معركة المنصورة ، معركة المنصورة الجوية 2

أما في الجانب المصري فقد وقعت أنباء سقوط دمياط في أيدي
الصليبيين كالصاعقة على الناس، وانزعج واشتد حنق السلطان الصالح أيوب على
الأمير فخر الدين وقال له: "أما قدرتم تقفون ساعة بين يدي الفرنج؟" [62].
وأمر بإعدام نحو خمسين من أمراء العربان الذين تهاونوا وغادروا دمياط بغير
إذن. وحمل السلطان المريض في حراقة إلى قصر المنصورة [63]. وقدمت الشواني
بالمحاربين والسلاح، وأعلن النفير العام في البلاد فهرول عوام الناس
أفواجاً من كافة أنحاء مصر إلى المنصورة لأجل الجهاد ضد الغزاة [64][65].
وقامت حرب عصابات ضد الجيش الصليبي المتحصن خلف الأسوار والخنادق، وراح
المجاهدون يشنون هجمات على معسكراته ويأسرون مقاتليه وينقلونهم إلى
القاهرة [66]. ويروي المؤرخ الصليبي "جوانفيل" (Joinville) الذي رافق
الحملة، أن المسلمون كانوا يتسللون أثناء الليل إلي المعسكر الصليبي
ويقتلون الجنود وهم نيام ويهربون بروؤسهم [67]. ويذكر المؤرخ بن أيبك
الدواداري أن الصليبيون كانوا يخافون من العوام المتطوعين أكثر من
الجنود[68].

في غضون ذلك، في 24 أكتوبر،
وصل إلى دمياط من فرنسا "ألفونس دى بواتي" (Alphonse de Poitiers) الشقيق
الثالث للملك لويس ومعه إمدادات وقوات إضافية. بوصول الإمدادات تشجع
الصليبيون وقرروا التحرك من دمياط. كان على لويس الاختيار بين السير إلى
الإسكندرية كما اقترح "بيتر أوف بريتني" والبارونات أو السير إلى القاهرة
كما أصر "روبرت دو ارتوا" شقيق لويس الذي أشار إلى أنه: "إذا أردت قتل
الأفعى فاضربها على رأسها". واختار لويس ضرب رأس الأفعى فأمر بالسير إلى
القاهرة [69][70].

المعركة

المسير نحو المنصورة

في
20 نوفمبر 1249م، بعد نحو ستة أشهر من احتلال دمياط [71]، خرج الصليبيون
من دمياط وساروا على البر بينما شوانيهم في بحر النيل توازيهم، وقاتلوا
المسلمين هنا وهناك حتى وصلوا في 21 ديسمبر [72] إلى ضفة بحر أشموم (يعرف
اليوم بالبحر الصغير)، فأصبحت مياه بحر أشموم هى الحاجز الذى يفصل بينهم
وبين معسكر المسلمين على الضفة الأخرى [73]. حصن الصليبيون مواقعهم
بالأسوار، وحفروا خنادقهم، ونصبوا المجانيق ليرموا بها على عسكر المسلمين،
ووقفت شوانيهم بإزائهم في بحر النيل، ووقفت شواني المسلمين بإزاء
المنصورة، ووقع قتال شديد بين الصليبيين والمسلمين في البر ومياه النيل.
حاول الصليبيون إقامة جسر ليعبروا عليه إلى الجانب الأخر ولكن المسلمين
ظلوا يمطرونهم بالقذائف ويجرفون الأرض في جانبهم كلما شرعوا في إكمال
الجسر حتى تخلوا عن الفكرة [74]. وراحت المساجد تحض الناس على الجهاد ضد
الغزاة مرددة: " انفروا خفافا وثقالا، وجاهدوا في سبيل الله بأموالكم
وأنفسكم، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون" [75]، فصار الناس يتواردون من
أنحاء مصر على منطقة الحرب بأعداد غفيرة [76].

وفاة السلطان الصالح أيوب

وبينما
كان الصليبيون يتقدمون جنوباً داخل الأراضي المصرية اشتد المرض على
السلطان الصالح أيوب وفارق الحياة بالمنصورة في 15 شعبان 647 ه/ 23 نوفمبر
1249م [77][78]. [79]، فأخفت زوجته شجر الدر خبر وفاته، وأدارت البلاد
بالاتفاق مع الأمير فخر الدين يوسف أتابك العسكر والطواشي جمال الدين محسن
رئيس القصر [80]، حتى لا يعلم الصليبيون فيزيد عزمهم ويشتد بأسهم، وحتى لا
تتأثر معنويات الجيش والعوام. وأُرسل الأمير فارس الدين أقطاي الجمدار
زعيم المماليك البحرية إلى حصن كيفا لإحضار توران شاه ابن السلطان المتوفى
لتسلم تخت السلطنة وقيادة البلاد في حربها ضد الغزاة [81]. إلا ان نبأ
وفاة السلطان الصالح تسرب إلى الملك لويس بطريقة أو بأخرى، فتشجع
الصليبيون أكثر وظنوا أن التحالف القيادي القائم بين شجر الدر وهي امرأة
والأمير فخر الدين وهو رجل طاعن في السن لن يصمد طويلاً وسوف يتهاوى
عاجلاً و معه مصر. [82].

[عدل] الهجوم عبر المخاضة

في
8 فبراير دل أحدهم الصليبيين على مخائض في بحر أشموم [83][84] مكنت فرقة
يقودها أخو الملك "روبرت دى أرتوا "سوياٌ مع فرسان المعبد (الداوية)،
وفرقة إنجليزية يقودها "وليم أوف ساليزبري" (William of Salisbury) من
العبور بخيولهم وأسلحتهم إلى الضفة الأخرى ليفاجأ المسلمون بهجوم صليبي
كاسح على معسكرهم في "جديلة" [85] على نحو ثلاثة كيلومترات من مدينة
المنصورة. في هذا الهجوم المباغت قتل فخر الدين يوسف وهو خارج من الحمام
مدهوشاٌ بعدما سمع جلبة وصياح في المعسكر. أدى الهجوم إلى تشتت الأجناد
وتقهقرهم مذعورين إلى المنصورة [86]. وبعد أن احتل الصليبيون معسكر جديلة
تقدموا خلف "روبرت دو أرتوا" نحو المنصورة على أمل القضاء على الجيش
المصري برمته بعد أن أخذتهم العزة وظنوا أنهم لاريب منتصرين [87].

» اكثر الحالات الجوية المتطرفة بالعالم
» معركة المنصورة ، معركة المنصورة الجوية
» الخطوط الجوية الجزائرية
» ملف إيران والتمارين الجوية الإسرائيلية
» مقاتلة السيادة الجوية Soukhoï Su-30 MK