حصن نفسك مسبقا.. تحاليل فورية تكشف شفرتك الوراثية
واشنطن - لم يتسن لفرانسيس كولينز الذي ساعد في وضع خريطة الجينوم البشري اجراء تحليل لجيناته هو شخصيا حتى الصيف الماضي. وما عرفه أدهشه.
تبين أن كولينز لديه استعداد للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وهو ما لم يشتبه به قط. واكتشف المدير السابق للمعهد الوطني لأبحاث الجينوم البشري هذا من خلال أبحاث توفرها شركات مثل نافيجينيكس وتوينتي ثري اند مي وديكودمي التي تتقاضى من العملاء بضع مئات من الدولارات مقابل نظرة على تكوينهم الجيني.
وقال "خضعت للاختبار عند الثلاثة لأنني أردت أن أرى إن كانوا سيعطونني نفس الإجابة... اتفقوا جميعا على أن درجة تعرضي للإصابة بالسكري عالية."
وبعد معرفة تلك المعلومات انقص وزنه 25 رطلا في نهاية المطاف. لكن كقاعدة هو لا يعتبر هذه الاختبارات مفيدة بشكل خاص.. على الأقل ليس بعد. وقال "لا يمكن إنكار أن تاريخ عائلتك قد يكون أفضل رهان لديك ولا يكلف شيئا."
هذا هو الحال في مجال أبحاث الجينوم الوليدة.
يقول بعض الخبراء إن العالم على شفا "عصر ذهبي" لعلم الجينوم حين ستكشف إطلالة على شفرة الحمض النووي الخاصة بك مدى امكانية الإصابة بالسرطان او السكري او أمراض القلب والتكهن بالعقاقير التي ستنجح معك. غير أن مشروع الجينوم البشري العالمي الذي بلغت تكلفته ثلاثة مليارات دولار والذي اكتملت مرحلته الأولى قبل عشر سنوات لم يؤد الى تشخيص او منتج حقق نجاحا مذهلا.
والمؤكد أنه كانت هناك بعض اللمحات المشجعة ومن أمثلتها:
- تحليل دم يستطيع تحديد ما اذا كان السرطان المصاب به المريض انتشر أو عاد. واكتشف الدكتور بيرت فوجلستاين من جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور وزملاؤه أجزاء من الحمض النووي في أورام القولون والثدي تحمل نسخا إضافية من الحمض النووي او كروموسومات مندمجة مع بعضها البعض.
- اختبار قائم على فحص الجينات تجريه شركة جينوميك هيلث يساعد في تحديد مرضى سرطان الثدي الذين من غير المرجح أن يستفيدوا على الإطلاق من العلاج الكيميائي.
لكن كولينز يصف هذه بأنها إنجازات سهلة التحقيق. ويقول إن العمل الشاق بدأ لتوه.
وأصبح المجال نوعا ما ضحية لما شهده من نجاح.
وتحاول الشركات خفض تكلفة مسح التسلسل الجيني وتتنافس على إنتاج الجهاز الذي سيكون موجودا في كل معمل للتكنولوجيا الحيوية كأحد معداته الثابتة لإجراء مسح كامل لتسلسل الجينوم للشخص على الفور. لكن كل هذا المسح لتسلسل الجينوم يخلق ما يصفه المدير الحالي للمعهد الوطني لأبحاث الجينوم البشري اريك جرين بأنه "تسونامي المعلومات" التي تنهك عقول العلماء وطاقة أجهزة الكمبيوتر.
والمفارقة أن البشر يملكون جينات فعلية قليلة نسبيا وهي أجزاء الحمض النووي التي توجه الخلية لتنتج البروتين. ولا يملك البشر سوى 20500 منها مقابل ما يصل الى 30 الفا للفئران و50 الفا في الأرز. وكانت هذه احدى المفاجآت الكبرى من مشروع الجينوم البشري.
نتيجة لذلك تكمن بعض أهم المعلومات فيما اصطلح على تسميته "المناطق اللاجينية" التي تمثل ثلثي الشفرة الوراثية للانسان.
وقال كولينز "هناك هذه المادة الداكنة من الجينوم الكامنة في انتظار الكشف عنها."
وبدأ جزء من البحث في مبنى بغرب لندن حيث يصطف متطوعون لكشف أسرارهم الدفينة. وفي حين تبرع كثيرون بالدم من قبل فإنهم هذه المرة يتطوعون بحمضهم النووي وسجلاتهم الطبية الماضية والمستقبلية لتجربة هائلة ستتعقبهم حتى الموت.
يبدو هذا مثيرا للسخرية. غير أن المتطوعين الذين يسجلون أنفسهم في البنك الحيوي ببريطانيا الذي تدعمه الحكومة ومؤسسة ولكام تراست حريصون على المشاركة في شيء قد يفيد ابناءهم او احفادهم.
ووقع الاختيار على الفئة العمرية التي تتراوح بين 40 و69 عاما لأن المتطوعين لن يضطروا الباحثين للانتظار طويلا قبل أن يصابوا بأمراض مثيرة للاهتمام مثل السرطان او التهاب المفاصل او السكري او القلب او الخرف.
وحتى الآن سجل نحو 450 الف بريطاني انفسهم ووافقوا على إجراء مسح لتسلسل الحمض النووي لديهم ومتابعة حالتهم الصحية دون الكشف عن اسمائهم وذلك من خلال جهاز الصحة الوطني.
ويقول كبير الباحثين روي كولينز إن أخذ العينات على نطاق واسع بهذا الشكل هو السبيل الوحيد لتمكين العلماء من اكتشاف كيف تتفاعل العوامل المتصلة بنمط الحياة مع قائمة طويلة من المتغيرات الجينية النادرة لتسبب أمراضا شائعة.
وأضاف "اذا كنا نبحث عن أثر الكثير والكثير من المتغيرات الجينية المختلفة التي تسبب آثارا معتدلة وهي تتفاعل مع الكثير من العوامل غير الوراثية فإننا يجب أن نتمكن من إجراء دراسات كبيرة جدا جدا... لم تسمح التكنولوجيا بإجراء تلك التجارب سوى الآن."
وأنشأت الصين والسويد ودول أخرى بنوكا حيوية لكن البنك البريطاني هو الأشمل فيما يتعلق بعدد العوامل التي تدرس.
Alarab Online.
All rights reserved.