قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ
أ. م. الحسين محمد الجربة أستاذ محاضر مساعد بجامعة عمر المختار كلية الفنون والعمارة : قسم التصميم الحضري ، درنة - ليبيا لا
ريب أنه إن كان لنا فيما ورد من قصص في كتاب الله عظة وعبرة وحكمة
ومعرفة لما سلف من أخبار وأحوال الأمم والأقوام فلنا في توافق وانسجام
خبر هذا القصص مع الحقيقة التاريخية معجزة ظاهرة وبيان واضح علي صحة وصدق
خبر القرآن، يقول تعالي: لَقَدْ كَانَ فِي
قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى
وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ
وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [يوسف/111] وقد خص
القران الكريم مصر بالذكر أو بالإشارة في مواطن كثيرة فتارةً في قصة موسي
علية السلام مع الفرعون، وأخري في قصة يوسف علية السلام وهو ما سنحاول
أن نبسط فيه الشيء اليسير وفيما يتجلي لنا من قصته الكريمة مع ملك مصر،
وما يَظهر من دقة رده في حواره مع هذا الملك في كتاب الله حين قال «أجعلني علي خزائن الأرض»،
وما يحمله هذا الرد من دلالات وأمارات ظاهرة لوصف حال وشؤون ذاك الزمان،
وسنستذكر بداية من سورة يوسف رؤيا ملك مصر وما حصل مع نبي الله يوسف
علية السلام: وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى
سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ
سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ
أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ *
قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ
بِعَالِمِينَ * وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ
أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيُّهَا
الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ
عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي
أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قَالَ تَزْرَعُونَ
سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ
إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ
سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا
مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ
يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ [يوسف/43-49] وَقَالَ الْمَلِكُ
ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ
إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى
خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ [يوسف/54-55] وهذه
الرؤيا السالفة الذكر الواردة في الآيات الكريمة كانت من جملة أسباب خروج
يوسف عليه السلام من السجن على وجه الاحترام والإكرام، يقول أبن كثير في
تفسيره: يقول تعالى إخبارا عن الملك حين تحقق براءة يوسف عليه السلام
ونزاهة عرضه مما نسب إليه قال «ائتوني به أستخلصه لنفسي» أي أجعله من
خاصتي وأهل مشورتي «فلما كلمه» أي خاطبه الملك وعرفه ورأى فضله وبراعته
وعلم ما هو عليه من خلق وخلق وكمال قال له الملك «إنك اليوم لدينا مكين
أمين» أي إنك عندنا قد بقيت ذا مكانة وأمانة فقال يوسف عليه السلام «اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم» [1]، ومن تفسير سيدنا يوسف علية السلام لرؤيا الملك المتعلقة بسنوات الجدب السبعة ومن القرآن في قوله «قال تزرعون»
نفهم أن مجتمع مصر القديم كان مجتمعاً زراعياً وأن السنوات السبع العجاف
ستلحق الضرر الكبير بالمحاصيل والغلال، وفي رد يوسف علية السلام أجعلني
علي خزائن الأرض، في هذا الطلب أشارة واضحة منه لتوليته علي خزائن موجودة
وهذا يشير إلي حقيقة تاريخية تطرقت لها علوم الآثار والتاريخ الحديث
وكما سنذكر ونفصل لاحقاً إن شاء الله في كون أن هذه الحضارة الشاسعة
والممتدة لأكثر من ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد والتي ما طفقت تَتَكشف
أسرارها كل يوم، كانت متطورة أدارياً وفيما يتعلق بخزن وإحصاء وتصريف
المنتوج الزراعي وهذا الذي يشرح لنا حديثاً قيام حضارة ومستوطنات بشرية
علي رقعة واسعة من الأرض ولفترة زمنية طويلة. يورد الراغب الأصفهاني في
معني كلمة خزن ما يلي: الخزن حفظ الشيء في الخزانة، ثم يعبر به عن كل حفظ
كحفظ السر ونحوه، وقوله تعالى: «وإن من شيء إلا عندنا خزائنه»[الحجر/21]، «ولله خزائن السموات والأرض» [المنافقون/7]، فإشارة منه إلى قدرته تعالى على ما يريد إيجاده [2].
ويزيد القرطبي في تفسيره للآية من سورة يوسف قوله تعالى: «قال اجعلني
على خزائن الأرض» قال سعيد بن منصور: سمعت مالك بن أنس يقول: مصر خزانة
الأرض؛ أما سمعت إلى قوله: «اجعلني على خزائن الأرض» أي على حفظها، فحذف
المضاف. «إني حفيظ» لما وليت «عليم» بأمره. وفي التفسير: إني حاسب كاتب؛
وأنه أول من كتب في القراطيس. وقيل: «حفيظ» لتقدير الأقوات «عليم» بسني
المجاعات [3].
وفي
المقارنة بين ما يقوله القرآن الكريم وما يتحدث عنه علم الآثار والتاريخ
عن هذه الحضارة والتي تمتلك أطول تاريخ مستمر لدولة في العالم لما يزيد
عن 3000 عام قبل الميلاد، نجد التطابق التام بين ما أخبر عنه القرآن وما
أكدته الكشوف الحديثة ذلك أن مصر تميزت بوجود نهر النيل الذي يشق أراضيها
من الشمال إلي الجنوب و الذي يعتبر مصدر المياه الأساسي والذي ساعد علي
نمو التجمعات الحضرية والعمرانية حوله فقد وفر الأراضي والمياه اللازمة
للزراعة والشرب وكذلك عمل كشريان مواصلات ساعد علي تسهيل التجارة وربط
أراضي مصر، وإذا أضفنا لنهر النيل الموقع الجغرافي واعتدال المناخ النسبي
والعامل الإنساني والاستقرار السياسي إلي وفرة المياه فإن كل هذه
العوامل أدت إلى قيام حضارة عرفت بأنها من أطول وأقدم الحضارات لدولة
اشتملت في مسيرتها علي ثلاثين أسرة حاكمة مقسمة علي ثلاث ممالك هي
المملكة القديمة والمملكة الوسطي والمملكة الحديثة [4].
وعلي
الرغم من صعوبة معرفة الهيئة التخطيطية والأحوال التي كانت عليها المدن
المصرية القديمة ومن ثم فهم أنظمة وسبل العيش فيها، من حيث أن المستوطنات
البشرية في فترة الحضارة المصرية الأولي غالباً ما كانت تختفي بفعل
العوامل البيئية والفيضانات السنوية لنهر النيل وحتى المدن في الفترات
الأحدث من الحضارة المصرية لا يظهر فيها تقسيم الوحدات والمستوطنات
السكنية أو القصور بشكل واضح بقدر ما تظهر فيها المقابر و المعابد بسبب
الاعتقاد في الحياة بعد الموت والتركيز علي منشآت المقابر والمعابد، إلا
أنة قد ظهرت في المجتمع المصري القديم أنواع وأشكال منظمة من التجمعات
والمستوطنات الحضرية وحسب مقومات وحاجة المجتمع وكما أوردت لنا دراسات
وكشوف علم الآثار والتي لازالت تحمل لنا الكثير حول هذا الفصل من
التاريخ، وفي مصر القديمة وكمثال علي تعدد الأنشطة الحضرية يمكننا أن نميز
علي سبيل المثال مستوطنات بشرية وقري بل وحتى مدن كاملة مخصصة لإقامة
طبقات العمال والحرفيين العاملين في مشاريع المقابر والتي تسمي Workman’s
Cities، كذلك مدن وتجمعات مقدسة كاملة بغرض العبادة Holy Cities، كمدينة
الهيلوبوليس والتي تقع في عين شمس شمال شرق القاهرة، كما وظهرت أيضاً
مدن متكاملة للأحياء وتجمعات أخري خاصة بالأموات [5].
|
الصورة العلوية تظهر مدينة الاهون El Lahun ، وهي قرية متكاملة بنيت في حوالي 1800 ق.م. أنشأها الملك سنوسرت الثاني للمشتغلين في بناء هرم الاهون المستوطنة محاطة بسور وبأبعاد 250*400 متر وتحوي المستوطنة علي عدد من الوحدات السكنية المتراصة ظهر بظهر والموزعة علي أزقة تتفرع من محور رئيس [6]. |
وما
يهمنا هنا وفي هذا الطرح المتواضع، هو كيف تمكنت المدن والمستوطنات
البشرية في حضارة مصر القديمة وعلي اختلاف أنواعها من سد وإدارة حاجات
مجتمعاتها؟ طبعاً هذا التساؤل يرمي إلي فهم الظروف التي قادت إلى تطور
بعض المدن وتحولها إلى كيانات إقليمية كبرى، وتحول البعض الأخر إلى عواصم
في مراحل معينة من تاريخ المصر،
يقول
البروفيسور جولز جانيك Jules Janick، حاملاً بعض خيوط الإجابة عن هذا
التساؤل، بأن من عاش في منطقة وادي النيل ما بين 3000 و 4000 قبل الميلاد
قد قاموا بتأسيس سلطة حاكمة أنشأت أولي أشكال الأهرامات وأسست كذلك
تقنية زراعية متقدمة، ويقول بأن نهر النيل فرض زراعة مصر القديمة عبر
الامتدادات الطويلة للأراضي الزراعية المحاطة بالجبال العمودية والمغمورة
بإيقاع ثابت من الفيضانات الموسمية، يقول المؤرخ اليوناني هيرودت
(425-484) واصفاً مصر علي أنها (مساحة قليلة الأمطار لكنها خصبة جداً ،
مصر هبة النيل)، ويؤكد البروفيسور جولز مرة أخري بأن دراسة التاريخ
المصري يؤكد علي جذور عريقة في مجال الزراعة، والعالم الحديث مدين لهذه
الحضارة العظيمة والتي ساهمت في العديد من إبداعات الزراعة الأساسية [7].
ولنا
أن نتساءل، كيف أمكن للزراعة وحدها أن تؤمن محصول ثابت لإطعام مستوطنات
ومدن كبير وللقيام بمهمات وأعمال ضخمة؟ فلابد وأن عملية الزراعة قد
اقترنت بتقنيات إدارية وعمليات تخزين متطورة وهنا نعود للبروفيسور جولز
جانيك والذي يقول بأن عمليات تخزين الحبوب والمحاصيل في وقت لاحق من
الحضارة المصرية قد أضحت وظيفة رسمية في دولة مصر القديمة حيث شُيدت
صوامع ومخازن الحبوب العامة، ففي معبد أبو سمبل الذي بناه الملك رمسيس
الثاني من الأسرة الثامنة عشرة نحتت فيه الكلمات الآتية: (أنا الإله بتاح
أعطي لرمسيس الثاني محاصيل متواصلة ليطعم الأرضين طوال الوقت وحزم هذا
الحصاد كرمل الشاطئ ومخازنه تقترب من السماء وأكوام حبوبه كالجبال) [8].
|
صورة منحوتة من قبر يقع في بني حسن وتظهر عملية خزن الحصاد ومراقبة الجودة، وكاتب ملاحظات وقائد مع سوط. |
|
صورة من قبر في طيبة تظهر عمال يحملون غلال من الحبوب بينما يسجل الكتبة ويحصون الكمية. |
|
صورة من قبر في بني حسن، تظهر كاتب يفحص ويحصي مخزون من العنب. |
من
جانب أخر، فقد أظهر فريق من علماء الآثار برئاسة نادين مولر Nadine
Moeller، أستاذة مساعدة بمعهد الدراسات الشرقية بجامعة شيكاغو، عن كشف
أثري في سنة 2008، وهو عبارة عن تجمع لسبع صوامع كبري لخزن الغلال ومنشأة
أدارية ضخمة كانت تستخدم في تسجيل بيانات الحبوب الواردة والمصروفة،
وذلك أثناء أعمال التنقيب التي أجريت في تل أدفوا بمحافظة أسوان في صعيد
مصر، وهذه المنشأة المكتشفة تتألف من مخزن للحبوب يتكون من سبع صوامع
كبري لتخزين الغلال والصوامع ذات شكل دائري مبني من الطابوق ويصل قطر
الصومعة ما بين 5.5 و 6.5 متر، ويقع مبني الإدارة بصوامعه السبعة وسط
المجتمع الحضري لمنطقة الكشف، ويشير حجم الصوامع المكتشفة إلي مدي ازدهار
هذا المركز الحضري [9]، وقد شيدت صوامع الغلال هذه على جانبي رواق رحب ذي
أعمدة، بينما امتدت المكاتب الإدارية في الجزء الأمامي من المنشآت .هذا
وقد عثر فريق التنقيب أيضا على السجلات المدونة عن حركة الحبوب بالإيراد
والصرف، إذ كانت السجلات تختم في نهاية كل عملية على حدة، ولكن الجديد في
هذا الموقع يتمثل في العثور على قطع صغيرة من الفخار المحروق استخدمت
كأجزاء من السجلات التي دونت عليها بيانات الصادر والوارد وقد أشارت
البروفيسور مولر إلى أن عملية تخزين الحبوب في مصر القديمة كانت ترتبط
بالزراعة الكثيفة وتوجيه الاستفادة إلى الاحتفاظ بالفائض للفترات التي لا
يتوافر فيها ما يكفي من الحبوب، وفضلا عن ذلك بنيت صوامع الغلال لمواجهة
الزيادة في الاستهلاك الناجمة عن نمو عدد السكان [10].
ويقدم
هذا الكشف الأثري معلومات وفهم متواضع حول تطور المدن لحضارة اشتهرت
بآثارها المعمارية، يقول جيل ستين Gil Stein مدير معهد الدراسات الشرقية
بجامعة شيكاغو معلقاً علي أهمية هذا الكشف، ما يحمله هذا الكشف الأثري
كون أن النظرة التقليدية القديمة للحضارة المصرية كانت متحيزة حيث أنها
ركزت جهودها في عمليات التنقيب علي المعابد والمقابر فالتجمعات التي تشمل
علي بقايا المدن المصرية قد دفنت تحت المدن الحديثة أو تهدمت بالأنشطة
الزراعية ولذا فأن الموقع المكتشف في تل أدفوا يعتبر واحداً من الآثار
القليلة جداً سهلة الوصول بغية تفعيل الدراسات العلمية [11].
أكبر الصوامع يرجع إلي الأسرة السابعة عشرة في منطقة تل أدفو. منطقة تنقيب في تل أدفوا توضح طبقات متراكبة لمستوطنة مع مجموعة من صوامع الخزن ترجع للأسرة السابعة عشرة 1620-1650 ق.م.
وكخلاصة
فإن القران الكريم في قصصه وخبرة كان يُنبئ ويشير لأحداث وقعت في الغيب
الماضي لم يعرفها أو حتى يجزم بها أحد، لتطاول العهود واضطراب الأحوال
والأدوار، وفي تفسير سيدنا يوسف علية السلام لرؤيا ملك مصر حين قال في
كتاب الله : «قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ
دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا
مِمَّا تَأْكُلُونَ» [يوسف/47] أشارة واضحة إلي أن مجتمع تلك الفترة اشتغل وأمتهن الزراعة ومن رده كذلك علي ملك مصر حين قال: «قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ» [يوسف/:55]
نفهم وبوضوح مرة أخري وجود مخازن للحبوب والغلال الزراعية طلب يوسف عليه
السلام توليته عليها، لأخذ ما يلزم من تدابير إزاء المجاعة، إذاً فقد
أخبرتنا القصة القرآنية علاوة علي سيرة النبي يوسف علية السلام وبكلمات
معدودة بحالة مجتمع في حقبة داخل حضارة استمرت لفترة زمنية طويلة، فكل من
الزراعة وأسلوب الخزن المنظم كان سائداً في حضارة مصر وكما رأينا، وخبر
القصة معجز في أبلاغة عن غيب ماضي لا يتعارض مع الحقائق التاريخية
البعيدة عن الظنون والمدعومة بالكشف العلمي الصريح، ولا يسعنا هنا إلا أن
نسلم ونشهد بأنه ولا ريب وحي السماء من تكفل بإخراج كلمات هذا النبي
الصالح وأحداث القصة من الزمن الغابر هناك إلي الحاضر هنا.