مصر تواصل إمدادات الغاز لإسرائيل في أوج الحصار على قطاع غزة

الشراكة الطاقوية بلغت أوجها بين البلدين
مصر تواصل إمدادات الغاز لإسرائيل في أوج الحصار على قطاع غزة

تبقى مصر وإسرائيل شريكتين في مجال الطاقة، وقد عرفت سنوات الثمانينيات تطورا سريعا وكبيرا بين البلدين، خاصة ما بين 1986 و1987، حيث أصبحت إسرائيل، حينها، أول زبون لمصر في مجال النفط، في الفترة نفسها التي حاولت مصر استعادة الجامعة العربية مجددا وإعادتها لمصر، وهو ما نجحت فيه بالفعل من خلال نقلها من تونس إلى القاهرة مجددا العام .1989 وقد مثل ذلك، حسب المراقبين، خطأ استراتيجيا، حيث بدا واضحا أن التقارب المصري الإسرائيلي ازداد وتضاعف بعد عودة الجامعة لمصر التي ربحت على جبهتين: الأولى عربيا، بكسر العزلة والحصار والمقاطعة. والثانية بالإبقاء على الروابط القوية مع إسرائيل، بل والمساهمة في إحداث اختراقات كبيرة لإسرائيل في الوطن العربي، بعد ذلك التاريخ، مع استعادة الملف الفلسطيني. فقد عرفت التسعينيات وسنوات 2000 تطورا كبيرا للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وتل أبيب، خاصة بعد توقيع مصر على اتفاقية الكويز أو اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة التي وقعتها مصر مع إسرائيل والولايات المتحدة في 14 ديسمبر 2004 في القاهرة. وسمحت الاتفاقية بإنشاء ثلاث مناطق صناعية مؤهلة لتصدير منتجاتها إلى الولايات المتحدة مستفيدة من الإعفاء من الرسوم والتعريفات الجمركية، شرط أن تتضمن مدخلات إسرائيلية بنسبة لا تقل عن 11.7 بالمائة. وفي الوقت نفسه كانت القاهرة لا تتردد في دعوة البلدان العربية إلى مقاطعة إسرائيل، اقتصاديا وتجاريا، بينما هي لا تعتبر نفسها معنية بدعوى ''الالتزامات التعاقدية الدولية''. واعتبر وزير التجارة المصري آنذاك بأن اتفاق الكويز سيمنح ''المنطقة'' سلاما عادلا وشاملا، ولا ندري على من كان يتكلم، حيث إن الفترة الذي أعقبت هذه الاتفاقية كانت جلها حروب ضد العرب ''فلسطين ولبنان وسوريا والعراق'' .
وبعد اتفاقية ''الكويز'' وقّعت مصر اتفاقية في 30 جوان 2005 لبيع الغاز المصري لتل أبيب بقيمة 5,2 مليار دولار والتزمت القاهرة بتزويد الكيان الصهيوني بـ 1.7 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي لمدة 15 سنة عبر أنبوب غاز تحت البحر، انطلاقا من مدينة العريش باتجاه مدينة أشكالون الإسرائيلية. ويمكن أن ندرك، مثلا، الامتعاض المصري من قطر وفلسطيني غزة، بعد أن بدأت تبرز مؤشرات تسويق الغاز منهما أيضا، ومنافسة الطرف المصري. وقد تضمن الاتفاق أيضا إمكانية زيادة الكميات بنسبة 25 بالمائة وتمديد العقد 5 سنوات أخرى.
وفي أوج الحصار الإسرائيلي والعدوان على غزة، قامت مصر، من خلال المحكمة الإدارية في فيفري 2009، برفض قرار صادر عن المحكمة الإدارية بتوقيف تصدير الغاز المصري لإسرائيل، وقد أودع عدد من الشخصيات، على رأسهم المدير الأسبق لمعهد القانون الدولي السيد ابراهيم يسري، التماسا من أجل توقيف الصادرات الغازية المصرية على خلفية العدوان على غزة. ولكن القاهرة رأت عكس ذلك، إذ لم يكن بالإمكان حرمان حليفها من الغاز. تضاف إليه المصالح الكبرى للشركة المصرية الإسرائيلية ''يو أم جي'' في هذا المجال. بل إن القاهرة قامت بتدعيم صادراتها من الغاز، بينما كان أهل غزة محاصرين ويعانون من حصار مزدوج مصري إسرائيلي بعد ضرب طوق أمني شديد على أهم المعابر على رأسها معبر رفح.