الاكتشافات
السباق المثير نحو القطب الجنوبي
وصول المستكشفين اللى القطب الجنوبي
اكتشاف قارة جديدة. كتب المهتمون عن وجود قارة جنوبية قبل اكتشاف أنتاركتيكا بعدة قرون. ولقد افترض الفلاسفة الإغريق الأوائل لزوم وجود كتلة أرضية في أقصى الجنوب، لتوازن ثقل الأراضي الشمالية.
بدأ البحار الإنجليزي جيمس كوك سنة 1772م، رحلته بحثًا عن القارة الجنوبية. وفي يناير 1773م، عبر الدائرة القطبية الجنوبية عند دائرة عرض 66° جنوبًا. وبعد مرور عام، وصل كوك إلى أقصى الجنوب عند دائرة عرض 71° جنوبًا تقريبًا. وفي عام 1819م اكتشف البريطاني وليم سميث جزر شتلاند الجنوبية. وفي عام 1823م أبحر البريطاني جيمس وديل جنوبًا بحثًا عن الصيد، حتى وصل إلى دائرة عرض 74° جنوبًا.
في عام 1831م، أعتُبر أحد صائدي الحيتان الإنجليز ويدعى جون بيسكوي أول من وطئت قدماه شرقي أنتاركتيكا.
تم أول اكتشاف لأراضي أنتاركتيكا الداخلية في الفترة ما بين عامي 1901م إلى 1904م. ففي عام 1902م قاد روبرت فالكون سكوت (من البحرية البريطانية) فريقًا من المكتشفين والعلماء إلى بحر روس.
وفي عامي 1946م و 1947م تولى بيرد قيادة أكبر عملية كشف للبحرية الأمريكية لاكتشاف أنتاركتيكا تقوم بها دولة واحدة. وقد أرسلت فرقة تتكون من 4700رجل، و13سفينة و 23 طائرة وطائرة مروحيّة إلى أنتاركتيكا. وقد اكتشف أعضاء البعثة الكشفية أراضي جديدة تتضمن 26 جزيرة، والتقطوا صورًا لنحو 2300كم لسواحل لم تكن مكتشفة.
وفي العام نفسه قاد فين رون حملة اكتشافية جوية أمريكية خاصة إلى غربي أنتاركتيكا إلى أن اكتشف مساحات من بحر وِديل.
اكتشاف أنتاركتيكا توضح الخريطة خط سير البعثات الاستكشافية الرئيسية في مناطق أنتاركتيكا. وقد شوهدت القارة لأول مرة سنة 1820م، وبدأت الاكتشافات الداخلية للقارة خلال القرن العشرين.
التعاون الدولي. ازدادت المعرفة العلمية بأنتاركتيكا على مستوى العالم من خلال العام الدولي للجيوفيزياء، والذي كان برنامجًا أجرى فيه العلماء أبحاثهم وتبادلوا نتائجها. بدأ هذا البرنامج في الأول من يوليو 1957م، وانتهى في 31 ديسمبر 1958م.
في العام الدولي للجيوفيزياء أقامت 12 دولة أكثر من 50 محطة علمية في أنتاركتيكا والجزر المحيطة بها. فأقامت الولايات المتحدة محطة عند القطب الجنوبي، بالإضافة إلى خمس محطات ساحلية ومحطة أخرى داخلية. وأقام الاتحاد السوفييتي (سابقًا) محطة تقع بعيدًا عن كل السواحل.
تناولت أبحاث العام الدولي للجيوفيزياء بعض الموضوعات مثل الزلازل والجاذبية والمغنطيسية والمحيطات والنشاط الشمسي. وحدد علماء الأرصاد الجوية الضغط الجوي والرطوبة ودرجة الحرارة واتجاه الريح، وأعدّوا الخرائط الجوية الأولى لأنتاركتيكا.
المطالبات الاقليمية لأنتاركتيكا. تطالب سبع دول بمناطق واقعة في أنتاركتيكا. تبين الخريطة حدود تلك المناطق التي يتشابك بعضها مع البعض الآخر، وتعيّن الخريطة كذلك مراكز الأبحاث الرئيسية الواقعة على القارة مع أسماء البلدان التي تقوم بإجراء تلك الأبحاث.
وقام علماء آخرون بقياس سُمك الغطاء الجليدي، ودرسوا شكل اليابسة .
وفي العام الدولي للجيوفيزياء، ترأس الجيولوجي البريطاني فيفيان فوتشس أول عبور لأراضي القارة. وعمل الاتحاد الدولي على تنظيم الحملة التي غطت 3,473 كم.
وفي عام 1959م وقّعت 12 دولة معاهدة القطب الجنوبي. وتحثُّ هذه المعاهدة ـ التي بدأ سريانها عام 1961م ـ الناس ليستخدموا أنتاركتيكا للأغراض السلمية فقط، مثل الكشوف والأبحاث. ويتحتم على العلماء تبادل المعرفة التي يتوصلون إليها نتيجة هذه الأبحاث. كما تحظر المعاهدة القوات العسكرية من الدخول في أنتاركتيكا، عدا تلك القوات التي تساعد الحملات العلمية. كما أنها تمنع استخدام الأسلحة النووية والتخلص من النفايات المشعة في أنتاركتيكا.
ومنذ سريان هذه المعاهدة، جهزت عدة دول أخرى برامج علمية في أنتاركتيكا وألحقت بالمعاهدة. كما أضاف الأعضاء قوانين لحماية نباتات وحيوانات تلك القارة.
محطة ماكموردو قاعدة أبحاث تابعة للولايات المتحدة على جزيرة روس، بها أكبر مجمّع في أنتاركتيكا. يعيش نحو 1,000 شخص هناك في الشهور الدافئة. وتحتفظ بعض الدول الأخرى بمراكز أبحاث في أنتاركتيكا.
باحث عند القطب الجنوبي يتفحص المعلومات القادمة من المقراب (التلسكوب). ويمكِّن جو أنتاركتيكا غير الملوث العلماء من الحصول على صورة واضحة للسماء. تظهر قبة محطة أموندسن- سكوت في القطب الجنوبي في خلفية الصورة.
أنتاركتيكا اليوم. يوجد بالقارة اليوم مراكز علمية في القارة والجزر القريبة تجمّعت على مدى أكثر من 30 سنة. وتشتمل محطات أبحاث الولايات المتحدة الأمريكية على محطة ماكموردو في جزيرة روس. وتشتهر محطة فوستك الروسية بقدرتها على تسجيل درجات الحرارة المنخفضة، وهي تقع على بعد 1,000كم من القطب الجنوبي. وهناك محطات رئيسية أخرى تتبع للأرجنتين وتشيلي وأستراليا وبريطانيا واليابان ونيوزيلندا وألمانيا.
ويُوجد في محطة ماكموردو أكبر تجمع للعلماء الأمريكيين في أنتاركتيكا، ويعيش هناك 1000 من العلماء، والطيارين وآخرين من الاختصاصيين في كل صيف. ويبقى فيها أقل من 200 شخص في الشتاء. وتُجمِّع محطة مائية مياه البحر في مضيق ماكموردو وتقوم بتحليتها. وتشق سفن قوية تُسمّى كاسحات الجليد طريقها وهي تحمل الناس والإمدادات. وللمحطة أيضًا ممرات هبوط للطائرات، ومهبط للمروحيات.
تتعدد الأنشطة الصيفية في أنتاركتيكا حيث يجمع الجيولوجيون الصخور من الوديان الجافة الخالية من الجليد من جبال ترانسأنتاركتيكا. وتراقب الأبحاث سلوك الحيوانات، في البحر وعلى السواحل. ويحّد الشتاء من الأنشطة باستثناء تسجيل أحوال المناخ ودراسة الزلازل والإشعاع الشمسي. وتتناول الأبحاث المهمة طبقة الأوزون المكون من الأكسجين. وأكثر ما يتركز الأوزون في الطبقة الجوية التي يتراوح ارتفاعها ما بين 22 و 30 كم. وتقوم هذه الطبقة بحماية الكائنات الحية من بعض أشعة الشمس الضارة. وفي أواسط الثمانينيات من القرن العشرين، اكتشف العلماء أن طبقة الأوزون فوق قطب القارة الجنوبي يقل سُمكها. وتُعد المركّبات الصناعية التي تُسمّى الكربون الفلوري السبب الرئيسي في ثقب الأوزون ويعتقد العديد من العلماء أن الأبحاث في قطب القارة الجنوبي تستطيع الإجابة عن أسئلة مهمة حول الأرض وحاضرها ومستقبلها. ويوافق كثير من الدول على أنّ معاهدة القطب الجنوبي مثال طيب للتعاون والسلام الدوليين. ولقد أعدّت مسودة للمعاهدة في عام 1991م، استهدفت وقف التعدين في السنوات الخمسين القادمة هناك.