اسباب الزحف العمراني على الاراضي الزراعية

أسباب الزحف العمراني على الأراضي الزراعية
الدكتور تيسير حامد ابو سنينه
باتت ظاهرة الزحف العمراني على الأراضي الزراعية تشكل تحديا لمعظم دول العالم ، وبخاصة الدول النامية والتي يتزايد عدد سكانها بمعدلات كبيرة ، وما يتبع ذلك من ضغط على الموارد وبخاصة الأراضي الزراعية المحيطة بالتجمعات السكانية . لذا كان لزاما على الدول ومن أجل الحد من ظاهرة الزحف العمراني على الأراضي الزراعية أن تبادر إلي التخطيط العلمي السليم ودراسة الظاهرة بجميع جوانبها للحد من آثارها السلبية على البيئة والأنظمة الحيوية المحيطة بالتجمعات السكانية .

إن تزايد حجم سكان المدن يؤدي إلى ارتفاع معدل الكثافة السكانية وبالتالي إلى امتداد النسيج العمراني الحضري بشكل عشوائي على حساب الأراضي الزراعية المجاورة والتي تتناقص يوما بعد يوم .

ويمكن إجمال أسباب الزحف العمراني على الأراضي الزراعية بالنقاط التالية :
1- النمو السكاني للمدن .
لقد بات في حكم المؤكد أن النمو السكاني السريع يشكل تحديا قويا يواجه العالم وبخاصة البلدان النامية ، والتي يتزايد سكانها بمعدلات كبيرة . ويرتبط بالنمو السكاني ظاهرة النمو المتسارع في حجوم المدن والقرى ، وينجم عن ازدياد السكان في الحيز المكاني امتداد الحيز الذي تقوم عليه التجمعات السكانية ، وكثيرا ما يتم الامتداد الأفقي على حساب الأراضي الزراعية . ( حسن عبد القادر ، 1989 ، ص 110) 0
وقد ازدادت ظاهرة التحضر أي تركز السكان بالمدن بشكل كبير حيث كان يسكن المدن في مطلع القرن العشرين أقل من 5 % من سكان العالم ارتفعت هذه النسبة إلى أكثر من نصف سكان العالم عام 2000 م . حيث بلغت نسبة سكان المدن 52 % ، وتشير الإحصائيات حاليا إلى أنه يوجد أكثر من 281 مدينة سكانها أكثر من مليون نسمة . ( كايد أبو صبحة ، 2003 ، ص 69 )
يمارس النمو السكاني ضغوطا متزايدة على الأراضي الزراعية القابلة للزراعة وقد زاد سكان الحضر في العالم من 750 مليون عام 1950 إلى 2.7 بليون بنهاية القرن ويتوقع أن يبلغ 5.1 بليون نسمة عام 2030 .
كذلك فان عدد سكان العالم في ازدياد مستمر فقد كان العدد عام 1960 حوالي 3049 مليون نسمة ، وارتفع عام 1980 إلى 4473 مليون وكان عام 2000 ، 6091 مليون ويتوقع أن يصل عدد سكان العالم عام 2050 إلى 9367 مليون نسمة . ( سهاونة وآخرون ، 2002 ، ص 185 ) .
ومن المعروف أن زيادة السكان تؤدي إلى زيادة الضغط على الموارد الطبيعية وبخاصة الأراضي الزراعية حيث نمت المدن بسرعة بعد عام 1950 ، وبخاصة في الدول النامية .
2- الهجرة من الريف إلى المدن .
حيث يساعد على إخلاء الريف من المزارعين وبالتالي تتدهور البيئة الريفية . وتحاط بعض مدن الدول النامية بمساكن عشوائية وأحياء فقيرة ومدن وأكواخ تنتشر على مناطق واسعة من الأراضي الزراعية حول المدن .
وتشير الإحصائيات لعام 2003 إلى أن عدد سكان المناطق العشوائية قد وصل إلى حوالي مليار نسمة وهذا الرقم يشكل 32 % من سكان العالم . وتشكل نسبة المساكن العشوائية بالدول النامية 43 % من مجموع السكان في المدن / ( وكالة الإسكان التابعة للأمم المتحدة 1/10/2003 )
وتعد مشكلة امتداد أراضي البناء والتحضر من أبرز العوامل التي تهدد الوسط البيئي والتي تزايدت بفعل الهجرة المتزايدة للسكان من الريف إلى المدن ، حيث أن زيادة السكان تؤدي إلى زيادة الطلب على الأراضي الزراعية في ضواحي المدن للانتفاع بها للأغراض المختلفة . كالسكن والخدمات وانتشار التجمعات الصناعية وغيرها . ( سامح غرايبة وفرحان ، 2000، ص 99 )
إن عملية هجرة سكان الريف إلى المدن تسببها العوامل الدافعة Push Factor التي تتمثل في تدني المستوى المعيشي للمزارع وارتفاع الكلفة الزراعية مما يدفع الكثير من المزارعين على ترك أراضيهم والسكن بالمدينة بحثا عن الرزق والعمل الأفضل .
في الأردن تشير الإحصائيات إلى أن المناطق الريفية المزروعة تشهد تراجعا في خصوبة الأرض بسبب تناقص عدد المزارعين عام 1980 من 10.4 % إلى 6.3 % عام 1989 م .
3- تقدم وسائل المواصلات والتوسع في الأنشطة التجارية والصناعية لسكان المدن مما يؤدي إلى الإخلال بالنظام البيئي للمناطق المحيطة بالمدن وبالتالي التهديد بتصحرها وزحف العمران عليها نتيجة شق طرق المواصلات واقامة المصانع والمنشآت على الأراضي الزراعية .
4- انعدام التخطيط وبخاصة افتقار المدن إلى المخططات الهيكلية والتي تأخذ بعين الاعتبار امتداد ونمو التجمعات العمرانية . يؤدي إلى وجود نمط من النمو الحضري وهو التوسع الأفقي العشوائي ، ومن هنا تكمن الخطورة حيث أن التوسع في كثير من الأحيان يكون على حساب الأراضي المنتجة وعلى حساب الأنظمة البيئية وتوازنها واستقرارها حيث يبتلع هذا الطراز من النمو الأراضي الخصبة وحسب تقارير الأمم المتحدة عام 1990 سوف يتضاعف حجم المناطق الحضرية في البلدان النامية من 8 مليون هـ إلى أكثر من 17 مليون هـ في نهاية القرن الماضي . ( علياء بوران وأبو دية ، 1994 ، ص 226 )
وتؤدي خسارة الأرض الزراعية إلى مزيد من التدهور في النظام البيئي وبالتالي تخلق العديد من المشاكل للمدينة مثل الإمداد بالاغذية للمناطق الحضرية والتي تعتمد عادة على المزارع القريبة من المدن .
5- العوامل الاقتصادية والسلوكية
هناك سبب سلوكي يتعلق برغبة سكان المدن الكبرى بالسكن في مناطق الضواحي خارج حيز المدينة ، وكذلك وجود العامل الاقتصادي والمتمثل في ارتفاع أسعار الأراضي الزراعية المحيطة بالمدينة يشجع أصحابها على بيعها لأغراض السكن أو الصناعة .ونتيجة لذلك نلاحظ انتشار المساكن وسط الحقول والمزارع .
كذلك فان العامل المادي يغري أصحاب الأراضي الزراعية الواقعة في ظل المدينة على بيع أراضيهم لاستغلالها في أغراض غير زراعية .كذلك العامل النوعي الذي يشجع أصحاب الأراضي الزراعية على التخلص منها بالبيع فقد تكون من الصنف الثالث أو الرابع الذي لا يعطي دخلا كبيرا لصاحبها بالمقارنة مع الدخل الذي يحصل عليه لو انه باعها او استغلها لأغراض سكنية أو صناعية
وقد يسهم تأثير الامتداد العمراني على الأرض الزراعية إلى تلويث التربة والماء والهواء بسبب الملوثات المختلفة المصادر مما يغري أصحابها على بيعها
(حسن عبد القادر ،1989،ص110-111).
مراجع مختارة:

1- حسن عبد القادر صالح ، منصور حمدي أبو علي ، الأساس الجغرافي لمشكلة التصحر ، دار الشروق للنشر والتوزيع ، ط 1 ، عمان 1989 .

2- سامح غرايبة ويحيى فرحان ، المدخل إلى العلوم البيئية ، دار الشروق للنشر والتوزيع ، ط 1 ، عمان ، 2003 .
3- فوزي سهاونة وآخرون ، مدخل إلى الجغرافية ، دار وائل للنشر ، ط 1 ، عمان 2002 .
4- كايد أبو صبحة ، جغرافية المدن ، دار وائل للطباعة والنشر ، ط 1 ، عمان 2003 .