طالما اقترن اسم كبلر بقوانين الكواكب السيارة . إنها تلك القوانين التي استفاد منها نيوتن فيما بعد لوضع قوانين الجاذبية و قلبت النظريات الفلكية في العصور الوسطى رأساً على عقب ، مما جعل كبلر جديراً بلقب مؤسس علم الفلك الحديث
كل يوم تشرق الشمس من المشرق وتغرب في المغرب، لذلك كان الاعتقاد السائد في العصور الوسطى أن الشمس تدور حول الأرض، حتى اكتشف نيكولاوس كوبرنيكوس (1473-1543) أن الأرض هي التي تدور حول الشمس. وكانت تلك النظرية في غاية الجرأة آنذاك، لأنها كانت تعني أن الأرض ليست محور الكون الذي يدور حوله كل شيء. وهذا يعني بدوره أن الأرض مجرد نجم تكون صدفة وليس له معنى حقيقي. وكان ذلك يشكل كارثة، لأنه يعني أن لا شيء على الأرض كلها له معنى، مما قد يؤدي إلى الشك في وجود الله واختفاء الأنظمة الثابتة والحدود المعروفة بعد أن اتضح أن الكون لانهائي. لكن يوهانس كبلر مؤسس علم الفلك الحديث أثبت العكس، فحتى إن لم تكن الأرض هي محور الكون فهناك نظام وتناغم في الكون كله.
ولادته ونشأته
ولد كبلر عام 1571 وعاش حياة مليئة بالترحال بسبب انتمائه للمذهب البروتستانتي وقيام حركة لمعارضة الإصلاح البروتستانتي في صفوف الكاثوليكيين، وعانى من سوء الحظ في كثير من الأحيان، حيث لم يكن قادراً في أوقات كثيرة على كسب قوته، وفقد طفليه الاثنين، كذلك عايش كبلر كوارث حرب الثلاثين عاماً (1618-1648) قبل وفاته عام 1630. وقام كبلر بتأليف كتب كثيرة وعمل لدى عالم الفلك الدانمركي المعروف تيخو براهى، مما أتاح له استخدام المراصد والقيام بأبحاثه.
شخصيته
أما عن شخصيته فقلد كان كبلر طوال حياته شغوفاً بالمعرفة والبحث. ورغم تواضعه وحساسيته إلا أنه عندما قام باكتشافاته وأثبت نظرياته لم يتردد في الإعلان عنها حتى رغم معارضتها لمعتقدات الكنيسة السائدة في ذلك الوقت. كذلك قام كبلر بالدفاع عن والدته في المحاكمات التي أقيمت ضدها بتهمة ممارسة السحر ونجح في إثبات براءتها. وكان كبلر قد درس علم اللاهوت والرياضيات وعلم الفلك بمنحة من جهة إنجيلية. وفي تلك العصور كانت الكنيسة هي مركز العلم في أي دولة وبالتالي كانت لا تسمح بوجود أية نظريات متعارضة مع الإنجيل أو تعاليم الكنيسة. لكن كبلر كان متأكداً تماماً من صحة نظرياته وفضلها لذلك على تعاليم الكنيسة، مما أدى في كثير من الأحيان إلى رفضه من قبل الكنيستين الكاثوليكية والإنجيلية.
قوانين كبلر
إن قوانين كبلر بالإضافة إلى اكتشافاته الأخرى تعتبر امتداداً لأبحاث واكتشافات نيكولاوس كوبرنيكوس وجاليليو جاليلي المتعلقة بمدارات الكواكب. ويشترك العلماء الثلاثة في كونهم أغضبوا الكنيسة باكتشافاتهم. لكن جاليلي وكبلر كانا مؤمنان وحاولا على قدر الامكان تجنب الاختلاف مع الكنيسة. ورغم محاولاتهم العديدة لإرضائها إلا أن ولائهم للعلم واقتناعهم باكتشافاتهم أدى إلى دفاعهم العلني عن تلك نتائج أبحاثهما. وكان كبلر أوفر حظاً من جاليلي، الذي كان يعيش في إيطاليا الكاثوليكية المتحفظة. أما كبلر فقد كان يعيش في شمال أوروبا الإنجيلي، مما وفر له حرية نسبية في الإعلان عن نتائج أبحاثه.
وتعتبر قوانين كبلر الثلاثة من أهم اكتشافات يوهانس كبلر، وهي تصف مدارات الكواكب حول الشمس، وتبتعد عن النظريات التقليدية الفيثاغورسية رغم اعتماد كبلر في البداية عليها. وينص أول قانون على أن جميع الكواكب تدور في مدارات بيضاوية (إهليلجية) حول الشمس. وحتى ذلك الوقت كان الكل يعتقد أن مدارات الكواكب دائرية. وتمثل الشمس بؤرة من بؤرتي كل من تلك المدارات. أما القانون الثاني فينص على أن مسافة الكوكب إلى الشمس تلعب دوراً في سرعته، أي أن الكواكب تدور بسرعة أكبر عند اقترابها من الشمس وبسرعة أبطأ عند بعدها عنها. أما القانون الثالث فيحدد النسب بين الكواكب المختلفة وبعضها بالقياس إلى بعدها عن الشمس.