مؤثرات التوزع الجغرافي للسكان

مؤثرات التوزع الجغرافي للسكان :

المؤثرات البشرية :

وهي أشد تأثيراً في التوزع الجغرافي للسكان من تأثير الضوابط الطبيعية حيث أن قوة تأثير هذه العوامل تزداد طرداً مع تقدم الانسان وتطور أنظمته و أساليب عمله و نمو أعداده .

عوامل توزع السكان :

هناك مجموعه من العوامل تلعب دورا في توزع السكان فتوزعهم لا يكون بشكل عشوائي وانما يعود لمجموعه من العوامل نسردها في هذا الموضوع

أولا العامل الديموغرافي:

تعد حركة الولادات و الوفيات مسؤولةً عن دفن الجماعات البشرية نحو اللامعمور أو نحو المناطق القليلة السكان أو عن حشدهم الكبير لمناطق محدده و تعد الهجرات مسؤولةً عن ترتيب أنماط متباينة لانتشار البشر و إعادة توزيعهم أحياناً .

ثانياً الحرف السائدة :

تندرج شدة ازدحام السكان صعوداً من الحرف البدائية نحو الحرف الأكثر رقياً .

1- الحرف البدائية :

وتتمثل بحرفة الجمع و الالتقاط و حرفة الزراعة البدائية في البيئات الاستوائية أو حرفة الصيد في البيئات الحارة و الباردة ، وحرفة الرعي في الصحارى و السافانا . و هنا فإن أية زيادةً سكانية تسبب ضغطاً كبيراً على موراد البيئة ، لذلك يلجأ البدائيون إلى وسائل ري مباشرة أو مقصوده للحفاظ على التوازن بين نمو سكانهم من جهة و إمكانات البيئة الطبيعية من جهة أخرى . و نتيجة لهذا التوازن تتراوح متوسطات الكثافة العامة بين 1 - 5 نسمة / كم مربع وهي دون ذلك في الصحارى و المناطق الباردة .

2- الزراعة :

و تكون الكثافة السكانية متدنية إذا كانت الزراعة بدائية و ترتفع الكثافة في المجتمعات الريفية فتتراوح ما بين 100-200 نسمة / كم مربع حيث أصبحت الزراعة هناك مستقرة و دائمة ، ويتمثل هذا النمط في غرب أفريقيا في حين تصل الكثافة في جنوب شرق أسيا و شرقها إلى أكثر من 1000 نسمة / كم مربع ، حيث زراعة الأرز باستخدام أسلوب الزراعة المتطوره فإن تأثيرها في الكثافة في البلدان المتطورة محدود و ذلك بسبب التقنية الحديثة هناك و التي تلعب دوراً أساسياً بديلاً يختصر من عدد الأأيدي العاملة اللازمة للزراعة ، وكلما تطورت التقنية عظم دورها في استثمار الثروات الطبيعية بما فيها تحسين أداء التربة و رفع الانتاجية الغذائية .
واذا كان دور الألة يسهم في تحقيق الوفرة الغذائية و بالتالي يساعد على زيادة السكان ، فإن هذا الدور قد حدث في عدة بلدان أوروبا عند بداية الانتقال الواسع نحو استخدام الألة ، لكن هذا الأثر يتغير بازدياد الكثافة من جهة و ازدياد الاعتماد على الألة من جهة أخرى . وعندئذٍ ترتفع معدلات تحول السكان إلى فعاليات إقتصادية أخرى غير زراعية مثال ذلك :
فالكثافة في شمال ووسط الولايات المتحدة تبلغ 10 نسمة / كم مربع حيث انتاج القمح وذلك بسبب المكننة لكنها تصل إلى 75 نسمة / كم مربع في مناطق انتاج القمح في اسبانيا حيث وسائل انتاجه أقل تقدماً مما هو في أمريكا .

3- الصناعة :

دور هام في تركز السكان في المدن الصناعية التي تضاعف سكاتها على حساب الريف ، وذلك منذ الثورة الصناعية وما قبلها في القديم كما هو في مدن دمشق و بغداد و الموصل التي تضاعف سكانها بسبب انتشار صناعة المنسوجات وصناعات أخرى ، اما في أوروبا وبعد الثورة الصناعيه وقد تطورت صناعة النسيج واستقطبت المراكز الصناعية السكان وبلغت كثافتهم 1000نسمة / كم مربع وذلك في النطاق الممتد بين لانكشير ببريطانيا إلى الروهر في ألأمانيا ومن سلسيزيا في ايطاليا إلى سانت ايتن في فرنسا و كلما زاد نطاق الاستثمار الصناعي نشأت مناطق جديدة نما عدد سكانها وتغيرت أنماط توزع البشر فيها بسرعة كمناطق البترول العربية لكن أنماط توزع البشر يتغير تبعاً لنوع الصناعة ، فالصناعات النسيجية و الهندسية الخفيفة التي تتمتع بالاستقرار تستقطب أعداد كبيرة من الأيدي العاملة ، في حين أن الصناعات التعليمية و الكيماوية تحتاج إلى أيدي عاملة و أعداد من السكان أقل . ويؤثر التقدم التقني في الصناعة ايضاً ويلعب دوراً مزدوجاً في التاثير على توزع السكان ، فاستخدام الوسائل الحديثة في الصناعة يختصر عدد من العاملين في حين يؤدي تقدم الصناعة إلى زيادة في السكان حيث تنمو المدن وتتطور بفعل بناء مصانع جديدة .

4- التجارة :

هناك بعض المراكز التي تخصصت تجارياً بتأثير من تطورها التاريخي و موقعها الجغرافي أو نتيجة للأوضاع السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية التي مرّت بها . وفي العديد من دول العالم نجد أن النشاط التجاري و الصناعي قد لعب دوراً مهماً في تكديس الثروات وتركز السكان كما هو الحال في بريطانيا و هونغ كونغ وامارات الخليج العربي و بيروت سابقاً .

ثالثاً : طرق المواصلات :

تلعب دوراً هاماً في حركة السكان و تركزهم في مناطق الجذب ونشوء مراكز جديدة ذات كثافة عالية . ولقد ساهم النقل البحري على ازدهار الموانئ ونموها . ونلاحظ على طول القنوات المائية والنهرية ، نمطاً معيناً من التوزيع الجغرافي للسكان ، حيث تقام المنشأت الصناعية و الخدمية قرب مجرى الأنهار و التي يتبعها زيادة في عدد السكان مكما هو الحال في نهر التايمز في انجلترا وطرق المواصلات ذات أهمية في إعادة توزيع السكان ، إذ نلاحظ إزدحاماً مميزأ للسكان على طول خطوط المواصلات الرئيسية و الفرعية ، كما هو الحال في البرازيل و الولايات المتحدة واستراليا حيث يتجمع السكان بمحاذاة خطوط السكك الحديدة .

المؤثرات التاريخية و الحضارية :

يعتبر عمر الاستيطان عاملاً هاماً في اعمار الأرض و انتشار الانسان على سطح الأرض ، إذ يسمح الاستيطان القديم بزيادة أكبر في أعداد السكان مثال ذلك الهند و الصين و أوروبا .
وتلعب سياسة الإسكان دوراً هاماً في توزيع الإسكان إذ أن تنظيم الهجره إلى الولايات المتحدة و أستراليا فيما بعد الحرب العالمية الأ,لى قد قلل من عدد السكان المتوقع أن تستقطبه تلك البلدان . وكذلك فإن سياسة الانجاب ذات أهمية كبيرة في نمط نمو السكان وزيادة انتشارهم أو قلتهك . ولتطور المدن و اشكالها أثرٌ أخر يتمثل في توزع السكان بين الحضر و الريف ، اذ تزداد كثافة السكان بتزايد عدد المدن ومدى اتساعها و أهميتها و اختلاف أشكالها و للصراعات السياسية بين البشر اثرٌ واضح في التوزع الجغرافي للسكان كإعمار المناطق الجبلية أو النائية أو تضائل ما كان منها مأهولاً بالسكان وخصوصاً في مناطق الحدود بين القوميات المتناحرة .

المؤثرات الطبيعية :

وتلعب دوراً هاماً في توزع السكان و أهم تلك المؤثرات :

1- العوامل المناخية :

تؤثر هذه العوامل مباشرةً في التوزيع الجغرافي للسكان فقد ساهمت البروده الشديده و الجفاف الشديد في جعل ما يقرب من نصف مساحة اليابسة شبه خالية من السكان من هذه العوامل :

الحرارة :

تعد الحرارة المنخفضة و الدائمة في بعض مناطق الأرض عاملاً منفراً للاستيطان البشري وتتوافق مع كثافات سكانية منخفضة اعتباراً من شمال خط عرض 60ْ شمالاً إذ لا يزيد عدد سكان تلك المناطق على 15 مليون نسمة يعيش معظمهم في الكتله الفنلندية الاسكندنافية التي تخضع لشروط مناخية أفضل في النصف الجنوبي لا يكاد يتعدى المعمور خط عرض 50 ْ جنوباً ، اذ تعيش جنوب النطاق في جزيرة النار في أمريكا الجنوبية بعض القبائل الهندية .
وللحرارة المرتفعة تأثير في توزع السكان واختلاف كثافاتهم ، إلا أن قدم سكن الانسان للمناطق ذات الحرارة المرتفعة و نمو و تعدد النباتات و المحاصيل الزراعية خفف من تأثير الحرارة المرتفعة الطارده للسكان .

الأمطار :

للأمطار أهمية عظيمة في حياة الانسان و النبات ، وكلما قل المطر تضاءلت فرص الزراعة وتجمع السكان باستثناء الواحات كما هو في الصحارى الشاسعه التي يندر سكانها ، بينما نجد أكثر المناطق مطراً ، أعظمها انتاجاً و أكثفها سكاناً كما هو الحال في مناطق زراعة الأرز في أسيا ، بينما تؤدي كثرة الأمطار و المياه إلى قلة السكان كما هو الحال في حوض الأمازون .

الرياح :

وتلعب دوراً في استقرار السكان في المناطق المعتدلة من العالم ، اضافة إلى تاثيرها في تساقط الأامطار وتوزعها ، اذ تلعب رياح الفوهن دوراً في نضج المحاصيل في ألأمانيا وكندا وهذا مايسهم في جذب السكان . وعلى النقيض من ذلك يكون للرياح دوراً منفراً للاستيطان كمناطق الزوابع و الأاعاصير المدمره .

2- العوامل التضريسية :

للمناطق المرتفعة ظروف قاسية يصعب العيش على من لم يتطيف مع سكن المرتفعات ، ويفترض الارتفاع حدوداً لا يستطيع أن يتعداها السكن البشري ، أما من تكيف على العيش في المرتفعات فهم قلة من سكان التبت ووديان جبال الهمالايا وسكان جبال الأنديز . ويقدر بيير جورج أن تسعة أعشار سكان العالم يعيشون فوق منسوب يقل ارتفاعه عن 400 م نظراً لتفضيلهم سكن الأرض السهلية كما هو الحال في الجهات الموسمية في جنوب شرق أسيا ، وفي سهول غرب و شمال غرب أوروبا و شرق أمريكا الشمالية وغيرها . ومع ذلك توجد أراضي سهلية كحوض الكونغو قليلة السكان .

3- التربة و التكوين الجيولوجي :

للتربة أثر فعال في اجتذاب السكان ، اذ يتفق توزيع التربة الصحراوية و الجبلية و التندرا مع حدود الأقاليم اللا معمورة أو قليلة السكان و تنخفض الكثافة السكانية في مناطق تربة البودزول في كندا و روسيا وكذلك في مناطق تربة اللاتريت باستثناء الجزر البركانية أو الفيضية التي تتخللها حيث يزداد عدد سكانها وترتفع كثافتهم كما هو الحال في السهل الصيني الشمالي و جزيرة جاوه الاندونيسية .

4- الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة :

برز هذا العامل منذ قيام الثورة الصناعية التي ترافقت مع التطور التقني و الاجتماعي و يتناسب تأثير هذه العوامل في اجتذاب السكان طرداً مع أهمية الثروات المعدنية و مصادر الطاقة في الكم و النوع . غير أنها عموماً محدودة الأهمية كعوامل قائمة بذاتها إذ أن الثروات المعدنية لا تؤدي عادة إلى ازدحام السكان في مساحات واسعة إلا في حالة تدخل مؤثرات أخرى .
فعندما تجتذب الموارد المعدنية الصناعة تجتذب الأخيرة بدورها الأيدي العاملة و السكان مثال ذلك الفحم الذي عمل على اجتذاب صناعة الحديد و الصلب . وكذلك البترول إلا أن دوره أقل أهمية من الفحم بسبب سهولة نقله وكون مناطق اكتشافه قليلة السكان و أقل صلاحية للعمران البشري . كما أن نوع المعدن أو الطاقة له دور في اجتذاب السكان وتركزهم أو قلتهم .

في الختام

أتمنى لكم الاستفادة

» السكان,التوزع
» برنامج تصميم وتعديل الصور StudioLine Photo Classic Plus v3.70.18. مع مؤثرات هائلة (موضوع متعدد الصفحات 1 2)
» العامل الجغرافي:
» الوسط الجغرافي
» الفكر الجغرافي عند الاغريق