منتدى التربية و التعليم تلمسان
اهلا بالزائر الكريم يرجى التسجيل للافادة و الاستفادة
سجل لتتمكن من تصفح المنتدى
منتدى التربية و التعليم تلمسان
اهلا بالزائر الكريم يرجى التسجيل للافادة و الاستفادة
سجل لتتمكن من تصفح المنتدى
منتدى التربية و التعليم تلمسان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى التربية و التعليم تلمسان

لتحضير جيد للامتحانات و الاختبارات لجميع المستويات
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  العاب فلاشالعاب فلاش  
تعلم ادارة المنتدى انه تم فتح مؤسسة رياض باروتجي لبيع ادوات الحاسوب و الشبكة باسعار جد مناسبة على الرغبين في التواصل و تقديم اللطلبات ترك رسالة خاصة لمدير المنتدى
تعلم ادارة المنتدى انه تم فتح مؤسسة رياض باروتجي لبيع ادوات الحاسوب و الشبكة باسعار جد مناسبة على الرغبين في التواصل و تقديم اللطلبات ترك رسالة خاصة لمدير المنتدى
Awesome Hot Pink
Sharp Pointer
المواضيع الأخيرة
» حصرى تحويل رائع لirissat6800 hd الى جهاز AB CryptoBox 400HD وFerguson Ariva 102E-202E-52E HD
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالجمعة ديسمبر 06 2019, 00:54 من طرف saad sa

» أسطوانة الاعلام الآلي سنة أولى ثانوي علمي
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالجمعة أبريل 07 2017, 13:09 من طرف mhamedseray

» مذكرات تخرج في التاريخ
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالأحد يناير 08 2017, 23:30 من طرف hawarkmirza

» _ كــيفــيــة ادخــال شفرة الجزائر الارضية الجديدة على مختلف الاجهزة
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالسبت يناير 07 2017, 01:29 من طرف bobaker1992

» قرص خاص بالتدريس عن طريق المقاربة بالكفاءات
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالخميس نوفمبر 24 2016, 22:48 من طرف حسان عبدالله

» شروط و طلبات الاشراف للاعضاء
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالسبت سبتمبر 10 2016, 21:37 من طرف محمد عصام خليل

» فروض واختبارات لمادة العلوم الطبيعية ثانية ثانوي
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالجمعة فبراير 26 2016, 10:19 من طرف mhamedseray

» مواضيع مقترحة للسنة الخامسة ابتدائي لمادة دراسة النص
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالجمعة يناير 22 2016, 00:32 من طرف ouassila-2012

» قرص اللغة العربية
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالجمعة نوفمبر 27 2015, 13:57 من طرف بنت القالة

» القانون الأساسي لجمعية أولياء التلاميذ
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالأربعاء نوفمبر 25 2015, 13:40 من طرف belounis

» فروض واختبارات مقترحة في العلوم الطبيعية 4 متوسط
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالخميس نوفمبر 12 2015, 14:09 من طرف بدر الصافي

» مذكرة الانتقال من المخطط المحاسبي الوطني الى النظام المحاسبي المالي الجديد
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالأربعاء نوفمبر 11 2015, 00:29 من طرف rachid s

» كتاب رائع جدا فيزياء وكيمياء يشمل كل دروس 4 متوسط
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالسبت أغسطس 29 2015, 14:59 من طرف abbaz29

» لأساتذة الفيزياء...قرص شامل لكل ما تحتاجه لسنوات التعليم المتوسط الأربع
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالخميس أغسطس 27 2015, 01:49 من طرف abbaz29

» قرص في مادة الفيزياء حسب المنهاج
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالأربعاء أغسطس 26 2015, 20:02 من طرف mhamedseray

» قرص السبيل في العلوم الفيزيائية (دروس شاملة صوت و صورة)
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالسبت أغسطس 15 2015, 05:00 من طرف mhamedseray

» ملخص دروس الفيزياء في الفيزياء
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالأحد أغسطس 09 2015, 00:29 من طرف mhamedseray

» جميع دروس وتمارين محلولة فيزياء وكيمياء أولى ثانوي
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالسبت أغسطس 08 2015, 17:33 من طرف mhamedseray

» شاهد كيف تحصل ببساطة على "إنترنت مجاني" من القمر الأصطناعي؟
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالثلاثاء مايو 19 2015, 19:40 من طرف ocean

» قرص رائع في الفيزياء للسنة الرابعة
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالأحد مارس 22 2015, 22:06 من طرف sbaa

ساعة 258
عدد مساهماتك: 105
الملف البيانات الشخصية تفضيلات التوقيع الصورة الشخصية البيانات الأصدقاء و المنبوذين المواضيع المراقبة معلومات المفضلة الورقة الشخصية المواضيع والرسائل الرسائل الخاصة أفضل المواضيع لهذا اليوم مُساهماتك استعراض المواضيع التي لم يتم الرد عليها استعرض المواضيع الجديدة منذ آخر زيارة لي
سحابة الكلمات الدلالية
متصفح جهاز سريع تحويل
عدد مساهماتك: 105
الملف البيانات الشخصية تفضيلات التوقيع الصورة الشخصية البيانات الأصدقاء و المنبوذين المواضيع المراقبة معلومات المفضلة الورقة الشخصية المواضيع والرسائل الرسائل الخاصة أفضل المواضيع لهذا اليوم مُساهماتك استعراض المواضيع التي لم يتم الرد عليها استعرض المواضيع الجديدة منذ آخر زيارة لي
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم

اهلا بك يا
عدد مساهماتك 105 وننتظر المزيد

المواضيع الأكثر نشاطاً
الدولة العباسية
اكلات مغربية شهية
قرص خاص بالتدريس عن طريق المقاربة بالكفاءات
موسوعة الطب لتعميم الفائدة
Informatique
موسوعة الطب لتعميم الفائدة2
للتعليم الجامعي بحوث مذكرات مواقع هامة جدا
هل تعلم ’?
كلمة مدير المنتدى
اسطوانات تعليمية من الابتدائي الى الثانوي - موقع مهم -
pirate
United Kingdom Pointer

 

 طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
óŤĦmÂŅĕ ρśŸĈØÃ
مراقب عام
óŤĦmÂŅĕ ρśŸĈØÃ


مزاجي *: : عادي
الجنسيه *: : جزائر
عدد المساهمات : 2273
تاريخ التسجيل : 10/10/2010
العمر : 28

طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Empty
مُساهمةموضوع: طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره   طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره Emptyالخميس نوفمبر 25 2010, 13:33

طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره
أ.د. جهاد محمد قربة


لايمكن أن نتعَّرف على طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره، إلا عن طريق استعراضالتاريخ الجغرافي، كقصة من قصص التطور العلمي. وخير المناهج التي اتبعتالطريقة التاريخية في فهم الجغرافيا هو منهج الجغرافي الألماني الفرد هتنز Alfred Hettner ، الذي يعد بحق أما الفلسفة الجغرافية والمنهج الجغرافي.
يرجع الاهتمام بالمعلومات الجغرافية إلى عصور قديمة جداً، ويمكن أن نعثر على شذرات منها في "الإلياذة والأوديسة" التي كتبها الشاعر اليوناني الشهير هومروس،في القرن التاسع قبل الميلاد، يصف فيها طبيعة البلاد التي مرّ بهااليونان، وأحوال سكانها ونظم الحياة فيها. وكذلك قصة " الفرسان العرب "التي ورد فيها وصف شيقّ لسبع رحلات قام بها التجار العرب إلى موانئ المحيطالهندي، وكان السندباد البحري هو أحد هؤلاء الفرسان(1).
هذهالقصص وأمثالها كانت الطابع المميز للكتابات الأولى، التي ظهرت عن المناطقالتي شاهدها الرحّالة الأوائل، وكان من الصعب الفصل فيها بين الحقيقةوالخيال، إذ كان الخلط فيهما أمراً واضحاً. ولكن مع مرور الزمن وكثرةالرحلات وزيادة المعرفة، بدأت كثير من الخرافات والمعتقدات الخاطئة يندثرويحل محلها الحقائق العلمية المبنية على الملاحظة الدقيقة.
فالتفكيرالجغرافي إذن قديم قدم الإنسانية ذاتها، والمجهودات التي قام بها المفكرونمن أجل تفهم الظاهرات الكونية المحيطة بهم، وتفهم مركز الإنسان بين هذهالظاهرات، تعتبر المنشأ الأول للجغرافيا. ويبدو أن سكان الحوض الشرقيللبحر المتوسط، كانوا من أوائل الذين أسهموا في نمو المعرفة الجغرافية؛ إذنشأت في هذه المنطقة أقدم الحضارات التي عرفتها الإنسانية(2).
حقيقةأنه نشأ في الصين والهند بعض الحضارات القديمة التي عاصرت الحضاراتالموجودة في المنطقة العربية، غير أن طبيعة الموقع الجغرافي لهذه الحضاراتلم يسمح لها بالنمو والتطور، بالدرجة التي تطورت بها حضارات الحوض الشرقيللبحر المتوسط؛ فالعزلة والتطرف كانا السببين الرئيسين في تخلف تلكالحضارات عن مثيلاتها التي قامت في وادي النيل وما بين النهرين، تلكالحضارات التي استغلت توسط موقعها الجغرافي في العالم، فازدهرت عن طريقالاتصال التجاري والاحتكاك الثقافي (1).
لقدكانت الجغرافيا في بداياتها الأولى، تتخذ من الكون ميداناً لها، وكانتظواهر هذا الكون، تشكل آنذاك المحتوى الموضوعي والإطار العام للفكرالجغرافي. ولما استقل علم الفلك بميدانه، الذي يشمل ظواهر الفضاء الخارجيللأرض، أصبح لزاماً على الجغرافيا أن تقصر دراساتها على الأرض ميداناًلها، وتتخذ من ظاهرات الأرض المختلفة موضوعاً لدراستها، أي أن لجفرافياكانت علم الأرض كل الأرض .
وهناكفرق بين المعلومات الجغرافية وعلم الجغرافيا؛ فالمعلومات الجغرافية معروفةمنذ بداية الحياة الإنسانية، إذ أن الإنسان كان لابد أن يتعرف على بيئتهوعن مواطن الرزق فيها. أما علم الجغرافيا فهو يعنى بجمع هذه المعلوماتالجغرافية وعرضها وتحليلها وتفسيرها وفق منهجية علمية محددة. وقد انتظرالعالم قروناً عديدة قبل الوصول إلى هذا المستوى من المعرفة العلمية، وكانمن الطبيعي أن يبدأ ذلك في بلاد الإغريق فإليهم يرجع الفضل في تسمية هذاالعلم، وفي إرساء قواعده وأسسه، وهم الذين صاغوا كثيراً من الفرضياتوالنظريات عن الكون ونشأته، والأرض وسطحها وأبعادها وحركاتها، وما تحويهمن مظاهر طبيعية وبشرية .


الجغرافيا الاغريقية:
وفعلاًفقد تمت المعلومات الجغرافية وتطورت في عهد الإغريق، فقد قال أرسطو(384-322 ق.م ) بكروية الأرض، وبرهن على كرويتها بدليل أن ظلها على القمرالناتج من الخسوف يتخذ الشكل المستدير(2).وعرف هيكاتيوس (500 ق.م ) يومئذ بأنه أبو الجغرافية، إذ يمثل كتابه" دورانالأرض " أول محاولة لوصف العالم المعروف آنذاك وصفاً منظماً. لما كاناسترابون أشهر الجغرافيين القدماء (58 ق.م - 25م ) إذ قام برحلات متعددة ،ضمن نتائجها في سبعة عشر مجلداً، ووصف المناطق التي زارها على أنها أقاليممختلفة لكل منها شخصية متميزة، وعلى هذا فقد عرف الجغرافيا وعرفها بأنهادراسة للأقاليم المختلفة " .


مدرسة الإسكندرية :
انتقلالمركز الثقافي العالمي في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الثالث قبلالميلاد، من أثنيا إلى الإسكندرية، حيث تأسست وازدهرت في عهد الأسرةالبطلمية مدرسة تضم عدداً من الجغرافيين الكبار، نذكر منهم ايراتوستين( 276-194 ق.م ) الذي يعتبر إمام الجغرافيين في العالم القديم، وقد أثبتكروية الأرض بالبراهين الرياضية، كما حسب حجم الأرض وأبعادها بمقاييسدقيقة، وحسب خطوط الطول والعرض لأماكن عديدة، والتي بني على أساسها تقسيمالعالم إلى أقاليم جغرافية، ابتداءً من خط الاستواء وانتهاءً بالقطب،وكذلك هيبارخوس (160 ق.م ) وبطليموس ( القرن القاني قبل الميلاد).
وقد تطورت الجغرافيا الرياضية على يد اراتوستين (*) ، الذي كان رئيساً للمكتبة الملكية في الإسكندرية، وكان مؤلفه " الجغرافيا " يضم ثلاثة كتب خصص الأول لمناقشة الجانب الطبيعي في الجغرافيا، والثاني للجغرافيا الرياضية، والثالث للجغرافيا الوصفية.
ويمكنالقول بأن الدراسات الجغرافية في مدرسة الإسكندرية بلغت أوجها على يدبطليموس، الذي استطاع أن ينظم المعلومات الجغرافية وينسقها ويصنفها، حتىأصبح كتابه " الجغرافية " ، أهم مرجع للجغرافيا في عصره وللجغرافيين الذين جاءوا من بعده(1). (2)
أماالرومان فلم يعنوا بالجغرافيا العناية الكافية في بداية عهدهم، إلا عندمااتسعت أملاكهم، واستولىعلى بلاد اليونان، فبهرتهم علومهم، فاقتبسوا منهاالشيء الكثير. وكان يوليوس قيصر أحد أبرز القادة الرومان، الذين كانوايقومون بتدوين الملاحظات الجغرافية عن الأقطار التي يقوم بغزوها. وهناكاسماء جغرافية يمكن الإشارة إليها بصورة عابرة نذكر منها ميلا Mela وسينيكا Seneca وبليني Bliny .
ومنذالقرن الثالث للميلاد، بدأ الفكر الجغرافي الإغريقي - الرومانيبالاضمحلال، وذلك على الرغم من بعض المحاولات المتواضعة التي قام بها بعضالكتاب في القرنين الرابع والخامس للميلاد. والواقع، إن تحول الدولةالرومانية إلى الديانة المسيحية ( عام 324 بعد الميلاد ) ، قد أدى إلىسيطرة الكنيسة على الفكر سيطرة مطلقة، وأصبح رجال الدين هم القيمون علىالثقافة، كما غدت الكنيسة هي المؤسسة الثقافية الوحيدة في الدولة، وأصبحتتعاليمها وحدها هي السائدة، ومن ثم فقد حرمت الكتب القديمة، بما فيها منمعلومات عن الأرض والكون والبشر، باعتبارها مناقضة لما جاء في الكتابالمقدس(1).
وظلالأمر على هذا الحال حتى ظهور الإسلام، في مطلع القرن السابع للميلاد، حينقام العرب بحمل مشعل الجغرافيا، التي اضمحل شأنها في العصور الوسطى،وتدهورت فيها حضارة أوروبا، فكان لهم الفضل في إحيائها. وحفظ ما تبقى منتراثها.
والواقع،إنه قبل القرن التاسع، لم تكن هنالك مؤلفات جغرافية قائمة بذاتها، إنماتقابلنا من وقت لآخر معلومات جغرافية متناثرة، حفظها لنا التراث الأدبيفيما بعد، أو تردد صداها في الرحلات الجغرافية. ولكن لابد من التأكيد بأنتلك المؤلفات ليست من الجغرافيا في شيء، وإنما هي مجرد إرهاصات جغرافية(2).
ويمكنالقول بأن الكتابات الجغرافية العربية قد مرت خلال تطورها بمراحل عديدة؛فقد ظهرت أولاً المؤلفات الجغرافية التي عنى بكتابتها علماء اللغة، يدفعهمإلى ذلك الاهتمام بجزيرة العرب واللغة العربية، ومن أمثلة ذلك تلكالمؤلفات المبكرة، نذكر منها : كتاب البلدان الكبير وكتاب البلدان الصغير لهشام بين الكلبى وكتاب الأمصار والبلدان للجاحظ .
ولكنبذرة الحركة الجغرافية العربية ترقد في الواقع في أعمال بطليموس، ففيالقرن التاسع ترجمت جغرافيته عدة مرات إلى العربية. كما كان كتابه هذانموذجاً لكتاب " صورة الأرض " للخوارزمي، و "صورة الأرض" أيضاً للبتاني.بيد أن أهمية بطلموس تضاءلت بعد ذلك، وتعرض لكثير من النقد والتقبيحوالتعديل، وأخذت الجغرافيا العربية تستقل عن نفوذ المدرسة الإغريقية ،وتبدأ في إنشاء مدرسة عربية مستقلة.
وهكذا،بدأت الجغرافيا العربية بالنقل والترجمة، ولكنها لم تلبث أن استقلت وحققتأصالتها، ثم أخذت في التراجع والانحدار كغيرها. وعلى هذا فقد مرتالجغرافيا العربية بدورين هما :
دور النشأة : وهو يرتبط بظهور الإسلام، ويمثل بداية عصر نهضة جغرافية، يمكن أن نرجعها إلى أسباب عديدة، أهمها: الفتح والحج والتعاليم الإسلامية .
لقدأدى الفتح واتساع رقعة الخلافة الإسلامية إلى ظهور مهام جديدة، استلزمتبدورها جمع معلومات دقيقة عن التقسيمات الإدارية والمناطق المأهولةوالمحاصيل الزراعية والمنتجات الصناعية وتقدير الخراج والضرائب العينيةوالنقدية. وتطلبت المركزية في النظام الإداري، الذي تجمعت خيوطه في بغداد،شق طرق جديدة للمواصلات، واستيفاء معلومات دقيقة عن تلك الطرق والبلاد، معتعداد المراحل ومنازل البريد وظروف السفر وتحديد المسافات. ولذلك فقد كانتفاتحة هذا النمط من التأليف الجغرافي تتمثل في كتب" المسالك والممالك " لابن خردازبة، وكتاب " الخراج " لقدامة بن جعفر وكلا هذين الكتابين، ولاسيما الأول منهما، يعنى عناية فائقة بطرق المواصلات وأطوالها وحالة الأمن فيها .
وكذلككان الحج مدرسة عملية في الرحلة والكشوف الجغرافية، تجمع تلاميذها من جميعالأقطار الإسلامية، فالحج مدخل طبيعي إلى الجغرافيا، ويكفي أن نذكر أن ابنبطوطة مثلاً بدأ حاجاً وانتهى رحالة جغرافياً. والواقع ، أن كلاً من الفتحوالحج جعل الفترة الإسلامية بحق فترة الكشوف الجغرافية الأولى أو البريةالتي سبقت الكشوف الجغرافية البحرية المعروفة .
والتعاليم الإسلامية تدعو بوضوح إلى الحركة الجغرافية" قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق"(1).وفعلاً فقد أصبح الارتحال في طلب العلم منذ القرن الأول للهجرة أشبهبالضرورة اللازمة لتكملة "دور الدراسة" ففي طلب العلم رحل الناس منالأندلس الى بخارى ومن بغداد الى قرطبة . أما "دور الأصالة" فهو يمتد منالقرن التاسع إلى القرن الثاني عشر، وهو الدور الذي بلغت فيه المدرسةالجغرافية العربية أوجها، وذلك بظهور المدرسة الكلاسيكية للجغرافيينالعرب، بما تميزت به من اهتمامها بوصف" المسالك والممالك" وصلتها الوثيقة" بأطلس الإسلام "، الذي يمثل القمة الفنية في رسم المصورات الجغرافية عندالعرب .
وهكذا،فقد خطيت المدرسة الجغرافية العربية باهتمام بالغ، بسبب تنوع مادتهاوغناها؛ فهي تارة علمية وتارة شعبية، وهي طوراً واقعية وأسطورية علىالسواء. تكمن فيها المتعة، كما تكمن فيها الفائدة ولذا فهي تقدم لنا مادةدسمة متعددة الجوانب، لا يوجد مثيل لها في مدرسة أي أمة معاصرة للعرب.
وقدترك لنا الجغرافيون العرب وصفاً مفصلاً لجميع البلدان التي عرفوها، منإسبانياً غرباً إلى تركستان ومصب السند شرقاً، مع وصف دقيق لجميع الأماكنالمعمورة واللامعمورة... إلخ. وظهرت كتب كثرة تصف البلاد المعروفة، ربماكان أقدمها كتاب " المسالك والممالك " الذي كتبه ابن خردازنة ( 846م)وتلاه كثير من الكتب أشهرها " البلدان " لابن واضح اليعقوبي ، " والأعلاق النفيسة " لابن رسته،و "مسالك الممالك" للإصطخرى، و " صورة الأرض " لابن حوقل، و " نزهةالمشتاق في اختراق الآفاق " للإدريسي، و " أحسن التقاسيم في معرفةالأقاليم " للمقدسي، و " معجم البلدان " لياقوت الحموي، " و "تقويمالبلدان" لأبي الفداء أمير حماه .
وأدرك العرب أهمية الخريطة، فوضع البلخي أول أطلس عربي، ورسم المقدسي خرائط لكل قسم من الأقسام الأربعة عشر، التي قسم إليها العالم الإسلامي، واستخدم الألوان للتمييز بين المظاهر الجغرافية المختلفة. وصنع الإدريسي كرة أرضية من الفضة، بين عليها الأقاليم المناخية السبعة، ووضع خريطة متصلة للعالم المعروف في زمنه(1).
وفيالمؤلفات الأجنبية شهادات اعتراف وتقدير لما حققه الجغرافيون المسلمون منإنجاز كبير، نذكر منها دائرة المعارف الفرنسية التي تقول : بأن الشريفالإدريسي يعتبر أعظم وثيقة علمية جغرافية في القرون الوسطى" . ويؤكدأندريه ميكيل " إن المقدسي مؤسس الجغرافيا البشرية "(2).كما وصف اشبرنجر " بأنه أكبر جغرافي عرفته البشرية قاطبة" ، وهذا بالإضافةإلى الأصالة التي كانت موضع إعجاب وتقدير ثلاثة من كبار جغرافي الولاياتالمتحدة، في مؤلفهم الشهير " نظم الجغرافيا الاقتصادية، الذي أكدوا فيه أننظرية المكان المركزي وفكرة التدرج الهرمي الإقليمي والحضري، ليستاجديدتين على الفكر الجغرافي العربي، إنما ترجعان في أصولهم إلى المقدسي(3).ويجمل غوستاف لوبون" هذه الشهادات بقوله : " كتب العرب في علم الجغرافيامهمة للغاية ، وقد كان بعضها أساساً لدراسة هذا العلم في أوروبا قروناًكثيرة " .
دور الانحدار :وفيه ينتهي الطور الخلاق في الجغرافيا العربية، والذي أصابه العقم بعدذلك، فلم ينتج أي صور جديدة هامة، بل اكتفى بتقليد الأنماط السابقة، فيماعدا بعض التعديلات القليلة. وبرغم هذا فإنه لم يتضاءل من حيث الكم حتى فيعهد السيادة العثمانية على الدول العربية .
وفيهذا الدور، مازال الارتباط بين الفلك والجغرافيا تقليدياً، وكان تفوقالعرب في الفلك تفرقاً رائعاً، بل أصبح المجال الوحيد للأصالة والتجديد؛فقد ظهر فيه فلكيون متميزون، من أمثال الزركلي صاحب " جدول طليطلة،والمراكشي وأبن الهيثم وغيرهم كثير .
وإذا كان تأليف المعاجم الجغرافيةيرجع في بداياته إلى القرن العاشر، على أيدي اللغويين ، فإن هذا النمط منالتأليف قد قل شأنه في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، ثم عاد للظهورثانية في القرن الثالث عشر، موذناً بفاتحة عهد جديد لازدهار هذا اللونالفني من الأدب الجغرافي العربي، وذلك من خلال عدد من المصنفات الهامة،نذكر منها ما كتبه الزمخشري والإسكندري والحازمي. ولكنها بلغت أوجها فيالقرن الرابع عشر، على يد ياقوت الحموي في مؤلفه الشهير " معجم البلدان "، الذي احتل ، عن جدارة ، الذروة في مجال فن المعاجم الجغرافية. ومنالجدير بالذكر، أن أول معجم جغرافي ظهر في أوروبا، هو معجم اورتليOrtelius في القرن السادس عشر، وهذا يعني أن المكتبة العربية قد زخرت بعدةمعاجم جغرافية قبل أن تعرف أوروبا المعاجم بقرون عديدة(1).
ومنذالقرن الخامس عشر بدأت شمس الجغرافيا العربية بالأفول، ولم تظهر خلال ذلكالقرن باللغة العربية سوى مصنفات تنتمي إلى النمط الذي يمكن تسميته"بالجغرافيا الملاحية " أو " الجغرافيا البحرية "، والتي كان من أبرزكتابها ابن ماجد في كتابه المعروف " الفوائد في أصول علم البحر والقواعد "، وسليمان المهري الذي عرف بكتابه " العمدة المهدية " الذي يعتبر من أهمالكتب الملاحية(2).
تاريخ الجغرافيا الحديثة :
يبدأتاريخ الجغرافيا الحديثة في القرن السابع عشر بداية غامضة، ويمكن اعتباركتاب قارنيوس Karnius الذي صدر في منتصف القرن السابع عشر بعنوان "الجغرافية العامة " ، علامة مضيئة في تاريخ الفكر الجغرافي الأوروبي، كماأن بعض الجغرافيين يعتبرونه المؤسس الحقيقي للعلم الجغرافي؛ فقد أطلق علىدراسة الظاهرات الطبيعية والبشرية دراسة عامة اسم " الجغرافية العامة "والدراسة الإقليمية لأجزاء مختلفة من سطح الأرض اسم " الجغرافية الخاصة "(3).وبرغم أن العمر لم يمتد بفارنيوس ليفصل ما أجمل، فإنه قد وضع بهذا المفهومالجديد قواعد الدراسة الجغرافية السليمة لأول ثنائية تقليدية فيالجغرافيا، وهي الأصولية ( أو العامة ) والإقليمية ( أو الخاصة )(4).
وقدساعدت الكشوف الجغرافية الكبيرة على تقدم الدراسات الجغرافية، تلك الكشوفالتي بدأت منذ منتصف القرن الخامس عشر حتى أواخر القرن التاسع عشر، وكانهم المشتغلين بالجغرافيا، أثناء تلك الفترة، تصحيح معلوماتهم عن سطحالأرض، بحيث تصبح وافية ومطابقة لأحدث المستكشفات في ذلك الزمن. ومع ذلك،يجب أن لا نقلل من أهمية تلك القرون الخطيرة في تاريخ الجغرافيا، التيجمعت فيها الحقائق والمعلومات عن سطح الأرض، إذ كانت الأساس الذي لابد منهللنهوض بالجغرافيا، وكان من المستحيل أن تنشأ الجغرافيا الحديثة لو لمتستند إلى معلومات صحيحة عن الأرض وطبيعتها وسكانها ونباتها وحيوانها ...الخ .
وعموماً، يمكن أن نحدد مراحل الجغرافيا الحديثة وتطورها على النحو التالي :
1 - الفترة السابقة للكلاسيكية من 1750 - 1800 م.
2 - الفترة الكلاسيكيـــة من 1800- 1859 م.
3 - الفترة ما بعد الكلاسيكية من 1859 - 1904 م.
4 - الفترة المعاصـــرة من 1904 - 1980 م.
5 – فترة العولمة من 1980 – حتى الآن .
1 - الفترة السابقة للكلاسيكية :
تستمدهذه الفترة أهميتها من اعتبارها نواة لجميع الأفكار والمذاهب المعاصرة؛فقبل هذه الفترة كانت الجغرافيا " نفعية " ، أي أنها كانت وسيلة أكثر منهاغاية، فقد كانت بمثابة سندريلا التاريخ " أي تخدمه بالتقديم والتفسيرعنطريق وصف أو بيان الخصائص الجغرافية لمواقع الأحداث التاريخية. كما كانتتدرس لفائدتها في أمور الحكم والإدارة ، وأخيراً كمتعة عقلية ومادة للحديثفي المجتمعات الراقية(1).
ونتيجةلاتساع المعرفة في القرن الثامن عشر، وظهور عدد كبير من العلوم الطبيعيةالتي تعنى بدراسة ظواهر الأرض المختلفة، فقد ظهر رد فعل عنيف يستهدفاستقلال الجغرافيا، يتمثل في صورة حركة " الجغرافيا البحتة " ، التي لاتريد خدمة أغراض علوم أخرى، مما ترتب على ذلك ضيق نطاق علم الجغرافياوتحديد مجالاتها . وكانت الخطوة الأولى نحو الجغرافيا البحتة هي البحث عنالحدود الطبيعية، لا السياسية المتبدلة، كما ساد البحث عن الحدود الرطبة (الأنهار ) والحدود الجافة في وقت من الأوقات، ويقصد بها خطوط تقسيم المياه.
ومن أبرز الذين أسهموا في تحديد معالم تلك الفترة كانت Kant(1724-1804م)، الذي انصب اهتمامه على الجغرافيا الطبيعية، وجعلت منهفيلسوفاً جغرافياً. لكن مفهوم الجغرافيا الطبيعية في نظره يختلف عما نعرفهاليوم، فلم يكن يقصد بها الشق المقابل للجغرافيا البشرية، فمجال الجغرافياالطبيعية عنده هو العالم في حدود ما نحتك به. وبمعنى آخر، إن جغرافية "كانت " الطبيعية كانت تدور حول محور إنساني وهذا الاتجاه يتفق مع فلسفتهالمثالية، التي كانت تؤمن بتكامل الحقيقة الكونية .
وآل فورسترز The Forster'sأيضاً لعبوا دوراً هاماً في هذه الفترة، فقد قادهما احتكاكهما المباشر معالطبيعية، خلال رحلاتهما الواسعة، إلى إدراك العلاقة بين الإنسان والبيئية، وركزا اهتمامهما بشكل خاص على الجغرافيا الإقليمية، بينما انصرف " كانت" إلى حدٍ كبير إلى الجغرافيا الأصولية .
2 - الفترة الكلاسيكية :
لاشك في أن الجغرافيا الحديثة مدينة بوجودها إلى العالمين الألمانيين الشهيرين " الكسندر فون همبولت " (1769-1859م) و " كارل ريتر " ( 1779-1859 م). وبين كل من همبولت وريتر أوجه تشابه واختلاف، ولكن الحقيقة الهامة هي أنالتشابه أوسع بكثير من مسافة الخلف بينهما؛ فكل منهما كان نتاج عصره منالناحية الفلسفية ، فلم ير أحد منهما تعارضاً بين العلم والفلسفة في ظلالمثالية الرومانتيكية السائدة، واتخذ كل منهما وحدة العالم مثالية له،وهي " الوحدة في التنوع ". إلا أن همبولت لم يأخذ بغائية تلك الوحدة، كمافعل ريتر؛ أي أنه لم يخضع لغائية العصر التي ترى أن الأرض ككل لابد أن تكون هادفة مخططة، لتكون مشتلاً للإنسان ... الخ .
وإذاكان ريتر يمتاز على همبولت بفكرة الشخصية الإقليمية، التي لم يكن الأخيرإلا تابعاً له بها، فإن همبولت قد امتاز باستخدامه أسلوب المقارنة، الذيلم يكن ريتر إلا مديناً له به. وقد يكون اهتمام همبولت بالإنسان بالنسبةللطبيعة أقل من اهتمام ريتر، ولكنهما كانا متفقين على أن مثالية وحدةالعالم حيوية لوحدة الجغرافيا من الناحية العلمية، وضمان ضد أي ثنائيةزائفة بين الإنسان والبيئة .
3 - الفترة ما بعد الكلاسيكية :
يمكنتقسيم هذه الفترة إلى مراحل عدة ، تمثل سلسلة من ردود الفعل العكسيةالجدلية (الديالكتية) وقد يكون من الأنسب تحديد بداياتها دون نهاياتها،بسبب التداخل الزمني فيما بينها، واستمرار أغلب حركاتها إلى الوقت الحاضرمعدلة أو على حالها .
المرحلةالأولى ( من عام 1859 - ) : وهي المرحلة الحرجة في تطور الجغرافيا، لأنهاخط التقسيم لمنطقة الصراع بين طوالع المادية ورواجع المثالية؛ فالقواعدالتي أرساها ريتر وهمبولت لم تقدم ميداناً محدداً واضحاً مما ترك الفرصةلمن أتى بعدهما لن يتخذ موقفاً جزئياً ينادي بهذه الفكرة أو تلك من آرائهاأو مستنداً إليهما، ومن ثم تمتاز هذه المرحلة بظهور تيارات متعارضة ،وأهمها اثنان :
الأول :تيار امتدادي للفترة الكلاسيكية عامة وريتر خاصة، ويتميز هذا التياربتوجيه الاهتمام إلى الجغرافيا التاريخية، بصفة عامة، والجغرافيا البشريةمنها بصفة خاصة، كما كانت الذبذبة نحو الإقليمية وبعيداً عن الأصولية. ومنأهم تلاميذ ريتر في هذه المرحلة جيوت Guyot في أمريكا وركلوس Reclus في فرنسا(1).
الثاني :تيار علمي، يتفق مع روح العصر المادية، ذلك أن الاتجاه العلمي السائد فيالجزء الأخير من القرن التاسع عشر، لم يكن ملائماً للأفكار الفلسفية التيتميزت بها رومانسية الفترة الكلاسيكية.
المرحلة الثانية ( من عام 1870 - ) : وهي رد فعل ضد تاريخية ريتر، واتجاه نحو الجغرافيا الطبيعية وقد بدأ هذا الاتجاه على يد بيشل Peschelالذي يعد كتابه " مورفولوجيا الأشكال الأرضية " عام 1870م، ثورة كاملة فيالجغرافيا الطبيعية. فقد أدخل فيه الروح العلمية الجغرافية من جديد، وحطمإطار المثالية والغائية والوحدة القديم، وحول الاهتمام من الدراسةالإقليمية إلى الأصولية من جديد، ولهذا يعده بعض الجغرافيين، مع ريتروهمبولت، ثالوث أساتذة الجغرافية الحديثة. وقد سار على منوال بيشل فيالاهتمام بالمظاهر التضاريسية ثلاثة من أساطين الجغرافيا الطبيعية، وهم : ريختوفن Richthofen وبنك Penk وديفيز Davis .
وقد وصلت المبالغة في الجغرافيا الجيورفولوجية أقصاها على يد جيرلند Gerlandعام 1887م، حينما عرف الجغرافيا بعلم الأرض، لأسطح الأرض، واستبعد الإنسانمنها كلية، لتكون علماً حقيقياً بمعنى الكلمة، له قوانين ثابتة، وبهذاأصبحت الجغرافيا دراسة في علم طبيعة الأرض Geo-physics. وبرغم أن دعوةجيرلند لم تلق أي استجابة، إلا أنها تدل على مدى الانحراف الذي أصابالجغرافيا من جراء الاقتصار على الجيورفولوجيا .
والخلاصة،أن الحركة الجيورفولوجية التي بدأها بيشل تمخضت عن ظاهرتين، هما الاهتمامبالناحية الطبيعية وإهمال البشرية، والاهتمام بالدراسة الأصولية وإهمالالدراسة الإقليمية .
المرحلة الثالثة ( من عام 1882 - ) : وهي رد فعل عنيف ضد الحركة الجيورفولوجية، وإعادة الاهتمام بالإنسان. وقد بدأ ذلك على يد راتزل Ratzel الذي أراد أن يقيم جغرافية الإنسان على أسس علمية منهجية، متأثراً بذلك بما فعله ريتر في كتابه " دراسة الأرض " Erdkunde ، فنشر في عام 1882م كتابه المشهور Anthropo-geographie(2)، الذي يمثل ثورة كاملة في الجغرافيا البشرية، وفعل راتزل بكتابه هذا مافعله بيشل في المورفولوجيا. على أن راتزل يختلف عن ريتر في ناحيتين : فهوأولاً يعالج الجغرافيا البشرية أصولياً لا إقليمياً ( أي في العالم كله )،كما أنه يعالجها ثانياً من وجهة نظر داروينية ( تطورياً ) .
وقد خرجت تعاليم راتزل من ألمانيا لتنتشر في أمريكا على يد سميل Semple وهنتكتون Huntington الذي ألف مكتبة كاملة في دراسة حتمية تأثير البيئة على الإنسان والتاريخ والحضارة وحين ظهر باروز Barrows ، ودعا الجغرافيا " بالايكولوجيا البشرية " Haman ecology ، أصبحت الجغرافيا علم العلاقات بين البيئة الطبيعية والظاهرات البشرية .
وإذا كان هناك امتداداً واضحاً لراتزل وحتميته في فرنسا، تتمثل في آراء لوبلاي Leplay ودومولان Demolins وتورفيل Tourville ، فإن هناك اتجاه مضاد ظهر على يد دولابلاش De Lablache، وتابعه من بعده برون Brunhes وفالو Vallaux وغيرهم وهذه المدرسة الفرنسية تنكر خضوع الانسان للبيئة Determinism وتقول بالامكانية Possibilismولكن هذا التضاد بين الحتمية والإمكانية لا يعني خروج المدرسة الفرنسية عنمنهجية راتزل الايكولوجية، هذه المنهجية التي انضوى تحت لوائها في إنكلتراأساتذة من أمثال Fleure وروكسبي Roxby وفيرغريف Fairgrieve .
المرحلةالرابعة ( من عام 1877 - ) : إذا كانت الحركة الانثروبوجغرافية قد حدثتكرد فعل مضاد للحركة المورفولوجية، فقد جمع بينهما قاسم مشترك أصغر يتمثلبالدراسة الأصولية على حساب الإقليمية، وهذا مما أدى بدوره إلى قيام ردفعل مضاد يهدف إلى إعادة الأهمية للدراسة الإقليمية .
وبرغم أن هذا الاتجاه قد ظهرت بداياته قبل راتزل، إلا أن معالمه لم تتبلور إلا في عام 1877م على يد مارثه Marthe ، الذي عرف الجغرافيا بأنها " علم التوزيعات "، وأعاد استخدام كلمة كورولوجياالإغريقية، علماً بأن الفكرة الكورولوجية ( الإقليمية ) قد برزت إلىالمقدمة منذ عام 1833 م على يد ريختوفن، الذي أدرك أن الكورولوجيا ضروريةلكيان الجغرافيا الأصولية والإقليمية على حدٍ سواء .
4 - الفترة المعاصرة :
تمتاز الفترة المعاصرة بعدد من الخصائص المميزة ، وأهمها :
أولاً: أخذ احتكار المدرسة الألمانية المطلق للجغرافيا، منذ أوائل القرنالعشرين، يقل بظهور مدارس أخرى هامة في الولايات المتحدة وفرنسا وغيرهما.ولكن معظمها ظل في معزل عن المدرسة الألمانية بحكم الحاجز اللغوي، إلا فينقاط احتكاك محدودة، تتمثل في سمبل وديفيزDavis وساور Sauer وهارتسهورنHartshorn حديثاً(1)، وتشيزولم Chisholm وهربرتسون وديكنسون. وفي معظم هذه الحالات، لم تكنالعلاقة علاقة أخذ وعطاء، إنما كانت علاقة من طرف واحد،أخذ من المدرسةالألمانية، ولم تكن الجغرافيا في المدارس الجديدة سوى تكرار متأخرلابداعات المدرسة الألمانية .
ثانياً: اختفت في هذه الفترة فكرة وحدة الوجود وتكامل الحقيقة الكونية ( مثاليةكانتKant )، التي كانت سائدة في الفترتين الكلاسيكية وما قبل الكلاسيكية،وإن كانت تبرز في بعض الأحيان عند الايكولوجيين من أمثال راتزل ودولابلاش .
ثالثاً: استمرت كل من الحركتين المورفولوجية والأنثروبوغرافية في الظهور، فيالفترة المعاصرة، بنفس الدرجة التي كانت عليها في الفترة ما بعدالكلاسيكية .
رابعاً: الاهتمام الكبير بالدراسات الأصولية البشرية لاستكمال نقصها الواضحبالنسبة للدراسات الأصولية الطبيعية؛ إذ أنه على الرغم من اتجاه راتزل إلىالأصليات البشرية إلا أن الاتجاه السائد كان ايكولوجياً أكثر منه إقليمياً.
خامساً: أصبح الاهتمام بالدراسات المنهجية ظاهرة هامة في الفترة المعاصرة، فقدزاد الاقتناع بأن الجغرافيا كعلم تركيبي يعتمد في مادته على العلومالأصولية. ومن ثم يهمها تبريرها الفلسفي أكثر من موادها الأولية .
سادساً: أخذت الجغرافيا في الفترة المعاصرة تخضع لفلسفة العلم السائدة، وهي مذهبالذرائع المعروف بالبرغماتية والمبدأ الذي يوقن بالعلم في سبيل الحياةوالمجتمع لا من أجل العلم فحسب، وبذلك اتجهت الجغرافيا إلى الميدانالتطبيقي، وأصبحت تعنى بدراسات مشكلات المجتمع من حيث توزيعه وتنظيمهومرافقه وخدماته في الإطار الإقليمي، وتستهدف أنسب تقسيم إداري طبيعيللمجتمع في إقليمه. والمهم في هذا الاتجاه النفعي أنه ليس إلا عوداً علىبدء إذا كانت الجغرافيا توظف لأغراض نافعة أهمها الحكم والإدارة .
سابعاً: على أن أهم ملامح الفترة المعاصرة التي تمنحها شخصيتها، وتميز بينهاوبين الفترة ما بعد الكلاسيكية، هي سيادة واستقرار الفكرة الإقليميةاستقراراً نهائياً في صميم الجغرافيا؛ فطوال النصف الثاني من القرن التاسععشر، بدت الجغرافيا كما لو أنها كانت تتحول إلى مجال مختلف تماماً عماورثه وطوره ريتر وهمبولت، بتأثير العلوم الطبيعية المتخصصة، ولكن فلسفةريتر وهمبولت أخذت تعود إلى الجغرافيا على يد "مارته وريختوفن" في أواخرالفترة ما بعد الكلاسيكية بصورة محاولات محدودة، ولكنها لم تتبلور وتستقرإلا في الفترة المعاصرة .
ويمكناعتبار عام 1904 م خطاً للتقسيم بين المحاولات المحدودة التي انتهت بوفاةرختوفن وراتزل من ناحية، وظهور هربرتسون الذي وضع أقاليمه الطبيعية عام1904م من ناحية ثانية ، وكتاباته هتنر المنهجية في المحلة الجغرافية التيأنشأها عام 1905 م، وكرس حياته لحرب صليبية من أجل الإقليم والإقليميةمبرراً لوجود الجغرافيا، وأصر على سيادة الإقليمية في الأصولية أيضاً .
وقد ظهرت الفكرة الإقليمية في أقاليم كوبن Koppen المناخية وباسارجه Passarge النباتية. كما انتشرت خارج ألمانيا على يد هربرتسون وتشيزولم وديكنسون وماكندر Mackinder في إنكلترا، وساور وفينمان في أمريكا، وميتشوت Mitchott في بلجيكا، وغرانو Grono في هولندا، ومارنللي وأجاجا في إيطاليا، ودولابلاش في فرنسا .
والآن، وبعد استعراض الفترات الأربع للجغرافيا الحديثة، يمكن أن ننظر إلى تاريخالجغرافية الحديثة كلاً متكاملاً، لنتبين خطوطه الرئيسة ومنطق تطوره علىالنحو الآتي :
1- تاريخ الفكر الجغرافي سلسلة من الاهتمامات المختلفة، ففي الفترتينالسابقة لكلاسيكية والكلاسيكية لم يكن في الإمكان ظهور غير العموميات، أماالتخصص فلم يبدأ بصورة واضحة إلا في الفترة ما بعد الكلاسيكية، وتزايدباطراد في الفترة المعاصرة. وقد بدأ بالجغرافيا الأصولية أولاً قبلالإقليمية، وبدأ بالأصوليات الطبيعية أولاً" بيشل والبشرية ثانياً" راتزل" . أما الإٌقليمية فقد جاءت متأخرة عنهما إلى الفترة المعاصرة " هتنر "،ومن الواضح إن هذا التطور كان منطقياً وطبيعياً .
2- كان تطور الجغرافيا جدلياً ( ديالكتيا") وذلك من الناحيتين التصنيفيةوالسببية على السواء؛ فالمتغيرات التي مرت بها الجغرافيا الحديثة ترجع فيتطورها إلى سلسلة من ردود الفعل العكسية، التي كانت تحولها من النقيض إلىالنقيض .
فمنالناحية التصنيفية ، رأينا في الفترة ما بعد الكلاسيكية، أن الجغرافياالعلمية المورفولوجية "بيشل"، بدأت كرد فعل ضد تاريخية " ريتر " . ولكنالمبالغة في المورفولوجيا لم تلبث أن أدت بدورها إلى رد فعل مضاد نحوالإنسان : " راتزل " . بيد أن هذا الاهتمام بالأصوليات أدى إلى رد فعلمضاد للمرة الثالثة، وذلك في الاتجاه نحو الإقليمية " مارثة ويختوفن وهتنر" .
ومنالناحية السببية، فقد رأينا أن الحتم الجغرافي " راتزل " أدى إلى رد فعلعنيف اتخذ شكل الإمكانيات " دولابلاش " . ولكن يبدو أن كل هذه الأضدادوقتية عابرة، بل إنها في الواقع متكاملة أكثر منها متعارضة؛ فقد ذكر هتنرإن الأصولية والإقليمية وجهان لشيء واحد، كما بدأ يثبت الآن أن الحتميةواللاحتمية أمور نسبية، وقد تتعاصر ؛ أي توجد مع بعضها في آن واحد .
3- تطورت الجغرافيا كتطور النهر الفيزيوغرافي، من التوسع إلى التضييق، ومنالمركب إلى البسيط. فكما يبدأ النهر بعديد من الروافد والمجاري المائية،ثم يأخذ في تحديد مجرى أساسي له، فكذلك بدت الجغرافيا أحياناً كما لو أنهاتدرس كل ما تحت الشمس وكل ما على الأرض! .. ولكن هذا التوسع المفرط أخذيختزل نفسه ويتحدد ويختصر، ليقتصر على الفكرة الإقليمية ( الكورولوجية ) .وفي هذه العملية الاختزالية نبذت الجغرافيا كثيراً من العلوم ذات الصلةالتقليدية بها كالفلك والجيولوجيا وعلم الأنواء وعلم الاجتماع!!!! .
4- إن تاريخ الجغرافيا كله يتلخص في كونه " عود على بدء " ، فبعد رحلةطولية شاقة في ركاب تعريفات كثيرة مطاطة مثل علم الأرض وطبيعتها (جيرلند)والذي حل محله مفهوم سطح الأرض (ويختوفن وتطور عنه مفهوم اللاندسكيب(ساور)، ويقابله الاندشافت في الألمانية. وعلم التوزيعات ( مارثه ) الذيتطورت عنه مدرسة المواقع الأمريكية. وعلم العلاقات البيئية أو الإيكولوجياالبشرية (باورز )، الذي تطورت عنه فكرة النظم الايكولوجية Eeosystems (اكرمان وستودارت ).. وبعد صراع طويل مع العلوم الأخرى، عادت الجغرافياالمعاصرة إلى أصولها الإقليمية القديمة، والتي يرى الجغرافي الإنكليزيفيشر Fisher أن الفضل فيها " الفكرة الإقليمية" يرجع إلى العرب وحدهم.وإذا كانت بذور الإقليمية قد ظهرت عند أرسطو واسترابون، فإنها تبلورت علىيد العرب، وأصبحت شائعة في التقسيم الإداري، وبلغت أوجها في المركب الهرميالإقليمي والحضري في خطة المقدسي، الذي يمثل قمة التطور الجغرافي العربي "(1).


المراجع العربية
-أبو الخير ، يحيى بن محمد شيخ . " الأبعاد المفاهيمية للمنهجية العلمية فيالتراث" الكويت: المجلة العربية للعلوم الإنسانية. العدد التاسعوالأربعون، السنة الثالثة عشر ، خريف 1994م. ص ص 161 - 176 .
-أبو الخير، يحيى بن محمد شيخ. " إحتراف الجغرافيا بين الإئتلاف والإختلاف.. نظرة تحليلية.." الرياض الجمعية الجغرافية السعودية. النشر الجغرافية،السنة الثالثة، العدد الثاني، ذي القعدة 1414هـ - أبريل 1994م . ص ص 15 -18 .
-أبو الخير ، يحيى بن محمد شيخ ، " أنموذج للتوازن البيئي .. دراسة فيالجغرافيا التطبيقية .. " الدوحة: حولية كلية الإنسانيات الاجتماعية.العدد السادس عشر 1414هـ . ص 393 .
-أبو الخير ، يحيى بن محمد شيخ . " المنهجية في العلوم الإنسانية التطبيقيةفيما وراء النظرية العلمية .. التأصيل الإجرائي : النماذج .. " . الرياض :مجلة جامعة الملك سعود ، المجلد الخامس، الآداب،، 1413هـ - 1993م ، ص ص321 - 345 .
-أبو الخير ، يحيى بن محمد شيخ . " نحو نموذج موحد في الجغرافيا التطبيقية.. أنموذج مقترح.." الرياض : الجمعية الجغرافية السعودية. بحوث جغرافية ،العدد (22) ، 1416هـ - 1995م . ص ص 10 - 13 .
-أبو الخير ، يحيى بن محمد شيخ . " نظرية التغذية المرتجعية للأنظمةوالعمليات الجيومورفولوجية .. المفاهيم والمحددات الرياضية .. " . الكويت: الجمعية الجغرافية الكويتية. العدد (160) ، ربيع الأول 1414هـ .
-أبو الخير ، يحيى بن محمد شيخ . " النظرية والقانون في العلوم الإنسانيةالتطبيقية .. الدلائل والأبعاد .. " لندن : دار المريخ . مجلة العصور ،المجلد السابع ، الجزء الأول ، رجب 1412هـ - يناير 1992م . ص ص 127 - 147 .
-أبو الخير ، يحيى بن محمد شيخ . " واقع الأساليب الكمية في الأبحاثوالمؤلفات العربية الجغرافية الحديثة " الرياض : الجمعية الجغرافيةالسعودية. النشرة الجغرافية ، السنة الرابعة ، العدد الأول ، ذي القعدة1415هـ - أبريل 1995م . ص ص 10 - 13 .
- بولخماير، مختار ، " نظرية الطبيعيات الفلسفية عند إبن سيناء " بيروت : دار الحداثة . الطبعة الأولى.
-تالتش ، محمد بن أسعد نظامي . " منهجية المنهج : مدخل إلى تأصيل لمنهجالعلمي " الرياض : مجلة جامعة الملك سعود، المجلد السادس ، الآداب ،1414هـ - 1994م ، ص 385 - 425.
- خير ، صفوح . " البحث الجغرافي.. مناهجه وأساليبه .. " . الرياض " دار المريض للنشر . 1410هـ - 1990م .
- فيليب ، فرانك ( Philip Frank ) . ترجمة علي علي ناصر . بيروت : المؤسسة العربية للدراسات والنشر. الطبعة الأولى، 1983م .
- زيدان ، محمود فهمي. " من نظريات العلم المعاصر " بيروت : دار النهضة العربية ، 1982م، ص ص 13 - 42 .
-محمد علي ، ماهر عبد القادر . " فلسفة العلوم : المشكلات المعرفية " .بيروت : دار النهضة العربية للطباعة والنشر. الجزء الثاني. الطبعة الثانية.
( المطلوب : الجزء الأول من الكتاب والخاص بقضية الاستقراء والاستدلال عند كارل بوبر ).
-النحوي ، عدنان علي . " الأدب الإسلامي إنسانيته وعالميته " . دار النحويللطباعة والتوزيع. الطبعة الثانية، 1407هـ، ص ص 179 - 213. ( المذاهب التيأثرت على الفكر التنظيري).
-أبو الخير . واقع النظرية في الجغرافيا . الأنموذج الائتلافي رؤيا نقديةتحليلية ، السنة السابعة، العدد الأول محرم 1416هـ - مايو 1998م .
المراجع الأجنبية
- Haggett Peter & Chorley J. Richard. 1971. " Models in Geography” The Camelot Press Lid, London.
- Hanson. “Patterns of discovery ". Cambridge University .
- Clark, M. 1988, " Horizons in Physical Geography ". Mc Milan. Pp 46-59 & Pp. 369-378
- Gragery, D, " Horizons in Human Geography ", Mc Milan . Pp 9-14 & Pp. 29066.
[siz
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
طبيعة الفكر الجغرافي وتطوره
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الفكر الجغرافي عند الاغريق
» اتجاهات الفكر الجغرافي الحديث والمعاصر
»  كتاب الفكر الجغرافي والكشوف الجغرافية
» بحث التربية البيئية في الفكر والمنهج الجغرافي الرابط
» دور الأسلام في الفكر الجغرافي العربي للدكتور سعدون شلال

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التربية و التعليم تلمسان :: التربية التعليم :: التعليم المتوسط :: علوم إجتماعية-
انتقل الى: