذا دريد إذًا جاءوا به من أجل رأيه فقط، مائة وستون سنة، أعمى، ضعيف البنية، ما ينفع بشيء إلا بشيء واحد: أنه صاحب خبرة وتجربة وحياة طويلة، فهو صاحب رأي، فجاءوا به حتى يستفيدوا من رأيه.
أرأيتم؟ والله لو أن كل واحد منا قدم للإسلام ما يستطيع؛ لفعلنا العجب، ما فيه شيء إلا رأيه وانظروا الرأي، والله نعم الرأي قاله بالنسبة لهم، لكن لم يأخذوا به، والحمد لله أنهم لم يأخذوا به، فقال: "ما لي أسمع رغاء البعير، ونهيق الحمير، وبكاء الصغير، ويعار الشاة؟" قالوا: "سـاق مالك بن عوف مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم"، فقال: "أين مالك؟" "القائد، استدعوا القائد." قال: "أين أنت؟" قيل: "هذا مالك" ودعي له، فقال: "يا مالك، إنك قد أصبحت رئيس قومك، وإن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام، ما لي أسمع رغاء البعير ونهيق الحمير وبكاء الصغير ويعار الشاة؟"
قال: "سقت مع الناس أموالهم وأبناءهم ونساءهم"، قال: "ولم ذاك؟" قال: "أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله؛ ليقاتل عنهم". قال: "فانفَضَّ به (أي: زجره) وقال له: "راعي ضأن والله" قال لمالك بن عوف: "راعي ضأن والله (لا تصلح قائد معركة، كيف تفعل ذلك؟ نعم، راعي ضأن والله) وهل يرد المنهزم شيء؟" يقول دريد: "وهل يرد المنهزم شيء؟" نعم، قال: "راعي ضأن والله (لا تصلح لقيادة المعركة) وهل يرد المنهزم شيء؟ إنها إن كانت لك؛ لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك؛ فضحت في أهلك ومالك؟"
وصدق، ولكن مالكا لم يأخذ برأيه -والحمد الله أنه لم يأخذ برأيه- يقول له: "أنت مجنون؟! تأتي بالحريم والأطفال والغنم والإبل! إذا وقعت المعركة؛ إن انتصروا؛ انتصروا بهؤلاء، بدون الأطفال والنساء، وإن هزموا؛ المهزوم لا يرده شيء، فستصبح فضيحة عليك".
وهذا الذي كان: لما انهزمت هوازن وثقيف؛ هربوا، وتركوا نساءهم، وتركوا أموالهم، وغنم المسلمون أربعة وعشرين ألفا من الإبل، وأربعين ألفا من الغنم، وأربعة آلاف أوقية، وستة آلاف من السبي (من النساء والأطفال).
الشاهد هذا الرجل، تصوروا! جاء به قومه من أجل رأيه، وهو رجل كبير (مائة وستون سنة) أعمى، ضعيف، مريض، ولكن من أجل الرأي. أرأيتم كيف يقدم الإنسان ويخدم دينه؟ كيف يخدم مبدأه؟ كيف يخدم عقيدته؟ إذًا -والله- ما أحوجنا -نحن المسلمين- إلى أن نستفيد من كل مسلم بما معه: صاحب الرأي برأيه، صاحب الشجاعة بشجاعته، صاحب المال بماله، صاحب العلم بعلمه، صاحب الإقدام بإقدامه، وهذا -مع كل أسف- لم يحدث بعد على المستوى المطلوب.
هذا درس عجيب من دروس الكفار، نحن أحق بهذا الدرس منهم، ويجب أن نستثمر الطاقات الموجودة، بالعكس! عندنا نحن إذا بلغ الرجل ستين سنة واكتمل تجربة وعقلا وخبرة؛ قيل له: "متقاعد" ستون سنة في أحسن أحواله. نعم، الغرب يستفيدون من كبارهم بعد الستين، ويبلغون الثمانين. والحمد الله أن مثل هذا الأمر استثني منه كثير من علمائنا، وإلا لخسرناهم. كم نحتاج إلى صاحب الستين هذا! مائة وستون سنة، وينفع قومه برأيه! ألا نستفيد نحن من كل صاحب رأي برأيه؟ من كل صاحب علم بعلمه، وهكذا؟
سابعاً: قضية السرية والعلنية

من الدروس -أيها الإخوة- درس يحتاج إلى وقفة يسيرة، وهي مسألة فيها إشكال يا أحبتي الكرام، قضية السرية والعلنية: نحن واقعون في مشكلة، نسأل الله أن يعافينا وإياكم منها، وأنا أقصد عموم الدعاة وطلاب العلم وشباب الصحوة: إفراط أو تفريط، وقليل من يلتزم الوسط في موضوع السرية، هناك لا يعمل للإسلام عمل إلا بالسرية، في بلد التوحيد، أهله مسلمون، وإخوانه مسلمون، ولكن كل عمله سر في سر، وهذا غلو، وآخرون يعتبرون السرية بدعة من البدع، بل من كبائر البدع، ويتهمون الدعاة -أو بعض الدعاة- أو بعض طلاب العلم، أو بعض شباب الصحوة بالسرية. سبحان الله!
وهؤلاء مخطئون، وهؤلاء مخطئون، أريد أن أقف معكم وقفة يسيرة يا أحبتي الكرام؛ لنتبين هذا المنهج؛ حتى لا تزل أقدامنا.
أقول -وآمل أن تعوا ما أقول-: الذين يوغلون في السرية ويبالغون في السرية ويجعلون أعمالهم كلها سرا في سر- مخطئون، والذين أنكروا السرية وجعلوها بدعة من البدع مخطئون، بل هم المبتدعون؛ لماذا؟ لأن السرية ثابتة في الأدلة الصحيحة عن المصطفى  وليست في مكة فقط.
السرية -أيها الإخوة -إذا أخذت بقدرها، دون إفراط أو تفريط؛ فإنها ثابتة، وقد سألت سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز عن موضوع السرية، فقال: "إن السرية تؤخذ بقدرها، تزيد في مكان، وتنقص في مكان، تختلف من بلد إلى بلد، ومن مجتمع إلى مجتمع.
وقد يكون بعض العمل سرًّا، ولا بد من ذلك، فأقول لهؤلاء الذين يحرمون السرية ويجعلونها بدعة من البدع: "على رسلكم، أنتم مخطئون وواهمون"، وأقول لأولئك الذين غلوا في السرية، وجعلوا أعمالهم كلها سرية -في تجمعاتهم، وطلبهم للعلم، وذهابهم وإيابهم- أقول لهم: "أنتم مخطئون؛ لأن الأصل في الدعوة- اسمعوا مني-: الأصل في الدعوة هو العلانية، الأصل في الدعوة الإسلامية هو العلانية": (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ)( ).
الأنبياء والرسل عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام جهروا بدعوتهم ليلاً ونهارً سراً وجهراً لماذا أقول هذا وما علاقة ذلك بحنين حنين كما تعلمون من آخر الغزوات ومع ذلك ثبتت فيها السرية قد ثبتت السرية قبل ذلك في عدة مواقع ثبتت في دار الأرقم في مكة وثبت في بيعتي العقبة وثبتت في هجرة الرسول  أليست سرًّا وثبتت في كثير من الغزوات وثبتت في خروجه مع أصحابه كثيرًا ما يخرج الرسول  وما معه إلا أبو بكر وعمر (أي: وأحيانا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ينفردون عن بقية المسلمين) هذا عمل سري، نعم " اسكن أحد، فإنما عليك صديق وشهيدان " ( ) والأحاديث كثيرة في اجتماع الرسول  مع أبي بكر وعمر، أو مع أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وحدهم دون غيرهم، وقد ثبت في ذلك أحاديث صحيحة.
أما في حنين؛ فإنها لما حدثت مشكلة الغنائم، ووجد الأنصار في نفوسهم شيئا؛ طلب الرسول  من سعد  أن يجمع له الأنصارقال لسعد بن عبادة: " اجمع لي الأنصار " فلما جمعهم الرسول  قال لهم: " أفيكم أحد من غيركم؟ " ( ) لاحظتم الرسول  في حنين؟ طلب اجتماع الأنصار وحدهم، دون أن يدخل فيهم أحد، ولا من المهاجرين، لم يحضر لا أبو بكر، ولا عمر، ولا العباس، ولا غيرهم، بل سألهم الرسول  وقال: " أفيكم أحد من غيركم؟ قالوا: " لا يا رسول الله، إلا ابن أخت لنا". قال الرسول  ابن أخت القوم منهم " ( ) إذًا ما فيه مانع من دخوله، أما إذا كان غيره؛ يطلع، ما له علاقة بهذا الاجتماع، هذا اجتماع خاص، خاص بالأنصار.
هكذا ثبت في الأحاديث الصحيحة، ما دخل في هذا الاجتماع ولا مهاجري، ولا أحد من الطلقاء، مع أنهم مسلمون، وفيهم كبار الصحابة، جعله خاصا بالأنصار -باب "من خص بالعلم قوما دون آخرين"- يريد الرسول أن يحدثهم حديثا خاصا ما يخص المهاجرين، ما له علاقة بالمهاجرين، هذا نوع من السرية، بل سألهم: " أفيكم أحد من غيركم؟ " ( ) قالوا: "لا يا رسول الله، إلا ابن أخت لنا"، هو ليس من الأنصار، لكن أخواله الأنصار. قال: " ابن أخت القوم منهم " ( ).
إذًا يا أحبتي الكرام، يجب أن نفهم السرية على وجهها الصحيح، فلا إفراط ولا تفريط، وأقول: الأصل في العمل الإسلامي، الأصل في الدعوة هو العلانية، ولكن -حتى مع قيام الدولة- قد يحتاج إلى السرية.
الرسول  احتاج إلى السرية، حتى بعد قيام الدولة، وليست خاصة في مكة -كما يقول البعض- أبدا، فيه أحاديث كثيرة جدا في فتح مكة، عندما التقى مع حاطب ومن معه (حاطب بن أبي بلتعة  ومعه الصحابة) كانت خاصة ببعض الصحابة، بعض كبار الصحابة لم يحضروها.
إذًا ما كان الرسول يخرج لمعركة إلا ورى بغيرها، إلا غزوة تبوك؛ إذًا هذه سرية، فالسرية إذا أخذت بقدرها دون إفراط أو تفريط؛ فإنها مشروعة، أما الغلو فيها -كما هو واقع عند كثير من الناس- هذا هو الخطأ، فلا إفراط، ولا تفريط.
ثامناً: ثبات القائد

من الدروس العظيمة: درس من أعظم أسباب انتصار المسلمين ثبات الرسول  حتى -كما في بعض الروايات- لم يثبت إلا هو وحده  وقيل: "معه أربعة: أبو بكر وعمر وعلي والعباس" وقيل: "ثمانية" وقيل: "عشرة" لكن ثبات الرسول كان ثابتا، حتى نادى على الأنصار والمهاجرين، فحضروا.
أقول: هذا الدرس أن ثبات الداعية على مبدئه من أعظم وسائل انتصاره، من الملاحظات التي نراها عدم ثبات بعض الدعاة على مبادئهم، كل يوم له رأي، يغير مواقفه. ثبات الداعية من أعظم وسائل الانتصار، ولذلك لما ثبت رسول الله  كان سببًا رئيسا من أسباب انتصارهم بعد الهزيمة النكراء.
فأيها الدعاة، الله الله، الثبات الثبات، اسألوا الله الثبات، اسألوا الله أن يثبت قلوبكم، فأقول: "إن قضية الثبات -أيها الإخوة- نحتاج إليها، وطنوا أنفسكم على الثبات.
جاءني بالأمس بعض الأحبة من دولة عربية، وقالوا: "إننا سجنا ثمانية أشهر، وعذبنا بأنواع التعذيب، حتى بالكهرباء والثلج، ولكن الله ثبتنا فلم ننطق بكلمة مع هؤلاء المجرمين، فله الحمد والشكر"
والله إنني أكبرتهم! رجال بسطاء، سجنوا سبعة أشهر أو تزيد، وليس لهم ذنب إلا أنهم أقاموا مساجد في قراهم وفي باديتهم، في دولة عربية! نعم، ومع ذلك ثبتوا ثباتًا، فنسأل الله الثبات؛ فإن ثبات الداعية على منهجه- بل يقولون: "إنه في آخر الأيام؛ بسبب ثباتنا اهتدى بعض الضباط الذين يعذبونهم" نعم، يقول: "تعاطفوا معهم، وتحسنت أحوالهم؛ لأنهم قالوا: لولا أن هؤلاء على حق؛ ما ثبتوا"، فما كانوا ينطقون. يقول: "والله حتى بكلمة أو مما يريدون لم نفعل شيئا" فكان سببا عظيما من أسباب الانتصار.
إذًا من أعظم أسباب انتصار المسلمين في غزوة حنين ثبات الرسول .
الله الله أيها الدعاة، الثبات الثبات؛ الأعداء متيقظون قائمون، يعملون ليل نهار، فاحذروا، فاحذروا من خلاف الثبات، من الزلل، من الضلال -والعياذ بالله- فلا بد أن يكون الداعية ثابتا على مبدئه، على عقيدته؛ وبهذا ينتصر -بإذن الله- فهذه مسألة تتعلق بقضية الثبات.
تاسعاً: خلق القائد وصبره

ما بقي إلا درس أو درسان سأحاول أن أختصرهما -إن شاء الله- مع أن فيها درسا عظيما جدًّا
من أعظم الدروس: خلق الرسول  وصبره، واجه -وتصوروا- هؤلاء الأعراب، هؤلاء الطلقاء، الطلقاء من كفار قريش، ثم أسلموا- هربوا، ولما جاءت الغنائم؛ جاءوا يركضون! أول من هرب هو أول من جاء للغنائم، فأحدهم يقول: "اعدل يا محمد" فيستأذن عمر بقتل هذا الرجل؛ لأنه كفر، وغضب الرسول  وقال: " من يعدل إن لم أعدل " ( ) " خسرت وهلكت إن لم أعدل " ( ) أو كما قال .
ولكنه حلم وعفا وصفح، وقال: " لا أحب أن يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه " ( ).
جاءه رجل -كما في بعض الروايات، كما روى أنس بن مالك- يقول: جاءه أعرابي فأخذ وجذب الرسول  حتى أثر في عنقه، وقال: "أعطني يا محمد من مال الله" فالتفت إليه الرسول  وضحك، فأعطاه حتى رضي.
جاءه رجل وقال: "أعطني" فأعطاه مائة من الإبل. قال: "أعطني" فأعطاه مائة من الإبل. قال: "أعطني" فأعطاه مائة من الإبل. يقول: "والله إنه كان أبغض رجل إلي، فما انصرفت إلا وهو أحب رجل إلي".
خلق الرسول  خلق رفيع، لا ينتصر لنفسه، ولذلك قال الله -جل وعلا-: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)( ) وعندما سئلت عائشة عن خلقه قالت: "كان خلقه القرآن".
يا أحبتي، أنتم تواجهون في دعوتكم بعض الإهانات، ولن تواجهوا كما واجه الرسول  فعليكم بالصبر، وطنوا أنفسكم على الصبر، وطنوا أنفسكم على الحلم، وطنوا أنفسكم على العفو: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)( ).
فحذار حذار أن تنتصروا لأنفسكم، حذار حذار أن تغضبوا لأنفسكم، ويأتي الشيطان فيقول: "إن غضبكم لله" لا، إن كنتم تريدون انتصار الدعوة -ولا أشك في ذلك- فاصبروا وصابروا، واعفوا واصفحوا وتحملوا، ستأتيكم إهانات، سيأتيكم ابتلاء، سيأتيكم أناس من قليلي الأدب، فعليكم بالصبر، وعليكم بالحلم، وعليكم بالعفو؛ اقتداءً بسنة المصطفى  هذا أمر مشاهد وبين في عدد من خلقه وغزواته  وأقف إلى ما بعد الآذان.
أعود أواصل أيها الإخوة، أقول: لما نقل للرسول  أن أحد الأشخاص -بعد أن وزع الرسول  الغنائم- قال: "إنها لقسمة ما أريد بها وجه الله" أعوذ بالله، أيقال هذا عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟! الرسول لا يريد بقسمته وجه الله -جل وعلا- فماذا قال المصطفى ؟ فتغير وجهه  وغضب، ولكنه لم يتعد أن قال: " قد أوذي موسى بأكثر من ذلك فصبر " ( ) ثم ذكر حديث " "أن نبيا من الأنبياء شجه قومه، فكان يمسح الدم عن وجهه ويقول: "اللهم اهد قومي، اللهم اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون ".
فوطنوا أنفسكم على الصبر؛ لأنه تأتيني بعض الحالات، وأسمع بعض الحالات: سرعان ما يغضب الإنسان، يذهب وقاره لو قيل له كلمة، لو سب أو شتم.. لا، تحمل، ووطن نفسك على ذلك.
عاشراً: معرفة ومعالجة الرسول  ما في نفوس الصحابة

موضوع -أيها الإخوة- قسمة الغنائم: هذه الغزوة تحتاج إلى بعد نظر، الرسول غنم في هذه الغزوة غنائم لم يغنمها في أي معركة أخرى، فبدأ في قسمة الغنائم، وأعطى من أعطى، أعطى الطلقاء، أعطى الذين فروا، أعطى المؤلفة قلوبهم، ولم يعط الأنصار شيئا، والأمر -الحقيقة- مؤثر يا أخوان كما تعلمون، ولكن كان في ذلك حكمة عظيمة جدا، حيث أراد أن يسترق قلوب هؤلاء، وفعلاً، حتى كما ورد أن صفوان بن أمية يقول: "أعطاني رسول الله  يوم حنين وإنه لأبغض الخلق إلي، فما زال يعطيني حتى إنه لأحب الخلق إلي".
جاءه أبو سفيان فقال: "أعطني يا رسول الله"، فأعطاه مائة من الإبل. قال: "أعط ابني معاوية مثلها" فأعطاه مثلها. قال: "أعط ابني يزيد مثلها" فأعطاه مثلها، فكان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر .
بقيت قضية مهمة من آخر الدروس: لما وزع الرسول  الغنائم، وكما رأيتم، يعطي الأعرابي مائة من الإبل، ثم مائة من الإبل، ثم مائة من الإبل، وهم الذين لم ينصروه، بل ما دخلوا معه معركة إلا هذه المعركة، وفروا، ثم وزع كل هذه الغنائم -على كثرتها- ما أعطى الأنصار شيئا واحدا منها.
انتبهوا معي لهذه الدروس العظيمة في هذه القصة: الأنصار -رضي الله عنهم- بشر من البشر، بشر، فوجدوا في نفوسهم، حقيقة وجدوا في نفوسهم، قالوا: "الآن لما وصل قومه وجاء إلى مكة الآن، وفتح مكة، يعني استغنى عنا، أعطى قومه وتركنا" فأثر في نفوسهم، فكان هذا -الحقيقة -أمرا مؤثرا جدا.
فجاء سعد بن عبادة  فأخبر الرسول  قال: يا رسول الله، ترى مشكلة وقعت: الأنصار الآن يتحدثون فيك، وقعوا في نفوسهم، يقولون إيش معنى أنه ما أعطانا، أعطانا في كل الغزوات إلا هذه الغزوة؛ ألأنه فتح مكة أصبح ما هو محتاجا إلينا؟" يعني: مستعد يجلس عند قومه في مكة، بعد أن آويناه، وبعد أن جلس عندنا كل هذه السنوات ونحن ننصره ونؤازره، ما يعطينا شيئا؟! أدرك الموقف" قال له سعد: "يا رسول الله، إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم؛ لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظاماً في قبائل العرب، ولم يكن في هذا الحي من الأنصار منها شيء".
الله أكبر! والله فعلاً موقف عظيم قال له الرسول  " فأين أنت من ذلك يا سعد؟ " ( ) (وأنت؟) فكان أجاب بصدق وصراحة وقال له: "ما أنا إلا من قومي" قال له الرسول: "الآن أنت تخبرني عن الأنصار، وأنه صار في نفوسهم شيء، وأنت يا سعد؟" قال: "ما أنا إلا من قومي" صحيح. فقال له الرسول  " فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة " ( ) قال: "فخرج سعد فجمع الأنصار في تلك الحظيرة" قال: "فجاء رجال من المهاجرين، فتركهم يدخلون. وجاء آخرون، فردهم" نعم، فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا، وجاء آخرون فردهم .
فلما اجتمعوا له؛ أتاه سعد فقال: "قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار" فأتاهم رسول الله  فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: " يا معشر الأنصار، ما قالة بلغتني عنكم، وجدة وجدتموها علي في أنفسكم؟ ألم آتكم ضلالا فهداكم الله؟ وعالة فأغناكم الله؟ وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟ قالوا: "بلى، "الله ورسوله أمَنّ وأفضل" ثم قال: ألا تجيبونني يا معشر الأنصار؟ قال: "أجيبوا" قالوا: "بماذا نجيبك يا رسول الله؟ لله ولرسوله المن والفضل." قال  أما والله - " ( ) بدأ يحكي ما في نفوسهم  " أما والله لو شئتم لقلتم، فلصَدقتم ولصُّدِقتم: "أتيتنا مكذبا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدا فآويناك، وعائلا فآسيناك". أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا، ووكلتم إلى إسلامكم؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار، أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده؛ لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا؛ لسلكت شعب الأنصار. اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار ".
هذا درس عظيم لك أيها الداعية:-
أولاً- دور سعد بن عبادة: إخباره للرسول  بما جرى؛ هذا أمر عظيم، حتى يستدركه الرسول .
ثانياً- أهمية تحسس الداعية ما في نفوس طلابه وأتباعه: طالب العلم يجب أن يعرف ما في نفوس أصحابه وأتباعه، طالب العلم يجب أن يعرف ما في نفوس أصحابه، الأب يجب أن يعرف ما في نفوس أبنائه، يا أخي الكريم، قد لا تستطيع أن تصل إلى بعض ما في نفوس أبنائك، ولكن تستطيع عن طريق زوجتك، قد يهابك الأولاد فلا يخبرونك بما في نفوسهم، يجب أن تصل إلى ما في نفوسهم عن طريق والدتهم، أو عن طريق أحد إخوانهم، الداعية يجب أن يصل إلى نفوس من معه من المدعوين عن طريق أحد هؤلاء، وأن يتحسس هذا الأمر.
ثم كيف عالج الرسول  الموقف؟ هل استهان بذلك الرسول؟ كلا وحاشا، بادر سريعاً وقال: "اجمعهم". فجمعهم، فأتى الرسول  وسمح لبعض الرجال من المهاجرين أن يدخلوا، ورد البقية، رد البقية، وهذا استدراك وليس -كما قلت قبل قليل- أنه لم يدخل أحد من المهاجرين، إنما دخل بعض المهاجرين، ولكنهم قلة، أما البقية؛ ردهم الرسول  لأن هذا اجتماع خاص للأنصار.
ثم انظروا المعالجة العجيبة! هل جلس الرسول  يعظهم فقط؟ لا، قال: "أعطوني ما في نفوسكم" قالوا: "ما في نفوسنا شيء" قال: "لا، في نفوسكم شيء، قولوا لي" فاستحوا. قال: "أما والله لو قلتم لصدقتم: أتيتنا طريداً فآويناك، ملاحقاً فآمناك" كما سمعتم في الرواية، صحيح هذا الذي كان في نفوسهم: "إنه لما جاءنا طريدا ونحن الذين آويناه، ونحن الذين أغنيناه، ونحن الذين حميناه، ولما استغنى عنا الآن خلانا" نعم يا إخوان، كلام عجيب. فبكوا بكاء شديدا؛ لأن الذي قاله الرسول  هو الذي في نفوسهم. ثم نقلهم نقلة عجيبة . والله يا إخوان هذه المعالجة وقفت أمامها طويلا، كانوا ليش تأثرهم؟ ليش ما الواحد عنده بعير، ولا ما عنده كم من الإبل أو من الغنم أومن الفضة؟ فجعل المقارنة عظيمة، جعل المقارنة بين الرسول وبين البعير والشاة، قال إيش تبغون؟ إيش رأيكم؟ نقول: "نعطيكم الشاة والبعير، وأذهب مع المهاجرين إلى مكة، أو يذهب الناس بالشاة والبعير وأنتم تذهبون برسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟"
تصوروا المقارنة العجيبة! أناس ذهبوا يجرون الإبل ويجرون الشياه، ومعهم الأمتعة، وأناس ذهبوا برسول الله  أيها أعظم؟ هذا متاع عاجل تافه حقير، أما هذا باق، والله لو لم يأتهم من هذه الغزوة إلا أن قال لهم الرسول  هذه الدعوة: " اللهم أرحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار " ( ) أيها أعظم: هذه أيها الإخوة من شاة ومن بعير ومن فضة؟
الداعية يجب أن يكون يقظا متحسسا، ينظر نفوس من معه، يعالج المشكلات، لا يكن في صومعة بعيدا؛ لأن من الشكاوى الموجودة أن بعض الدعاة بعيد عن أتباعه، أن بعض الأساتذة وبعض المعلمين بعيد عن طلابه، أن بعض طلاب العلم لا يتحسس مشكلات طلابه! هذا لا يليق، لا يناسب؛ فالرسول تحسس هذه المشكلة وتابعها  وهذه من أهم ما يجب أن يعنى به الداعية: معالجة الأمور النفسية؛ أصحابك، أبناؤك، تلاميذك- بشر يعتريهم ما يعتري البشر من النقص ومن الضعف، فتحسس مشاكلهم.
يأتيك شاب منكسر، له ظروف، له أوضاع، له أحوال؛ تحسس مشاكله. يأتيك أناس قد يحسون في نفوسهم شيئا، يأتينا الآن بعض الطلاب ويقولون: "نحن من البلد الفلاني، ينظر إلينا نظرة خاصة! لماذا هذه التفرقة؟ ألأننا من البلد الفلاني؟ ألأننا من الدولة الفلانية؟ بعضهم يأتي إلي ويقول: "إنه ينظر إلينا نظرة خاصة؛ لأننا فقراء".
مهمة الداعية، مهمة طالب العلم أن يكون رحيما بطلابه، يتحسس مشاكلهم، يرفع من معنوياتهم، يزيل ما رسب في نفوسهم، ثم انظروا إلى الشيطان، كيف يدخل في مثل هذه القضايا وهم صحابة الرسول  وهم الذين عاشوا معه؟ فالله الله، أقول: انتبهوا أيها الإخوة.

الحادي عشر: دور المرأة

وأخيرًا: سبق أن أشرت إلى قضية، ولكنني أؤكدها، وهي أنني وقفت أن اثني عشر ألفا -كما قلت لكم- انهزموا، والذين ثبتوا قرابة مائة، وهم الذين انتصروا، كم نسبة مائة لاثني عشر ألفا؟ أقل من واحد من مائة، تصوروا! أقل من واحد من مائة؛ لأن أكثر الروايات أنهم ثمانون من اثني عشر ألفا، وهم الذين انتصروا؛ فلا تضعفوا ولا تهنوا وأنتم الأعلون، وليست العبرة بالقلة والكثرة.
وهناك دروس كثيرة: فالمرأة قد كان لها دور، وبخاصة أم سليم، كان معها خنجر، فقال لها الرسول  " لماذا هذا الخنجر يا أم سليم؟ قالت إذا جاءني أحد من المشركين؛ بقرت بطنه. ثم قالت: "يا رسول الله، ألا تقتل هؤلاء الطلقاء الذين هربوا وخلوك؟" قال: لا، الله -سبحانه وتعالى- أرحم وأعدل " فعفا عنهم  عفا عن الطلقاء مرة ثانية، عفا عنهم في مكة، وعفا عنهم في حنين، بل أعطاهم من الأموال، حتى كان عند بعضهم الرسول 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ocean
Admin
ocean


مزاجي *: : عادي
الجنسيه *: : جزائر
عدد المساهمات : 16284
تاريخ التسجيل : 21/07/2009

غزوات و معارك Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوات و معارك   غزوات و معارك Emptyالأربعاء سبتمبر 22 2010, 22:48

غزوة بدر - رمضان سنة 2 هـ

سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقافلة قريش قد أقبلت من الشام إلى مكة ، وقد كان يقودها أبا سفيان بن حرب مع رجال لا يزيدون عن الأربعين . وقد أراد الرسول عليه الصلاة والسلام الهجوم على القافلة والاستيلاء عليها ردا لما فعله المشركون عندما هاجر المسلمون إلى المدينة ، وقال لأصحابه : " هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها " .
كان ذلك في الثالث من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة ، وقد بلغ عدد المسلمين ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، ومعهم فرسان وسبعون بعيرا . وترك الرسول عليه الصلاة والسلام عبد الله بن أم مكتوم واليا على المدينة . لما علم أبو سفيان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أرسل ضمضم بن عمرو الغفاري إلى أهل مكة يطلب نجدتهم . ولم وصل ضمضم إلى أهل قريش صرخ فيهم قائلا : " يا معشر قريش ، أموالكم مع أبي سفيان عرض لها محمدا وأصحابه لا أرى أن تدركوها " . فثار المشركون ثورة عنيفة ، وتجهزوا بتسعمائة وخمسين رجلا معهم مائة فرس ، وسبعمائة بعير .

جاءت الأخبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قافلة أبي سفيان قد غيرت اتجاه طريقها ، وأنه سيصلها غدا أو بعد غد . فأرسل أبو سفيان لأهل مكة بأن الله قد نجى قافلته ، وأنه لا حاجة للمساعدة . ولكن أبا جهل ثار بغضب وقال : " والله لا نرجع حتى نرد بدرا "

جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وقال لهم : إن الله أنزل الآية الكريمة التالية : (( و إذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنهما لكم و تودون أنّ غير ذات الشوكة تكون لكم و يريد الله أن يحق الحق بكلماته و يقطع دابر الكافرين ))

فقام المقداد بن الأسود وقال : " امض يا رسول الله لما أمرك ربك ، فوالله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : (( قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا ليها فاذهب أنت و ربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ))

ولكن نقول لك : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون . فأبشر الرسول عليه الصلاة والسلام خيرا ، ثم قال :

" أشيروا علي أيها الناس ( يريد الأنصار ) . " فقام سعد بن معاذ وقال :

" يا رسول الله ، آمنا بك وصدقناك وأعطيناك عهودنا فامض لما أمرك الله ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد" فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " أبشروا ، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم " .

وصل المشركون إلى بدر ونزلوا العدوة القصوى ، أما المسلمون فنزلوا بالعدوة الدنيا . وقام المسلمون ببناء عريش للرسول صلى الله عليه وسلم على ربوة ، وأخذ لسانه يلهج بالدعاء قائلا : " اللهم هذه قريش قد أتت بخيلائها تكذب رسولك ، اللهم فنصرك الذي وعدتني ؟ اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم فلن تعبد في الأرض " . وسقط ردائه صلى الله عليه وسلم عن منكبيه ، فقال له أبو بكر : " يا رسول الله ، إن الله منجز ما وعدك ".

قام المسلمون بردم بئر الماء - بعد أن استولوا عليه وشربوا منه - حتى لا يتمكن المشركون من الشرب منه . وقبل أن تبدأ المعركة ، تقدم ثلاثة من صناديد قريش وهم : عتبة بن ربيعة ، وأخوه شيبة ، وولده الوليد يطلبون من يبارزهم من المسلمين . فتقدم ثلاثة من الأنصار ، فصرخ الصناديد قائلين : " يا محمد ، أخرج إلينا نظراءنا من قومنا من بني عمنا" فقدم الرسول عليه الصلاة والسلام عبيدة بن الحارث ، وحمزة بن عبد المطلب ، وعلي بن أبي طالب . فبارز حمزة شيبة فقتله ، وبارز علي الوليد فقتله ، وبارز عبيدة عتبة فجرحا بعضهما ، فهجم حمزة وعلي على عتبة فقتلاه . واشتدت رحى الحرب ، وحمي الوطيس . ولقد أمد الله المسلمين بالملائكة تقاتل معهم . قال تعالى : (( بلى إن تصبروا و تتقوا و يأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ))وهكذا انتهت المعركة بنصر المسلمين وهزيمة المشركين ، حيث قتل من المشركين سبعون وأسر منهم سبعون آخرون . أما شهداء المسلمين فكانوا أربعة عشر شهيدا . ولقد رمى المسلمون جثث المشركين في البئر ، أما الأسرى فقد أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف 4000 درهم عن كل أسير امتثالا لمشورة أبي بكر ، أما من كان لا يملك الفداء فقد أعطه عشرة من غلمان المسلمين يعلمهم القراءة والكتابة . وهكذا انتصر المسلمون انتصارا عظيما بإيمانهم على المشركين الذين كفروا بالله ورسوله .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ocean
Admin
ocean


مزاجي *: : عادي
الجنسيه *: : جزائر
عدد المساهمات : 16284
تاريخ التسجيل : 21/07/2009

غزوات و معارك Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوات و معارك   غزوات و معارك Emptyالأربعاء سبتمبر 22 2010, 22:49

غزوة تبوك - رجب 9 هـ

بعد فتح مكة ودخول الحجاز كلها في الإسلام ، خشي العرب التابعون للروم من المسلمين في بلاد الشام من قوة الإسلام . فقرر الروم غزو المسلمين . وجهزوا جيشاً كبيراً عسكروا جنوب بلاد الشام .
وصلت الأخبار إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فدعا إلى تجهيز جيش قوي يصد غزو الروم .

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أن الظروف التي يمر بها صعبة ، وأن الأيام أيام قيظٍ وقحط . فبعث الرجال يحثون القبائل على الاشتراك في الجيش ، وحث الأغنياء على أن يجودوا بمالهم ، فتبرع عثمان بن عفان بعشرة آلاف دينار وتسعمائة بعيرٍ ، ومائة فرس.كما تبرع أبو بكرٍ الصديق بكل ماله . وتبرع عبد الرحمن بن عوف بأربعين ألف دينار . وتبرعت النساء بحليهن وزينتهن من الذهب .

و تحرك جيش المسلمين إلى تبوك في شهر رجب من العام التاسع بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان عددهم ثلاثين ألفاً تقريباً . و أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم اللواء لأبي بكرٍ الصديق . وعسكر النبي صلى الله عليه وسلم بجيشه في ثنية الوداع . وكان الحر شديداً للغاية ، وعانى المسلمون من عسرة الماء والزاد ، حتى اضطروا لذبح إبلهم وإخراج ما في كروشها فيعصرونه ويشربونه . لذلك سميت الغزوة بغزوة العسرة .

وقضى المسلمون في تبوك حوالي عشرين يوماً ، ولكن لم يجدوا هناك أحداً من الروم الذين رجعوا من حيث أتوا ، حينما علموا بمسير الجيش المسلم الذي يؤثر الموت على الحياة .

واستشار الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه في مجاوزة تبوك إلى ما هو أبعد منها من ديار الشام . فأشار عليه الفاروق عمر بالعودة إلى المدينة . فاستحسن الرسول صلى عليه وسلم رأيه وعادوا إلى المدينة حامدين شاكرين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ocean
Admin
ocean


مزاجي *: : عادي
الجنسيه *: : جزائر
عدد المساهمات : 16284
تاريخ التسجيل : 21/07/2009

غزوات و معارك Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوات و معارك   غزوات و معارك Emptyالأربعاء سبتمبر 22 2010, 22:50

غزوة حنين - شوال 8 هـ

بعد أن فتح المسلمون مكة ، انزعجت القبائل المجاورة لقريش من انتصار المسلمين على قريش.
وفزعت هوازن و ثقيف من أن تكون الضربة القادمة من نصيبهم . وقالوا لنغز محمداً قبل أن يغزونا . واستعانت هاتان القبيلتان بالقبائل المجاورة ، وقرروا أن يكون مالك بن عوف سيد بني هوازن قائد جيوش هذه القبائل التي ستحارب المسلمين . وأمر رجاله أن يصطحبوا معهم النساء والأطفال والمواشي والأموال ويجعلوهم في آخر الجيش ، حتى يستميت الرجال في الدفاع عن أموالهم وأولادهم ونسائهم .

لما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك خرج إليهم مع أصحابه وكان ذلك في شهر شوال من العام الثامن للهجرة . وكان عدد المسلمين اثني عشر ألفاً من المجاهدين . عشرة آلف من الذين شهدوا فتح مكة ، وألفان ممن أسلموا بعد الفتح من قريش .

ونظر المسلمون إلى جيشهم الكبير فاغتروا بالكثرة وقالوا لن نغلب اليوم من قلة .

وبلغ العدو خبر خروج المسلمين إليهم فأقاموا كميناً للمسلمين عند مدخل وادي أوطاس ( قرب الطائف ) وكان عددهم عشرين ألفاً .

وأقبل الرسول صلى الله عليه وسلم في أصحابه حتى نزلوا بالوادي . وكان الوقت قبيل الفجر ، والظلام يخيم على وادي حنين السحيق . وفوجئ المسلمون بوابل من السهام تنهال عليهم من كل مكان . فطاش صوابها ، واهتزت صفوفهم ، وفر عددٌ منهم .

ولما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم هزيمة المسلمين نادى فيهم يقول :

أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم العباس أن ينادي في الناس ، فقال : يا معشر الأنصار، ويا معشر المهاجرين ، يا أصحاب الشجرة . فحركت هذه الكلمات مشاعر الإيمان والشجاعة في نفوس المسلمين ، فأجابوه : لبيك يا رسول الله لبيك .

وانتظم الجيش مرةً أخرى ، واشتد القتال . وأشرف الرسول صلى الله عليه وسلم على المعركة . وما هي إلا ساعة حتى انهزم المشركون ، وولوا الأدبار تاركين النساء والأموال والأولاد . وأخذ المسلمون ينهمكون في تكثيف الأسرى وجمع الغنائم . وبلغ عدد الأسرى من الكفار في ذلك اليوم ستة آلاف أسير .

وهكذا تحولت الهزيمة إلى نصر بإذن الله تعالى .

وكانت حنين درساً استفاد منه المسلمون . فتعلم المسلمون أن النصر ليس بكثرة العدد والعدة . وأن الاعتزاز بذلك ليس من أخلاق المسلمين . ومرت الأيام فإذا بوفد من هوازن يأتي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يعلن ولاءه للإسلام ، وجاء وفد من ثقيف أيضاً يعلن إسلامه . وأصبح الذين اقتتلوا بالأمس إخواناً في دين الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ocean
Admin
ocean


مزاجي *: : عادي
الجنسيه *: : جزائر
عدد المساهمات : 16284
تاريخ التسجيل : 21/07/2009

غزوات و معارك Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوات و معارك   غزوات و معارك Emptyالأربعاء سبتمبر 22 2010, 22:51

غزوة خيبر - محرم 7 هـ

ما كاد رسول الله عليه وسلم يعود من صلح الحديبية ، ويستريح بالمدينة شهراً من الزمن حتى أمر بالخروج إلى خيبر . فقد كان يهود خيبر يعادون المسلمين وقد بذلوا جهدهم في جمع الأحزاب في غزوة الخندق لمحاربة المسلمين .
وخرج رسول الله عليه الصلاة والسلام في مطلع العام السابع الهجري في جيش تعداده ألف وستمائة رجلٍ . وكانت خيبر محصنةً تحصيناً قوياً فيها ثمانية حصونٍ منفصلٌ بعضها عن بعض .وكان يهود خيبر من أشد الطوائف اليهودية بأساً وأكثرها وأوفرها سلاحاً .

والتقى الجمعان واقتتلوا قتالاً شديداً . واليهود يستميتون في الدفاع عنها . واستمر التراشق بينهم ست ليالٍ .

وفي الليلة السابعة وجد عمر بن الخطاب يهودياً خارجاً من الحصون فأسره وأتى به الرسول عليه الصلاة والسلام . فقال اليهودي : إن أمنتموني على نفسي أدلكم على أمرٍ منه نجاحكم. فقالوا : قد أمناك فما هو ؟ فقال الرجل : إن أهل هذا الحصد قد أدركهم اليأس وسيخرجون غداً لقتالكم . فإذا فتح عليكم هذا الحصد فسألوكم على بيت فيه منجنيق ودروع وسيوف يسهل عليكم بها فتح بقية الحصون. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله عليه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ))

فبات الناس ليلتهم كل منهم يتمنى أن يعطاها . فلما أصبح الصباح قال : " أين علي بن أبي طالب " ؟ فقالوا : هو يا رسول الله يشتكي عينيه . فدعاه ، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرأ بإذن الله ، فأعطاه الراية وقال له : " والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " .

ولما ذهب علي بن أبي طالب إليهم خرج مرحب اليهودي يختال في سلاحه فقتله . وأحاط المسلين بالحصون ، وحمل المسلمون عليهم حملة صادقة . فسقطت حصونهم حصنا بعد حصن . واستولى اليأس على اليهود وطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم الصلح على أن يحقن دماءهم ، فقبل الرسول عليه الصلاة والسلام ، وصارت أرضهم لله ولرسوله وللمسلمين .

وهكذا استولى المسلمون على خيبر ، وغنموا منها العديد من السلاح والمتاع .

وقد قتل من اليهود في هذه الغزوة ثلاثة وتسعون رجلا واستشهد من المسلمين خمسة عشر رجلا .

وكان من بين ما غنم المسلمون منهم عدة صحف من التوراة ، فطلب اليهود ردها فردها المسلمون إليهم . ولم يصنع الرسول عليه الصلاة والسلام ما صنع الرومان حينما فتحوا أورشليم وأحرقوا الكتب المقدسة فيها ، وداسوها بأرجلهم ، ولا ما صنع التتار حين أحرقوا الكتب في بغداد وغيرها .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ocean
Admin
ocean


مزاجي *: : عادي
الجنسيه *: : جزائر
عدد المساهمات : 16284
تاريخ التسجيل : 21/07/2009

غزوات و معارك Empty
مُساهمةموضوع: رد: غزوات و معارك   غزوات و معارك Emptyالأربعاء سبتمبر 22 2010, 22:52

بحث عن : معركة الجمل

اشراف الاستاذ/ عــــــــامر

اعداد الطالب: طارق بن سالم على الكثيرى
الصف : 9/3


2004/2005

مقدمه

معركة الجمل :

سُمِّيت بذلك لأنَّ « قائدة الجيش » فضَّلت ركوب الجمل على البغال والحمير ، وكانت الواقعة في 4 كانون الأوَّل سنة 646م ، يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة 36هـ .
وكانت الوقعة خارج البصرة ، عند قصر عبيدالله بن زياد وكان عسكر الإمام عشرين ألفاً ، وعسكر عائشة ثلاثين ألفاً .
ولمَّا التقى الجمعان قال الإمام لأصحابه : « لا تبدأوا القوم بقتال ، وإذا قاتلتموهم فلا تجهزوا على جريح ، وإذا هزمتموهم فلا تتَّبعوا مدبراً ، ولا تكشفوا عورة ، ولا تمثِّلوا بقتيل ، وإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا ستراً ، ولا تدخلوا داراً ، ولا تأخذوا من أموالهم شيئاً.. ولا تهيجوا امرأةً بأذى وإن شتمن أعراضكم ، وسَبَبنَ أمراءكم وصلحاءكم » .
وقيل : إنَّ أوَّل قتيل كان يومئذٍ مسلم الجُهني ، أمره عليٌّ عليه السلام فحمل مصحفاً ، فطاف به على القوم يدعوهم إلى كتاب الله ، فقُتل.
ثمَّ أخذ أصحاب الجمل يرمون عسكر الإمام بالنبال ، حتى قُتل منهم جماعة ، فقال أصحاب الإمام : عقرتنا سهامهم ، وهذه القتلى بين يديك..
عند ذلك استرجع الإمام وقال : « اللَّهمَّ اشهد » ، ثُمَّ لبس درع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقلَّد سيفه ورفع راية رسول الله السوداء المسمَّاة بالعقاب؛ فدفعها إلى ولده محمَّد بن الحنفية.

وتقابل الفريقان للقتال ، فخرج الزبير ، وخرج طلحة بين الصفَّين ، فخرج إليهما عليٌّ ، حتى اختلفت أعناق دوابِّهم ، فقال عليٌّ عليه السلام : « لعمري قد أعددتما سلاحاً وخيلاً ورجالاً إن كنتما أعددتما عند الله عذراً ، فاتَّقيا الله ، ولا تكونا ( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أنكَاثاً ) .
ألم أكن أخاكما في دينكما ، تُحرِّمان دمي ، وأُحرِّم دمكما ، فهل من حدثٍ أحلَّ لكما دمي » ؟!
قال طلحة : ألَّبت على عُثمان.
قال عليٌّ : « ( يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقّ ) ، يا طلحة ، تطلب بدم عُثمان ؟! فلعن الله قتلة عُثمان ، يا طلحة ، أجئت بِعرس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تقاتل بها ، وخبَّأتَ عرسك في البيت! أما بايعتني ؟! ».
قال : بايعتك والسيف على عنقي!
فقال عليٌّ عليه السلام للزبير : « يا زبير ، ما أخرجك ؟ قد كنَّا نعدُّك من بني عبدالمطَّلب حتى بلغ ابنك ابن السوء ، ففرَّق بيننا » وذكَّره أشياء ، فقال : « أتذكر يوم مررت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بني غنم ، فنظر إليَّ ، فضحك ، وضحكت إليه ، فقلتَ له : لا يدع ابن أبي طالب زهوه ، فقال لك : ليس به زهوٌ ، لتقاتلنَّه وأنت ظالم له ؟ ».
قال : اللَّهمَّ نعم ، ولو ذكرت ما سرتُ مسيري هذا ، والله لا أُقاتلك أبداً.
فانصرف الزبير إلى عائشة ، فقال لها : ما كنتُ في موطن منذ عقلت الا وأنا أعرف فيه أمري ، غير موطني هذا.
قالت : فما تريد أن تصنع ؟
قال : أُريد أن أدعهم وأذهب.
قال له ابنه عبدالله : جمعت بين هذين الغارين ، حتى إذا حدَّد بعضهم لبعض أردت أن تتركهم وتذهب ؟! لكنَّك خشيت رايات ابن أبي طالب ، وعلمت أنَّها تحملها فتيةٌ أنجاد ، وأنَّ تحتها الموت الأحمر ، فجبنت!
فاحفظه ـ أي : أغضبه ـ ذلك ، وقال : إنِّي حلفتُ الا أُقاتله.
قال : كفِّر عن يمينك ، وقاتله.
فأعتق غلامه ( مكحولاً ) ، وقيل : سرجيس.فقال عبدالرحمن بن سلمان التميميُّ :
لم أرَ كاليوم أخا إخوانِ * أعْجَبَ من مُكَفِّرِ الايمانِ بالعتق في معصية الرحمن
وقيل : إنَّه عاد ولم يقاتل الإمام عليه السلام .
واحتدمت المعركة بين الفريقين ، وتقاتلوا قتالاً لم يشهد تاريخ البصرة
أشدَّ منه ، ثُمَّ إنَّ مروان بن الحكم رمى طلحة بسهمٍ وهو يقاتل معه ضدَّ عليٍّ عليه السلام ! يرميه فيرديه ويقول : لا أطلب بثأري بعد اليوم .
واستمرَّ الحال في أشدِّ صراعٍ ، لم يرَ سوى الغبرة وتناثر الرؤوس والأيدي ، فتتهاوى أجساد المسلمين على الأرض.
ولمَّا رأى الإمام هذا الموقف الرهيب من كلا الطرفين ، وعلم أنَّ المعركة لا تنتهي أبداً مادام الجمل واقفاً على قوائمه قال : « إرشقوا الجمل بالنبل ، واعقروه والا فنيت العرب ، ولايزال السيف قائماً حتى يهوي هذا البعير إلى الأرض ». فقطعوا قوائمه ، ثُمَّ ضربوا عجز الجمل بالسيف ، فهوى إلى الأرض وعجَّ عجيجاً لم يُسمع بأشدِّ منه. فتفرَّق من كان حوله كالجراد المبثوث ، وبقيت قائدة المعركة لوحدها في ميدان الحرب! وانتهت المعركة بهزيمة المتمرِّدين من أصحاب الجمل.
أمَّا الإمام عليه السلام فقد هاله موقف المسلمين منه ، حتى ساقهم هذا العصيان والتمرُّد على الحقِّ إلى مثل هذا المصير ، فوقف بين قتلاه وقتلى المتمرِّدين ، تحيط به هالة القلق والتمزُّق فقال : « هذه قريشٌ ، جَدَعْتُ أنفي وشفيتُ نفسي ، لقد تقدَّمت إليكم أُحذِّركم عضَّ السيوف ، وكنتم أحداثاً لا علم لكم بما ترون ، ولكنَّه الحَين ، وسوء المصرع ، فأعوذ بالله من سوء المصرع
ثمَّ أمر عليٌّ عليه السلام نفراً أن يحملوا هودج عائشة من بين القتلى ، وأمر


أخاها محمَّد بن أبي بكر أن يضرب عليها قُبَّةً ، وقال : « انظر هل وصل إليها شيء من جراحة » ؟ فأدخل رأسه في هودجها ، فقالت : من أنت ؟ قال : أبغض أهلك إليك. قالت : ابن الخثعمية ؟ قال : نعم. قالت : يا بأبي ، الحمد لله الذي عافاك ‌ ؟!
فلمَّا كان الليل أدخلها أخوها محمَّد بن أبي بكر البصرة ، في دار صفية بنت الحارث ، ثمَّ دخل الإمام عليه السلام البصرة فبايعه أهلها على راياتهم حتى الجرحى والمستأمنة..
ثمَّ جهَّز عليٌّ عليه السلام عائشة بكلِّ ما ينبغي لها من مركبٍ وزادٍ ومتاعٍ وغير ذلك ، وبعث معها كلَّ من نجا ، ممَّن خرج معها ، الا من أحبَّ المقام ، واختار لها أربعين امرأةً من نساء البصرة المعروفات ، وسيَّر معها أخاها محمَّد بن أبي بكر .
وقيل : إنَّه لمَّا أُخذ مروان بن الحكم أسيراً يوم الجمل ، فتكلَّم فيه الحسن والحسين عليهما السلام فخلَّى سبيله فقالا له : « يبايعك ، يا أمير المؤمنين ؟ » فقال : « ألم يبايعني بعد قتل عُثمان ، لا حاجة لي في بيعته ، أما إنَّ له إمرة كلعقة الكلب أنفه ، وهو أبو الأكبش الأربعة ، وستلقى الأُمَّة منه ومن ولده موتاً أحمر ». فكان كما قال عليه السلام .
ورُبَّ سائل يسأل : ما هي الآثار التي تركتها فتنة الجمل ؟
فيُجيب الأستاذ محمَّد جواد مغنية بقوله : « لولا حرب الجمل لما كانت


حرب صفِّين والنهروان ، ولا مذبحة كربلاء ، ووقعة الحرّة ، ولا رُميت الكعبة المكرَّمة بالمنجنيق أكثر من مرَّة ، ولا كانت الحرب بين الزبيريِّين والأُمويِّين ، ولا بين الأُمويِّين والعباسيِّين ، ولما افترق المسلمون إلى سُنَّة وشيعة ، ولما وجد بينهم جواسيس وعملاء يعملون على التفريق والشتات ، ولما صارت الخلافة الإسلامية ملكاً يتوارثها الصبيان ، ويتلاعب بها الخدم والنسوان.

لقد جمعت حرب الجمل جميع الرذائل والنقائص ، لأنَّها السبب لضعف المسلمين وإذلالهم ، واستعبادهم وغصب بلادهم ، فلقد كانت أوَّل فتنةٍ ألقت بأس المسلمين بينهم ، يقتل بعضهم بعضاً ، بعد أن كانوا قوَّةً على أعدائهم ، كما فسحت المجال لما تلاها من الفتن والحروب الداخلية التي أودت بكيان المسلمين ووحدتهم ، ومهَّدت لحكم الترك والديلم والصليبيِّين وغيرهم. وباختصار لولا فتنة الجمل لاجتمع أهل الأرض على الإسلام ، لأنَّ رحمته تشمل الناس أجمعين ( وَمَا أرْسَلْنَاكَ الا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين ) وقال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم : « إنَّما أنا رحمة مهداة » » .

عليٌّ في طريقه إلى الشام :

لمَّا انتهت فتنة الجمل استعدَّ الإمام إلى حرب معاوية ، فوجد حماساً وتجاوباً من أهل الكوفة ، فقد كان قسم كبير منهم قد اشتركوا معه في معركة الجمل ، وهم الآن يريدون أن يضيفوا نصراً جديدا للإسلام.

ثمَّ إنَّ الإمام وقبل حرب صفِّين قد أرسل إلى معاوية السفراء والكتب

يدعوه الى الطاعة والدخول فيما دخل المسلمون من قبله ، لكنَّه لم يستجب لطلبه ، بل أظهر الشدَّة والصلافة في ردِّه على رسائل الإمام ، واختار القتال على الصلح والمسالمة.
في هذه الأثناء تجهَّز معاوية بجيشٍ ضخمٍ واتَّجه به صوب العراق ، ولمَّا بلغ أمير المؤمنين خبره جهَّز جيشه ، واتَّجه نحو الزحف ، ليقطع عليهم الدخول إلى أرض العراق ، لما في ذلك من قتل ونهب وفساد كبير.. فكان من ذلك حرب صفِّين ، وبالشعار السابق نفسه : « دم عُثمان »!
فتمرَّدوا وأعدُّوا العدَّة لمحاربة إمام المتَّقين.. فهم لم يخرجوا في طلب الثأر لعثمان ، بل كان خروجهم ضدَّ الإمام ، وضدَّ الإسلام كلِّه ، والثأر لأنفسهم ، ونرى ذلك واضحاً من كلام ابن العاص مع معاوية على الشعار المزيَّف ، حيث قال عمرو بن العاص لمعاوية :
واسوأتاه! إنَّ أحقَّ الناس الا يذكر عُثمان لا أنا ولا أنت!
قال معاوية : ولِمَ ويحك ؟!

قال : أمَّا أنت فخذلته ومعك أهل الشام! وأمَّا أنا فتركته عياناً وهربتُ إلى فلسطين!
وقال له : أما والله ، إن قاتلنا معك نطلب دم الخليفة ، إنَّ في النفس ما فيها ، حيث نقاتل مَنْ تعلم سابقته وفضله وقرابته ، ولكنَّنا أردنا هذه الدنيا !! فأيُّ مكرٍ هذا الذي رأيناه من كلامهما ؟! على مثل ذلك أعدُّوا العدَّة

لمحاربة الخليفة الجديد ، فهؤلاء هم القاسطون الذين كرهوا خلافة الإمام عليٍّ عليه السلام.

ووصل الإمام إلى صفِّين في ذي القعدة ، وابتدأت الحرب في أوَّل ذي الحجَّة سنة 36هـ ، وحصلت الهدنة في المحرم سنة 37 هـ ، واستؤنف القتال في أوَّل صفر ، وانتهى في 13 منه ، وعسكر الإمام بالنُخيلة ، وعقد لواءه لغلامه قنبر.
ونزل معاوية بمن معه في وادي صفِّين ، وأخذ شريعة الفرات ، وجعلها في حيِّزه ، وبعث عليها أبا الأعور السُّلمي يحميها ويمنعها.. وبعث أمير المؤمنين صعصعة بن صوحان إلى معاوية ، يسأله أن يخلِّي بين الناس والماء ، فقال معاوية لأصحابه : ما ترون ؟ فبعضهم قال : امنعهم الماء ، كما منعوه ابن عفَّان ، اقتلهم عطشاً قتلهم الله ، لكنَّ عمرو بن العاص حاول أن يقنع معاوية بأن يخلِّي بين القوم وبين الماء ، فرجع صعصعة فأخبره بما كان ، وأنَّ معاوية قال : سيأتيكم رأيي ، فسرَّب الخيل إلى أبي الأعور ليمنعهم الماء.
ولمَّا سمع عليٌّ عليه السلام ذلك قال : « قاتلوهم على الماء » ، فأرسل كتائب من عسكره ، فتقاتلوا واشتدَّ القتال ، واستبسل أصحاب الإمام أشدَّ استبسالٍ ، حتى خلَّوا بينهم وبين الماء ، وصار في أيدي أصحاب عليٍّ عليه السلام.
فقالوا : والله لا نسقيه أهل الشام!
فأرسل عليٌّ عليه السلام إلى أصحابه أن : « خذوا من الماء حاجتكم وخلُّوا عنهم ، فإنَّ الله نصركم بغيِّهم وظلمهم » .
بهذا الخُلق الكريم عامل أمير المؤمنين عليه السلام أشدَّ مناوئيه..
ثمّ دعا عليّ عليه السلام جماعة من قادة جنده ، فقال لهم : « ائتوا هذا الرجل وادعوه إلى الله والى الطاعة والجماعة ».
ففعلوا ما أمرهم به ، لكنَّ معاوية قال لهم بعد أن سمع كلامهم : انصرفوا من عندي ، فليس بيني وبينكم الا السيف ، وغضب القوم ، وخرجوا ، فأتوا عليَّاً عليه السلام فأخبروه بذلك..
واحتدم القتال بين الطرفين ، فاقتتلوا يومهم كلَّه قتالاً شديداً لم يشهد له تاريخ الحروب مثيلاً ، ثُمَّ تقدَّم الإمام عليٌّ عليه السلام بمن معه يتقدَّمهم عمَّار بن ياسر ، ولمَّا برز لعمر بن العاص قال عمَّار : « لقد قاتلت صاحب هذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث مرّات ، وهذه الرابعة ما هي بأبرَّ وأنقى » يعني : راية معاوية.
وقال حبَّة بن جُوَين العُرَني : قلتُ لحذيفة بن اليمان : حدِّثنا فإنَّا نخاف الفتن.
فقال : عليكم بالفئة التي فيها ابن سُميَّة ، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : « تقتله الفئة الباغية الناكبة ( الناكثة ) عن الطريق ، وإنَّ آخر رزقه ضَياح من لبن » ، وهو الممزوج بالماء من اللبن ، قال حبَّة : فشهدته يوم قُتل وهو يقول : ائتوني بآخر رزقٍ لي في الدنيا ، فأُتي بضياحٍ من لبن في قدح أروح له حلقة حمراء ـ فما أخطأ حذيفة مقياس شعرة ـ فقال :
اليوم ألقى الأحبَّة * محمَّداً وحزبه

والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر؛ لعلمت أنَّنا على الحقِّ وأنَّهم على الباطل ، ثم قُتل رضي الله عنه وأرضاه..
وقد تضعضع الكثيرون من أتباع ابن أبي سفيان لموقف عمَّار ، لأنَّ مقولة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه لم تكن خافيةً على أحدٍ من الناس : « فطوبى لعمَّار تقتله الفئة الباغية ، عمَّار مع الحقِّ يدور معه كيفما دار » وهذا كلُّه من دلائل نبوَّة محمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم.
وكان ذو الكلاع قد سمع عمرو بن العاص يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعمَّار بن ياسر : « تقتلك الفئة الباغية ، وآخر شربةٍ تشربها ضَياح من لبن » ، فكان ذو الكلاع يقول لعمرو : ما هذا ويحك يا عمرو ؟ فيقول عمرو : إنَّه سيرجع إلينا.
فقُتل ذو الكلاع قبل عمَّار مع معاوية ، وأُصيب عمَّار بعده مع عليٍّ عليه السلام.
فقال عمرو لمعاوية : ما أدري بقتل أيُّهما أنا أشدُّ فرحاً ، بقتل عمَّار أو بقتل ذي الكلاع ؟ والله لو بقي ذو الكلاع بعد قتل عمَّار لمال بعامَّة أهل الشام إلى عليٍّ ، فأشرق وجه معاوية لذلك!

ولمَّا قُتل عمَّار ، قال عليٌّ لربيعة وهمدان : « أنتم درعي ورمحي » فانتدب له نحو من اثني عشر عليه السلام وتقدَّمهم عليٌّ على بغلة ، فحملوا معه حملة رجلٍ واحدٍ ، فلم يبقَ لأهل الشام صفٌّ الا انتقض ، وقتلوا كلَّ من انتهوا إليه.. حتى رأوا الظفر.

واستمرَّ القتال ليلةً كاملة حتى الصباح. فتطاعنوا حتى تقصَّفت الرماح ، وتراموا حتى نفد النبل ، وكان الأشتر في الميمنة وابن عبَّاس في الميسرة وعليٌّ عليه السلام في القلب ، والناس يقتتلون من كلِّ جانبٍ ، حتى أصبحوا والمعركة خلف أظهرهم.
رفع المصاحف.. « كلمة حقٍّ يُراد بها باطل » :

لمَّا رأى عمرو أنَّ أمر أهل العراق قد اشتدَّ وخاف الهلاك ، قال لمعاوية : هل لك في أمرٍ أعرضه عليك ، لا يزيدنا الا اجتماعاً ، ولا يزيدهم الا فرقةً ؟
قال : نعم.

قال : نرفع المصاحف ، ثُمَّ نقول : هذا حكم بيننا وبينكم.
فرفعوا المصاحف بالرماح وقالوا : هذا كتاب الله عزَّ وجلَّ بيننا وبينكم ، مَنْ لثغور الشام بعد أهله ؟ مَنْ لثغور العراق بعد أهله ؟

فلمَّا رآها الناس قالوا : نجيب إلى كتاب الله.

فقال لهم عليٌّ عليه السلام : « عباد الله امضوا على حقِّكم وصدقكم وقتال عدوِّكم ، فإنَّ معاوية وعمراً وابن أبي معيط وحبيباً وابن أبي سرح والضحَّاك ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن ، أنا أعرَف بهم منكم ، قد صحبتهم أطفالاً ثُمَّ رجالاً ، فكانوا شرَّ أطفال وشرَّ رجال ، ويحكم والله ما رفعوها الا خديعةً ووهناً ومكيدة ».
فقالوا له : لا يسعنا أن نُدعى إلى كتاب الله فنأبى أن نقبله!
فقال لهم عليٌّ عليه السلام : « فإنِّي إنَّما أُقاتلهم ليدينوا لحكم الكتاب ، فإنَّهم قد عصو الله فيما أمره ونسوا عهده ونبذوا كتابه ».

فقال له جماعة من المسلمين ، الذين صاروا خوارج بعد ذلك : يا عليُّ ، أجب إلى كتاب الله عزَّ وجلَّ إذا دُعيت إليه ، والا دفعناك برمَّتك إلى القوم ، أو نفعل بك ما فعلنا بابن عفَّان!

قال : « فاحفظوا عنِّي نهيي إيَّاكم ، واحفظوا مقالتكم لي ، فإن تطيعوا فقاتلوا ، وإن تعصوني فاصنعوا ما بدا لكم » .
لم تكن بينهم وبين معاوية الا بضعة أمتار ، فلولا وقوع هؤلاء في الفخ الذي نصبه معاوية لاستطاع الإمام عليه السلام أن يسيطر على الموقف ويستأصل رأس الفتن ، ولكنَّ مسألة التحكيم غيَّرت مجرى الأُمور إلى أسوأ حال ، فحالت دون تحقيق الهدف المنشود ، وقُدِّر لهذه المؤامرة أن تنجح وأن تجرَّ وراءها المصائب والويلات!
ثمَّ قالوا للإمام : ابعث إلى الأشتر فليأتكَ ، فرجع الأشتر مغضباً بعدما أوشك على النصر ، فأقبل إليهم الأشتر ، وقال : يا أهل العراق! يا أهل الذلِّ والوهن! أحين علوتم القومَ وظنُّوا أنَّكم لهم قاهرون ، رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها ، وهم والله قد تركوا ما أمر الله به فيها وسُنَّة مَنْ أُنزلت عليه ؟ فأمهلوني فواقاً ، فإنِّي قد أحسستُ الفتح .
لكنَّهم أبوا الا التحكيم!

وجعل أهل الشام عمرو بن العاص على التحكيم ، وأراد الإمام عليه السلام أن يجعل عبدالله بن عبَّاس ، لكنَّهم أبوا الا أبا موسى الأشعري ، ولمَّا رأى أنه لاتنفع معهم حجَّة حكَّمه على مضض!
وحضر عمرو بن العاص عند عليٍّ عليه السلام ليكتب القضية بحضوره ، فكتبوا :
بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما تقاضا عليه أمير المؤمنين ، فقال عمرو : اكتب اسمه واسم أبيه ، هو أميركم وأمَّا أميرنا فلا. فقال الأحنف : لا تمحُ اسم إمارة أمير المؤمنين ، فإنِّي أخاف إن محوتها أن لا ترجع إليه أبداً ، فلا تمحُها وإن قتل الناس بعضهم بعضاً ، فأبى ذلك عليٌّ عليه السلام ملياً من النهار.
ثُمَّ إنَّ الأشعث بن قيس قال : امحُ هذا الاسم ، فمُحي ، فقال عليٌّ : « الله أكبر! سُنَّة بسُنَّة ، والله إنِّي لكاتب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، يوم الحديبية فكتبتُ : محمَّد رسول الله ، وقالوا : لستَ برسول الله ، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك ، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمحوه ، فقلتُ : لا أستطيع ، فقال : أرنيه ، فأريته ، فمحاها بيده ، وقال : إنَّك ستُدعى إلى مثلها فتجيب ».

فقال عمرو : سبحان الله! أتشبِّهنا بالكفَّار ونحن مؤمنون!
فقال عليٌّ عليه السلام : « يا ابن النابغة ، ومتى لم تكن للفاسقين ولياً ، وللمؤمنين عدوّاً ؟ »
فقال عمرو : والله ، لا يجمع بيني وبينك مجلس بعد هذا اليوم أبداً.
فقال عليٌّ عليه السلام : « إنِّي لأرجو أن يطهِّر الله مجلسي منك ومن أشباهك » ..
وتمّت كتابة الكتاب بجعل كتاب الله الحاكم في كلِّ الأُمور ، وما لم يجد في كتاب الله فالسُنَّة العادلة الجامعة غير المفرِّقة.. واُجِّل القضاء إلى رمضان.


ولمَّا انتهت مسألة التحكيم ، قال نفرٌ من أصحاب الإمام : كيف تُحكِّمون الرجال في دين الله ؟! لا حكم الا لله ، وكانوا يعترضون الإمام في خطبته بشعارهم « لا حكم الا لله » لذلك سُمُّوا بالمحكِّمة. فكانوا ما يقارب اثني عشر ألفاً.. فنزلوا في ناحية يُقال لها : « حروراء » لأجلها سُمُّوا بالحرورية..

فحاججهم الإمام عليه السلام بقوله الأوَّل قبل التحكيم ، ثُمَّ قال لهم : « قد اشترطتُ على الحكمين أن يُحييا ما أحيا القرآن ، ويُميتا ما أمات القرآن ، فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف ، وإن أبيا فنحن عن حكمهما براء ».
قالوا : أتراه عدلاً تحكيم الرجال في الدماء ؟
قال : « إنَّا لسنا حكَّمنا الرجال ، إنَّما حكَّمنا القرآن ، وهذا القرآن إنَّما هو خطٌّ مسطور بين دفَّتين لا ينطق ، إنَّما يتكلَّم به الرجال » ثمَّ رجعوا مع الإمام عليه السلام.
فلمَّا التقى الحكمان : أبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص ، وخُدِع أبو موسى؛ إذ مكر به عمرو ، قال له : أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأسنُّ منِّي فتكلَّم ، وأراد عمرو بذلك كلِّه أن يقدِّمه في خلع عليٍّ ، قال له : نخلع عليَّاً ومعاوية معاً ، ونجعل الأمر شورى ، فيختار المسلمون لأنفسهم من أحبُّوا.

فتقدَّم أبو موسى فأعلن على الملأ الحاضرين أنَّه قد خلع عليَّاً من الخلافة ثُمَّ تنحَّى. وأقبل عمرو
فقام ، وقال : إنَّ هذا قد قال ما سمعتموه وخلع صاحبه ، وأنا أخلع صاحبه كما خلعه ، وأُثبت صاحبي معاوية! فدُهش أبو موسى وشتم عمرو وشتمه عمرو ، وانفضَّ التحكيم عن هذه النتيجة!

والتمس المسلمون أبا موسى فهرب إلى مكَّة ، ثُمَّ انصرف عمرو وأهل الشام الى معاوية فسلَّموا عليه بالخلافة.

مع هذه النتيجة عاد عليّ عليه السلام يعمل على إعادة نظم جيشه ، استعداداً لمرحلة جديدة من الحروب مع أهل الغدر ، ولكن فتناً جديدة نجمت بين أصحابه ستمنع من انطلاقته صوب أهدافه..

قام يوماً خطيباً بين أصحابه ، فقام إليه رجل من اُولئك « المحكمّة » فقال : لا حكم الا لله! ثُمَّ توالى عدَّة رجال يحكِّمون. فقال عليٌّ عليه السلام : « الله أكبر ، كلمة حقٍّ أُريدَ بها باطل! أما إنَّ لكم عندنا ثلاثاً ما صحبتمونا : لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه ، ولا نمنعكم الفيء مادامت أيديكم في أيدينا ، ولا نقاتلكم حتى تبدأوا ، وإنَّما نتّبع فيكم أمر الله » ..
بهذه الأخلاق النبيلة تعامل الإمام مع المارقين ، ورغم ذلك فقد مضوا على غيّهم ، فاعتزلوا بقيادة عبدالرحمن بن وهب الراسبي ، ثمَّ خرجوا من الكوفة.
فبايع المسلمون الإمام عليَّاً عليه السلام وقالوا : « نحن أولياء من واليت ، وأعداء من عاديت » فشرط فيهم سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وجاء دور صاحب راية
خثعم ، ربيعة بن أبي شداد فقال له : « بايع على كتاب الله وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم » ، فأبى بأن يبايع الا على سُنَّة أبي بكر وعمر! فقال له عليٌّ عليه السلام حين ألحَّ عليه : تبايع ؟ قال : لا ، الا على ما ذكرتُ لك.

فقال له الإمام : « أما والله ، لكأنِّي بك قد نفرت في هذه الفتنة ، وكأنِّي بحوافر خيلي قد شدخت وجهك »! قال قبيصة : فرأيته يوم النهروان قتيلاً قد وطأت الخيل وجهه وشدخت رأسه ومثَّلت به ، فذكرت قول عليٍّ ، وقلت : لله درُّ أبي الحسن ، ما حرَّك شفتيه قط بشيءٍ الا كان كذلك! .
وكان همُّ الإمام عليه السلام في العود إلى محاربة معاوية ، فعبَّأ جنده ، لكنَّه وبعد ذلك كلِّه لم يترك « المحكِّمة » فكتب إليهم كتاباً جاء فيه : « بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبدالله عليٍّ أمير المؤمنين إلى عبدالله بن وهب الراسبي ويزيد بن الحصين ومن قبلهما : سلام عليكم ، وبعد ، فإنَّ الرجلين اللذين ارتضيتماهما للحكومة خالفا كتاب الله واتَّبعا هواهما بغير هدىً من الله ، فلمَّا لم يعملا بالسُنَّة ولم يحكما بالقرآن تبرَّأنا من حكمهما ، ونحن على أمرنا الأوَّل ، فأقبلوا إليَّ رحمكم الله ، فإنَّا سائرون إلى عدوِّنا وعدوِّكم لنعود لمحاربتهم ، حتى يحكم الله بيننا وبينهم ، وهو خير الحاكمين » .
وردُّوا على هذا الخطاب الحكيم المتَّزن بخطابٍ ينمُّ عن شدَّة تعسُّفهم وردِّهم المارق ، فكتبوا إليه : « . فإن شهدت على نفسك أنَّك كفرت في ما كان من تحكيمك الحكمين ، واستأنفت التوبة والإيمان ، نظرنا في مسألتنا من
الرجوع إليك ، وإن تكن الأُخرى فإنَّنا ننابذك على سواء ، إنَّ الله لا يهدي كيد الخائنين »
فلمّا يئس منهم تحرَّك بجيشه صوب الشام ، حتى بلغ منطقةً في أعالي الفرات تُدعى « عانات » فأتته أخبار فضيعة عن الخوارج ، إذ أصبحوا يعترضون الناس فيقتلونهم دون أدنى ذنبٍ ، الا لأنَّهم لم يتبرَّأوا من عليٍّ ولم يكفِّروه لما حدث! حتى أنَّهم أقبلوا أخيراً إلى قتل عبدالله بن خباب بن الأرت الصحابي الشهير ، وقتلوا معه امرأته وبقروا بطنها وهي حامل ، وقتلوا عدَّة نساءٍ ، وبثُّوا الرعب في الناس.
فبعث إليهم أمير المؤمنين الحارث بن مرَّة العبدي ليأتيه بخبرهم ، فأخذوه فقتلوه . فتمخَّضت تلك الأحداث عن معركة النهروان الشهيرة..


حرب النهروان :

المعروفة بوقعة الخوارج ، وحصلت الوقعة سنة 37هـ.
لمَّا بلغ عليَّاً عليه السلام قتل « المحكِّمة » لعبدالله بن خباب بن الأرت واعتراضهم الناس ، وقتلهم مبعوث الإمام إليهم ، قال المسلمون الذين معه : يا أمير المؤمنين علامَ ندع هؤلاء وراءنا يخلفوننا في عيالنا وأموالنا ؟ سر بنا إلى القوم ، فإذا فرغنا منهم سرنا الى عدوِّنا من أهل الشام.
فرجع عليه السلام بجنده الذين ذعروا على أهليهم من خطر الخوارج ، والتقت
الفئتان في النهروان ، فلم يبدأهم الإمام عليه السلام بحرب ، حتى دعاهم إلى الحجَّة والبرهان ، فبعث إليهم ابن عبَّاس أمامه ، فناظرهم بالحجَّة والمنطق السليم ، لكنَّهم أصرُّوا على العمى والطغيان! ثُمَّ تقدَّم الإمام عليه السلام ، وذكَّرهم نهيه عن قبول التحكيم وإصرارهم عليه ، حتى لم يبقَ لديهم حجَّة ، وحتى رجع أكثرهم وتاب ، وممَّن رجع يومذاك إلى رشده : عبدالله بن الكوَّا أمير الصلاة فيهم . وأبى بعضهم الا القتال!!

وتعبأ الفريقان ، ثمَّ جاءت الأنباء أنَّ الخوارج قد عبروا الجسر ، فقال عليه السلام : « والله ما عبروا ، ولا يقطعونه ، وإنَّ مصارعهم لدون الجسر » ، ثُمَّ ترادفت الأخبار بعبورهم وهو عليه السلام يحلف أنَّهم لن يعبروه وأنَّه « والله لا يفلتُ منهم عشرة ، ولا يهلك منكم عشرة »! فكان كلُّ ذلك كما أخبر به الإمام عليٌّ عليه السلام ، فأدركوهم دون النهر ، فكبَّروا ، فقال الإمام عليه السلام : « والله ما كذبتُ ولا كُذبت » .

وكان عليٌّ عليه السلام قد قال لأصحابه : كُفُّوا عنهم حتى يبدأوكم ، فتنادوا : الرواح إلى الجنَّة! وحملوا على الناس . واستعرت الحرب ، واستبسل أصحاب الإمام عليه السلام استبسالاً ليس له نظير ، فلم ينجُ من الخوارج الا ثمانية فرُّوا هنا وهناك ، ولم يُقتل من أصحاب الإمام عليه السلام غير تسعة ، وقيل : سبعة .

وانجلت الحرب بانجلاء الخوارج وهلاكهم ، وقد روى جماعة أنَّ عليَّاً عليه السلام كان يحدِّث أصحابه قبل ظهور الخوارج ، أنَّ قوماً يخرجون ويمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميَّة ، علامتهم رجل مُخدَج اليد ، سمعوا ذلك منه مراراً .
فقال الإمام عليه السلام : « اطلبوا ذي الثُديَّة » ، فقال بعضهم : ما نجده ، وقال آخرون : ما هو فيهم ، وهو يقول : « والله إنَّه لفيهم! والله ما كذبتُ ولا كُذبتُ » وانطلق معهم يفتِّشون عنه بين القتلى حتى عثروا عليه ، ورأوه كما وصفه لهم ، قال : « الله أكبر ، ما كذبتُ ولا كُذبت ، لولا أن تنكلوا عن العمل لأخبرتكم بما قصَّ الله على لسان نبيِّه صلى الله عليه وآله وسلم لمن قاتلهم ، مستبصراً في قتالهم ، عارفاً للحقِّ الذي نحن عليه » .
وقال عليه السلام حين مرَّ بهم وهم صرعى : « بؤساً لكم! لقد ضرَّكم من غرَّكم »!
قالوا : يا أمير المؤمنين مَنْ غرَّهم ؟
قال : « الشيطان وأنفسٌ أمَّارة بالسوء ، غرَّتهم بالأماني ، وزيَّنت لهم المعاصي ، ونبَّأتهم أنَّهم ظاهرون » .
فقالوا : الحمد لله ـ يا أمير المؤمنين ـ الذي قطع دابرهم ، فقال عليه السلام : « كلا والله ، إنَّهم نطف في أصلاب الرجال ، وقرارات النساء » !

قصَّة استشهاده :

قال أنس بن مالك : مرض عليٌّ فدخلت عليه ، وعنده أبو بكر وعمر ، فجلست عنده ، فأتاه النبيٌّ صلى الله عليه وآله وسلم فنظر في وجهه ، فقال له أبو بكر وعمر : يانبيَّ الله ما نراه الا ميِّتاً. فقال : « لن يموت هذا الآن ، ولن يموت حتى يُملأ غيضاً ، ولن يموت الا مقتولاً

وممَّا رواه أبو زيدٍ الأحول عن الأجلح ، عن أشياخ كندة ، قال : سمعتهم أكثر من عشرين مرَّةً يقولون : سمعنا عليَّاً عليه السلام على المنبر يقول : « مايمنع أشقاها أن يخضّبها من فوقها بدمٍ » ؟ ويضع يده على لحيته عليه السلام .
واشتهرت الرواية عن عُثمان بن المغيرة ، قال : كان عليٌّ عليه السلام لمَّا دخل رمضان يتعشَّى ليلةً عند الحسن ، وليلةً عن الحسين ، وليلةً عند عبدالله بن جعفر ، زوج زينب بنت أمير المؤمنين عليه السلام ، وكان لا يزيد على ثلاث لُقم ، فقيل له في ليلةٍ من تلك الليالي في ذلك ، فقال : « يأتيني أمر الله وأنا خميصٌ ، إنَّما هي ليلةٌ أو ليلتان ». فلم تمضِ ليلة حتى قُتل .

سبب قتله :

وكان سبب قتله أنَّ نفراً من الخوارج اجتمعوا بمكَّة ، فتذاكروا أمرالناس وعابوا عمل ولاتهم ، ثُمَّ ذكروا أهل النهر فترحَّموا عليهم ، وقالوا : مانصنع بالبقاء بعدهم ؟ فلو شرينا أنفسنا وقتلنا أئمة الضلالة وأرحنا منهم البلاد!
وقال عبدالرحمن بن ملجم المرادي ـ لعنه الله ـ : أنا أكفيكم عليَّاً ، وكان من أهل مصر. وقال البرك بن عبدالله التميمي الصُريمي : أنا أكفيكم معاوية. أمَّا عمرو بن بكر التميمي ، فقال : أنا أكفيكم عمرو بن العاص. وتعاهدوا على ذلك وأخذوا سيوفهم فسمُّوها ، واتَّعدوا لسبع عشرة من رمضان ، وقصد كلٌّ منهم الجهة التي يريد.
فأتى ابن مُلجم الكوفة كاتماً أمره ، فبينما هو هناك إذ زار أحداً من أصحابه من تيم الرباب ، فصادف عندهُ قطام بنت الأخضر التيميَّة.. وكان أمير المؤمنين عليه السلام قتل أباها وأخاها بالنهروان ،فلمَّا رآها أخذت قلبه فخطبها ، فأجابته إلى ذلك على أن يُصدِقها : ثلاثة آلاف وعبداً وقينةً ، وقتل عليٍّ!!
فقال لها : والله ، ما جاء بي الا قتل عليٍّ ، فلكِ ما سألتِ!
قالت : سأطلب لك من يشدُّ ظهرك ويساعدك ، وبعثت إلى رجلٍ من قومها اسمه : وردان وكلَّمته فأجابها..
وروي أنَّ الإمام عليه السلام سهر في تلك الليلة التي قُتل فيها ، وكان يكثر الخروج والنظر إلى السماء ، وهو يقول : « والله ما كذبتُ ولا كُذبت ، وإنَّها الليلة التي وُعدتُ بها » ثُمَّ يعاود مضجعه ، فلمَّا طلع الفجر شدَّ إزاره وخرج وهو يقول :
« أُشدد حيازيمك للموت * فإنَّ المــوت آتيــك ولا تجـزع من الموت * إذا حـلَّ بواديك »
وأخذ ابن ملجم سيفه ومعه شبيب بن بَجَرة ووردان ، وجلسوا مقابل السدَّة التي يخرج منها عليٌّ عليه السلام للصلاة.. فضربه ابن ملجم أشقى الآخرين لعنه الله ، ليلة تسعة عشر من شهر رمضان ، سنة أربعين من الهجرة ، في المسجد الأعظم بالكوفة ، ضربه بالسيف المسموم على أُمِّ رأسه.
فمكث عليه السلام يوم التاسع عشر وليلة العشرين ويومها ، وليلة الحادي والعشرين الى نحو الثلث من الليل ثُمَّ قضى نحبه شهيداً محتسباً صابراً وقد مُلئ قلبه غيضاً..
بتلك الضربة الشرسة التي ارتجَّ لها المسجد الأعظم ، دوى صوت الإمام المظلوم بنداء : « فزت وربِّ الكعبة » لم يتلكَّأ ولم يتلعثم في تلك اللحظات التي امتُحن قلبه ، وهو القائل « والله لو كُشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً » هذا الإمام العظيم الذي طوى صفحات ماضيه القاسية بدمائه الزكية الطاهرة ، أدرك في لحظاته الأخيرة أنَّه أنهى خطَّ الجهاد والمحنة ، وكان أسعد المخلوقين في هذه اللحظات الأخيرة ، حيث سيغادر الكفر والنفاق والغشَّ والتعسُّف.. سيترك الدنيا لمن يطلبها؛ ليلحق بأخيه وابن عمِّه ورفيق دربه في الجهاد في سبيل الله صابراً مظلوماً ، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون..
اللَّهمَ احشرنا معهم واجعلنا من أتباعهم والمتوسِّمين خطاهم.. آمين.
وقيل : كان عمره يوم استشهد ثلاثاً وستِّين سنةً ، وتولَّى غسله وتكفينه ابناه الحسن والحسين بأمره ، وحملاه إلى الغريَّين من نجف الكوفة ، ودفناه هناك ليلاً ، وعمَّيا موضع قبره بوصيته إليهما في ذلك ، لما كان يعلم
من دولة بني أُميَّة من بعده ، وإنَّهم لا ينتهون عمَّا يقدرون عليه من قبيح الأفعال ولئيم الخلال ، فلم يزل قبره مخفيَّاً حتى دلَّ عليه الصادق عليه السلام في الدولة العبَّاسية ، وزاره عند وروده إلى أبي جعفر وهو بالحيرة .



















الخاتمــــــــــــــة


إلى هنا انتهى الكتاب ، راجين أن نكون قد وفينا ببعض سيرة أمير المؤمنين وسيد الموحدين وصاحبه في المواطن كلها ، وحامل رايته في سوح الوغى ، وصاحب لوائه يوم الدين ، وصهره على بضعته البتول سيدة نساء العالمين ، وأبي ريحانتيه سيدي شباب أهل الجنة ، الحسن والحسين ، وخليفته بالحق ومولى المؤمنين من بعده علي بن أبي طالب عليه السلام.. والوفاء ببعض ذلك ليس بالأمر اليسير.. إنه علي عليه السلام تجفّ الأقلام دون ذكر خصاله ولا تصل إلى منتهاها.. بل الاحاطة بواحدة من مفردات سيرته عليه السلام أو خصائصه تتطلب بحثاً بحجم ما كتبناه عن كل سيرته وتاريخه ، ذلك أنها تفتح أمام الباحث آفاقاً رحبة في مجالات العلم والعمل والفكر والتربية والسلوك ، بما يتصل بواقع الحياة في جميع مفاصلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وعزاؤنا أنّا ذكرناه في هذا الجهد اليسير ، راجين أن يكون ذلك لنا ذخراً في اليوم العسير.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين











الفهـــــــــــــــــرس


م الموضــــــــوع رقم الصفحة

1. مقدمة 2
2. على فى طريقه الى الشام 4
3. رفع المصاحف 6
4. حرب النهروان 9
5. قصة استشهادة 9
6. سبب قتله 10
7. الخاتمة 12
8. الفهرس والمراجع 13




_المراجع :
___________
1) إعلام الورى 1 : 312 ، إرشاد المفيد 1 : 10 ، وانظر الكامل في التاريخ 3 : 258.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
غزوات و معارك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» : غزوات الرسول كاملة
» غزوات العصر النبوي
» معارك غيرت وجه التاريخ
» معارك يش التحرير الوطني 3
» معارك جيش التحرير الوطني 2

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التربية و التعليم تلمسان :: التربية التعليم :: التعليم المتوسط :: علوم إجتماعية-
انتقل الى: