الحياة الثقافية و الإقتصادية في الدولة الرستمية: في عهد الدولة الرستمية
, ازدهرت العلوم الشرعية و العقلية ازدهارًا كبيرًا حتّى أصبحت تيهرت تلقب
بعراق المغرب , وهذا الأمر الهام ,يعود الى حرية الفكر و حرية المذاهب
الاسلامية الأخرى التي كانت تعيش تحت ظل الدولة الرستمية
كالمالكية,المعتزلة,الشيعة و أحسن دليل على ذلك ما أورده ابن الصغير
المالكي القائل:’’و من أتى حلق الاباضية من غيرهم قربوه و ناظروه ألطف
مناظرة ,و كذلك من أتى من الاباضية الى حلق غيرهم كان سبيله كذلك’’. وكذا
استمرت الدولة الرستمية في أداء دورها الاسلامي الثقافي في المغرب و
السودان وغرب افريقيا بفضل دعاة الاسلام.
هذه الدولة الاسلامية شجعت التعليم و التأليف و المكتبات و لا أدل على ذلك
من وجود المكتية المعصومة في تيهرت التي تحتوي على 300.000مجلد في شتى
العلوم الدينية و العقلية.
يقول المؤرخ الجزائري عبد الرحمن الجيلالي : ’’و لم تكن هناك دولة جزائرية
كانت تداني حضارة هذه الدولة فيما بلغته من الرقي , و الإزدهار المادي و
الأدبي , فلقد بلغت تيهرت يومئذ شأنا عظيما من العمران, و من توفر أسباب
الحضارة و الرفاهية , حتى أنها كانت تشبه و تقارن بقرطبة و بغداد و دمشق و
غيرها من العواصم اللامعة’’.
و قد كان للتجار الرستميين الدور الأساسي في إخراج قبائل المغرب الأوسط من
بداوتها و تكوين سكانها و شحذ أخلاقهم و مداركهم عبر السنين و الحقب , ذلك
لأن التجار يحتكون بمعظم الشعوب و الأجناس فينقلون ثقافاتهم المتعددة إلى
المغرب , وهذا إن دل على شيء إنما يدل على ازدهار التجارة (الإقتصاد) في
عهد الدولة الرستمية.