تعريفه و دواعي صدوره
دستور الجزائر 1947م هو قوانين لتسيير الحياة في الجزائر وهو برنامج إصلاحي لدعم السياسة الاستيطانية صدر في 20/9/1947
وتعود دواعي صدوره إلى :
- تزايد الوعي الوطني الجزائري بعد 8/5/1945
- تزايد نشاط الحركة الوطنية
- تقارب وجهات نظر الحركة الوطنية وتزايد التيار الاستقلالي
- محاولة فرنسا احتواء الحركة الوطنية
- محاولة فرنسا بث الخلاف والصراع بين تيارات الحركة الوطنية
أوجدت الحكومة الفرنسية طريقة جديدة لضرب الجزائريين والقضاء على طموحاتهم في الانعتاق من ربقة الاستعمار، وتمثلت هذه الطريقة الجديدة في أداة اسمتها القانون الجزائري 1947 الذي صادق عليه المجلس الوطني الفرنسي يوم 20 سبتمبر 1947.
وقد جاء هذا القانون بعد ذلك الذي أصدرته في مارس 1944 بعنوان قانون منح المواطنة الفرنسية لبعض الجزائريين، واعتبر قانون الجزائر القطر الجزائري مجموعة عمالات مزودة بالشخصية المدنية تستطيع أن تتصرف في شؤونها داخل الإطار المحدد لها رسميا.
وقد جاء القانون الجزائري جامعا للقوانين الاستعمارية السابقة التي سنها الاستعمار منذ 1830، مثل الذي صدر في أفريل 1833 والذي يسير الممتلكات الجزائرية بواسطة الأوامر الملكية وأمر 1834 الذي جعل الجزائر ملكية فرنسية، ومرسوم أوت 1898 الذي يخص تعيين الحاكم العام للجزائر باقتراح من وزير الداخلية، وقانون 1900 الذي يخول لحكومة الجزائر بالاستقلال المالي، وقانون ديسمبر 1945 القاضي بإنشاء مجلس مالي للجزائر وهكذا
أهم بنود الدستور
يتكون القانون من ثمانية أبواب وكل باب يتألف من عدة مواد، فالباب الأول يتعلق بالنظام السياسي وتنظيم السلطات العمومية وما يتعلق بالنظام بمبدأ المساواة بين المواطنين الفرنسيين المتمتعين بحالتهم المدنية، ويفتح التصويت للنساء الجزائريات، وتنشأ جمعية جزائرية، مجالس ولائية.
أما الباب الثاني فيتعلق بالنظام التشريعي للجزائر وتطبيق الحريات الدستورية، والتنظيم العسكري والتجنيد. وجاء الباب الثالث ليوضح القانون المالي للجزائر وطرق صرف الميزانية، ثم الباب الرابع المتعلق بتكوين الجمعية العامة الجزائرية وسيرها، والباب الخامس الذي يوضح سلطة الوالي العام الإدارية في الجزائر، ثم الباب السادس المهتم بالترتيبات المختلفة والانتقالية والباب السابع الذي ينظم المجموعات المحلية وأخيرا الباب الثامن الذي يهتم بالترتيبات الملحقة والمتعلقة باستقلال الدين الإسلامي عن الدولة وتطبيق الترتيبات التي تجري على اللغة الفرنسية، على اللغة العربية كونها إحدى لغات الاتحاد الفرنسي ويتم تعليمها في الجزائر على جميع المستويات.وقد تداولت الجمعية الجزائرية ومجلس الجمهورية، وصادق المجلس الوطني الفرنسي على هذا القانون في 20 سبتمبر 1947 وأصدره رئيس الجمهورية الفرنسي.
- الجزائر جزء لا يتجزأ من فرنسا يتساوى سكانها……
- يحافظ المسلمون على الأحوال الشخصية الإسلامية
- الوظائف العامة مدنية وعسكرية مفتوحة أمام الجزائريين على السواء
- فصل الدين عن الدولة واعتبار اللغة العربية لغة رسمية
- إنشاء مجلس جزائري منتخب ( 60نائبا جزائريا 60 نائبا فرنسيا) مهمته دراسة ميزانية الجزائر وقراراته مرتبطة بموافقة الحكومة الفرنسية
- إنشاء مجلس حكومة يتكون من 06 أعضاء حول الحاكم العام المعين
ردود الفعل تجاه الدستور
1 – موقف الكولون:لقي ترحيبا من المعمرين لأنه
- منحهم بعض الاستقلال عن حكومة باريس
- إدراكهم عدم تطبيق ما كان في صالح الجزائريين لتمركز السلطة في أيديهم
من جانب آخر نظم غلاة المعمرين حملة واسعة ضد قانون الجزائر واعتبروه لصالح الجزائريين ولذلك حاربوه بشتى الوسائل ورفضوا مبدأ المساواة معهم في أي شيء، وطالبوا محاربته وعدم تطبيقه. وأثمرت جهودهم في استخلاف الحاكم العام بآخر الذي لبى مطالبهم وزيف الانتخابات لصالحهم. وهكذا وضع القانون جانبا، ومنح المعمرين مجلسا يساير آرائهم وميولهم وأن يتصرفوا في هيئات التسيير والتشريع كما يشاؤون لمدة ست سنوات.
وهكذا واصلت السلطات الاستعمارية سياسة الاستبداد وهو ما ساعد على اختمار فكرة الكفاح المسلح وكانت ثورة نوفمبر 1954 التي قضت على فكرة الجزائر الفرنسية إلى الأبد
2 - موقف الحركة الوطنية رفض الدستور لأنه :
- جاء بمساواة مزيفة
- إهمال الكيان الجزائري
- عدم إشراك الشعب الجزائري في وضعه
قدم نواب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري مشروعا مضادا لقانون الجزائر 1947، ودعوا إلى ضرورة إنشاء جمهورية جزائرية تكون متحدة مع الجمهورية الفرنسية على أساس المساواة والاحترام المتبادل.وعلى الرغم من مشاركة حركة الانتصار للحريات الديمقراطية في الانتخابات التي نظمها قانون 1947، إلا أنها ناصبته العداء كونه كان يمهد إلى الاندماج التدريجي، وطالبت بعدم تطبيقه. ومع ذلك فقد شارك كل من الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري و حركة الانتصار للحريات الديمقراطية في الانتخابات ونال الأول ثمانية مقاعد والثاني أربعة. وتدخلت الإدارة الاستعمارية وزيفت الانتخابات لصالح المعمرين
* مجاله في التطبيق : لم يطبق منه ما كان في صالح الشعب الجزائري فلم يفصل الدين الإسلامي ولم ترسم العربية ولم يلغى الحكم العسكري والبلديات المزدوجة ولم تفتح الوظائف وبالمقابل مكن المعمرين من الاستقلال بتسيير الجزائر وبالتالي تحكمهم أكثر في رقاب الجزائريين إلى جانب تزوير انتخابات مجلس الجزائر .
الحركة الوطنية قبل و أثناء دستور 1947
في إطار العفو الشامل، الذي قررته الإدارة الاستعمارية، تم الإفراج عن السيد فرحات عباس يوم 16/3/1946 وقد كانت الفترة التي قضاها بالسجن والتي دامت واحداً وأربعين أسبوعاً كافية ليعيد النظر في تجربة حركة أحباب البيان والحرية وليتوقف، ملياً، عند مقررات مؤتمره الأول والوحيد.
وإذا كان الاعتقال التعسفي قد ساهم في حد الانطلاقة الثورية لدى ذلك الزعيم الذي ارتبط اسمه ببيان الشعب الجزائري، فإنه، بالمقابل، قد رسخ قناعته بضرورة بعث الجمهورية الجزائرية المستقلة استقلالاً داخلياً في إطار الاتحاد الفرنسي. وبمجرد خروجه من السجن راح يكثف الاتصالات بالإطارات القريبة منه سياسياً يطرح أمامهم أفكاره الجديدة ويسترشدهم من أجل ضبط الخطوط العريضة لكيفية إنشاء حزب جديد ووضع برنامجه السياسي الذي يجب أن يكون قادراً على تعبئة جزء كبير من الطاقات الحية في أوساط المجموعتين الفرنسية والإسلامية على حد سواء. ولكي يعطي لنشاطه إطاراً قانونياً، رحل إلى فرنسا يطلب رأي ذائع الصيت Achille Mestre مدرس الحقوق بكليتي تولوز وباريس (1) حول موقف دستور الجمهورية الرابعة من إمكانية تحويل ولايات الجزائر إلى دولة تحتفظ فيها فرنسا بشؤون السيادة.
وعلى الرغم من قناعات الأستاذ أشيل اليمينية، فإنه اعترف، بعد فحص دقيق لنصوص الدستور الجديد، بعدم مخالفة الفكرة لروح النص. وكان ذلك أيضاً هو رأي السيد Charlier، أستاذ القانون العام بجامعة الجزائر(2).
هكذا، إذن، أخذ السيد فرحات عباس جميع الاحتياطات السياسية والفنية قبل أن يقوم بصياغة ذلك النداء الذي وجهه إلى الشبان المسلمين والفرنسيين بمناسبة عيد الطبقة الشغيلة في فاتح مايو سنة 1946 أي بعد خروجه من السجن بستة أسابيع فقط.
لقد كان النداء، في مقدمته، تدليلاً على براءة عباس وسعدان مما وقع في شهر مايو 1945 حيث أن الرجلين لم يطلعا على حقيقة ماحدث في شهر سبتمبر بعد أن قضيا كل ذلك الوقت في عزلة مطلقة. وتوسعا في المقدمة، قدم صاحب النداء لمحة سريعة وموجزة عن حياته السياسية التي يقول حولها: “إنه خصصها لتجسيد روح التعاون الفرنسي الإسلامي ولنشر الثقافة العصرية باعتبارها القاعدة الأساسية لذلك؛ ثم يؤكد عدم تمييزه بين المسلمين واليهود والمسيحيين لأن عقيدته السياسية كانت تأمره بذلك وتدعوه إلى النضال المتواصل في سبيل الوحدة ضمن الديمقراطية والأخوة في إطار العدالة.
إن هذه العقيدة السياسية نفسها التي ظلت تقود خطاه منذ ثلاثينات هذا القرن. ويرى أنه استطاع، بفضل صدقه في العمل وإخلاصه للمبادئ والمثل العليا، أن يحقق الكثير في مجال تقريب وجهات النظر وميادين الترقية الاجتماعية وتهدئة الخواطر وتوحيد معظم ذوي الإرادة الخيرة في البلاد، لكن الإدارة الاستعمارية بتآمرها مع الرجعية والامبريالية حالت دون تواصل المسعى واتخذت من مايو 1945 وسيلة لتوسيع الهوة بين المجموعتين الإسلامية والفرنسية، وذريعة للقضاء على حركة أحباب البيان والحرية التي أجمع قضاة التحقيق على أنها بالإضافة إلى كونها لم تنظم أية مظاهرة، قد اكتفت بالدعوة إلى الهدوء والانضباط في إطار الشرعية الجمهورية”(3).
ولئن كانت سياسة التوحيد قد انهارت ومعها جهود المصالحة الوطنية، ووقع حل حركة أحباب البيان والحرية، فإن روح البيان، يقول عباس، لم تمت وبفضلها اتضحت الرؤية وأصبحنا قادرين على التمييز بين ما كان عليه من حالة القبول الإمعي المعمي ومايجب أن نرقى إليه وصولاً إلى الوطن الجزائري الذي تتوفر فيه شروط المساواة والحرية للجميع(4).
والوصول إلى الوطن الجزائري يستلزم سياسة ترتكز على برنامج جعل في