من منازل الشهداء والأسرى بدأ الفلسطينيون حملتهم لمكافحة ومقاطعة البضائع المنتجة في المستوطنات الإسرائيلية الجاثمة على أراضيهم، ومن مختلف مدن الضفة الغربية وفي مقدمتها القدس المحتلة.
الحملة انطلقت تحت شعار "من بيت لبيت"، وبدأت بزيارات ميدانية لمنازل المواطنين في مختلف مدن الضفة لتقديم الإرشاد والتوعية اللازمة عن المخاطر الصحية والسياسية.
المنسق الإعلامي للحملة سري بركات قال إنه "لا بد من التخلص من هذا الداء الذي ينهش جسم اقتصادنا والتحرك لتحرير انفسنا من التبعية الاقتصادية للاحتلال، ولتكن الخطوة الأولى منتجات المستوطنات".
وتابع بركات: "في اليوم الأول للحملة حاولنا إعطاء زخم رسمي لهذه الحملة حيث قام كل محافظ بزيارة أول بيت في المحافظة لتوزيع الجزء الأول من دليل مكافحة منتجات المستوطنات".
وتشمل حملة "من بيت لبيت"، بحسب بركات، 427 ألف منزل فلسطيني، حيث يقوم 3000 متطوع في الحملة بطرق ابواب كل بيت فلسطيني في المدن والقرى والمخيمات خلال الشهر المقبل وتوزيع الجزء الأول من دليل منتجات المستوطنات، والطلب من المواطنين توقيع عهد الكرامة الذي بموجبه يتعهد المواطنون بعدم شرائهم منتجات المستوطنات".
وتابع بركات: "يقوم المتطوعون بتسليم المواطنين بعض النشرات التوعوية حول منتجات المستوطنات وأضرارها على المجتمع الفلسطيني من الناحية السياسية والاقتصادية والبيئية والصحية، وتعريفهم بكيفية تمييز منتجات المستوطنات عن غيرها من المنتجات الأخرى، كما يتم استعراض الآثار الايجابية المترتبة على شراء المنتج الوطني بما من شأنه المساهمة في ازدهار الاقتصاد الفلسطيني وخلق المزيد من فرص العمل".
تحرير الاقتصاد من التبعية
هذه الحملة تنبثق عن حملة مكافحة منتجات المستوطنات التي أطلقها صندوق الكرامة الوطنية والتمكين بهدف الوصول الى فلسطين خالية من منتجات المستوطنات وتحرير الاقتصاد الفلسطيني من تبعيته إلى اقتصاد المستوطنات، وتهدف الى خلق تفاعل شعبي على مستوى فلسطين بحيث يشارك الفلسطيني في مهمة تنظيف بيته من منتجات المستوطنات.
وبحسب صندوق الكرامة الوطني والتمكين، فان حجم مبيعات منتجات المستوطنات الإسرائيلية هو مئتا مليون دولار سنويا على الأقل في أسواق الضفة الغربية، وان %46 من الدخل السنوي للمستوطنات يساهم به الفلسطينيون بشرائهم منتجات المستوطنات.
من جانبه قال وكيل وزارة الاقتصاد عبد الحفيظ نوفل إن هذه الحملة تأتي لمنع ومصادرة البضائع المنتجة في المستوطنات من مدن وبلدات الضفة الغربية لتحقيق خطة الوزارة بتنظيف السوق الفلسطينية من هذه البضائع".
وتابع نوفل: "بسبب الدمار والخسائر الذي ألحقت باقتصادنا الوطني جراء انتشار بضائع المستوطنات، قررنا إطلاق هذه الحملة لدعم الإنتاج المحلي والمنتج الوطني الذي لا تزيد حصته في الإنتاج عن 18% بسبب غزو منتجات المستوطنات لأسواقنا".
وتوقع نوفل أن تزيد حصة المنتج الفلسطيني بعد إنهاء الحملة وتطهير الاسواق الفلسطينية لتصل الى 40%، ومن شأن ذلك أن يوفر فرص عمل للعمال الذين يعملون في المستوطنات.
تحريم
هذه الحملة لقيت اجماعا وطنيا شاملا ودعمها العلماء ورجال الدين حيث أصدر قاضي قضاة فلسطين رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي الشيخ تيسير التميمي فتوى دينية تحرّم شراء هذه المنتجات والبضائع.
وأكد التميمي أن الحكم الشرعي هو حرمة العمل في المستوطنات وبنائها وتداول منتجاتها بيعاً وشراء، وان مقاطعتها واجب ديني ووطني. وقال الشيخ التميمي: "إن المقاطعة هي إحدى وسائل المقاومة السلمية والدفاع عن النفس والوطن وثوابت القضية، ومن وسائل الضغط المستخدمة لتحقيق الأهداف المشروعة للشعوب والدول التي تتعرض للعدوان وتحدق بها الأخطار والمخططات التي تتهدد وجودها".
وقد أثارت الحملة حفيظة وغضب الاحتلال الذي بادر لاعتبارها أعمالا عدائية ووصفها "بحملة الكراهية"، كما أعلن المستوطنون من أصحاب المصانع أنهم سيحاربون الحملة، مهددين بأن العمال الفلسطينيين سيكونون أول من يذهبون إلى منازلهم في إشارة إلى إمكانية طردهم وحرمانهم من العمل ردا على الحملة.
وتجند الكثير من المستوطنين لمواجهة قرار المقاطعة الفلسطيني وذلك عبر موقع الكتروني مختص بنشر الصهيونية، حيث قام الموقع بترجمة الكتيب الذي وزعته السلطة والمتضمن أسماء البضائع المنتجة في المستوطنات، ووزعوا الكتيب على الاف الأشخاص عبر البريد الالكتروني والفيس بوك ضمن حملة مضادة شعارها " لن نستسلم لهم".
هذا التهديد رفضته الحكومة الفلسطينية، وهو ما أكده الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور غسان الخطيب معتبراً أن "هذا الكلام مرفوض، وأن من حق السلطة الحفاظ على مقدراتها وثرواتها ورعاية منتجاتها المحلية، والأهم من ذلك محاربة المستوطنات غير الشرعية على أرضها".
واعتبر الخطيب ان هذه الحملة سببت إزعاجا لـ"إسرائيل" بسبب الزخم الكبير والالتفاف الشعبي الذي لاقته، خاصة بعد دخول القطاع الخاص كشريك، والسعي لنشر الحملة في بلدان الصديقة وتوفير دعم دولي لهذه الحملة، وهو ما يخشاه الاحتلال".
وأكد الخطيب مواصلة الحملة حتى تحقيق أهدافها مشدداً على أن تهديدات "إسرائيل" لا معنى لها خصوصاً أنها لا تستطيع تنفيذها كونها غير قانونية من جهة، ولان الميزان الاقتصادي لمصلحتها هي".
وخلص الخطيب إلى أن الميزان التجاري لمصلحة "الإسرائيليين حيث تستورد السلطة أربعة أضعاف ما تستورده "إسرائيل" ما يلحق ضرراً كبيراً بها نتيجة المقاطعة، وأن هذه الحملة ستكون الضربة القاسية للحركة الاستيطانية لا سيما في القدس المحتلة، وهي أحد أوجه المقاومة لوجودها على أرضنا ومدننا.