إسرائيل تحول المنطقة الحدودية مع قطاع غزة إلى حزام أمني يلاحق الفلسطينيين بالموت

غزة – من محمد الأسطل - كشفت عملية التوغل الإسرائيلية قبل عدة ايام في منطقة الحدود شرق خان يونس، عقب مقتل عسكريين إسرائيليين على حدود قطاع غزة، عن حجم المعاناة التي يكابدها الفلسطينيون الذي يسكنون على امتداد الخط الفاصل بين القطاع وإسرائيل.


ويتعرض السكان هناك إلى عمليات توغل إسرائيلية متواصلة، يصاحبها إطلاق نار وقصف مدفعي، علاوة على التدمير الكامل للممتلكات والمنازل والأراضي الزراعية، ناهيك عن حالة الرعب التي يتركها جنود الاحتلال قبل انسحابهم من المناطق التي توغلوا فيها.


وأوضح معتز قديح الذي يسكن في بلدة عبسان جنوب قطاع غزة أن سكان الحدود يشعرون أن حرب الاحتلال عليهم لا تنتهي بالمطلق، خصوصاً أن الدبابات عادة ما تتوغل في أراضيهم الزراعية وتصبح بجوار منازلهم خلال دقائق محدودة ومن دون أن يشعر بذلك أحد.


وقال: "الموت يلاحقنا في كل لحظة، إذ أن جنود الاحتلال يطلقون نيران رشاشاتهم الثقيلة بين الفينة والأخرى حتى لو شاهدوا عصفور يمر بالمكان، إضافة إلى عمليات التوغل سواء بالآليات أو جنود المشاة".


وشيئاً فشيئاً تكشفت معالم الدمار الذي خلفته قوات الاحتلال بعد انسحابها من شرق خان يونس أمس، إذ تعرضت عشرات المنازل إلى القصف بينما جرفت مساحات واسعة من الأراضي المزروعة بالأشجار المثمرة والقمح والشعير الذي أوشك أصحابه على حصاده.

وبدا الحزن والألم يسيطران على الحاج أبو حاتم أبو دقة (64 عاماً) الذي تعرضت أرضه المزروعة بالقمح إلى تجريف كامل، فذهب موسم الحصاد من دون فائدة. وقال: "ننتظر هذا الموسم كل عام لكي نجني ما زرعناه، لكن قوات الاحتلال كعادتها تحرمنا من الفرحة بالحصاد". وأضاف: "كل المنطقة القريبة من الحدود عرضة بشكل دائم إلى التوغل اليومي، فمن يستطيع الوصول إلى أرضه لا يضمن أن يحصد ما زرع".


وذكر مركز "الميزان" لحقوق الإنسان أن قوات الاحتلال تواصل انتهاكاتها التي تستهدف السكان وممتلكاتهم وكل ما يتحرك في المناطق الفلسطينية القريبة من الحدود، والتي تتجاوز تلك المسافة التي تعلنها قوات الاحتلال. وأكد أن قوات الاحتلال تستهدف السكان وممتلكاتهم على مسافة تصل إلى كيلو متر وليس كما تدعي تلك القوات من أنها لا تتجاوز الثلاثمائة متر.


ولا تختلف حياة الفلسطيني محمود عايش (48 عاماً)، الذي يفصل منزله عن الحدود الإسرائيلية أكثر من كيلو متر، عن كثير من الذين يسكنون قرب الحدود، لكن مصيبته كانت أكبر بعدما سقطت إحدى القذائف الإسرائيلية على غرفة نومه صغاره، فسقطت هيام شهيدة وأصيب البقية. وقال: "الموت لا يفارقنا ليس فقط عند تحركنا، ولكن حتى وإن بقينا في منزلنا فلا مفر من الهروب من القصف، فابنتي استشهدت داخل غرفة نومها".


وذكر عايش الذي يسكن في منطقة الحدود شرق وادي غزة أن حياتهم تحولت إلى جحيم لا يمكن لأحد تحمله، إذ لا يمتلكون المال الكافي لاستئجار منازل بعيد عن الحدود، كما أنهم لن يتركوها ليدمرها جيش الاحتلال.


وانطلقت اخيرا فعاليات شعبية فلسطينية لمواجهة الحزام الأمني الذي تفرضه إسرائيل على طول حدودها مع قطاع غزة، وذلك على غرار مسيرات المقاومة الشعبية السلمية التي تشهدها قرى الضفة الغربية ضد الجدار العازل.


وأكد عضو المكتب السياسي في "جبهة النضال الشعبي" محمود الزق أن المسيرات تنطلق بشكل دوري من كافة محافظات القطاع صوب الحدود الشرقية والشمالية، بهدف تصعيد العمل الشعبي المقاوم في مواجهة المنطقة العازلة التي تفرضها قوات الاحتلال. وقال: "لا يمكن للشعب الفلسطيني أن يقف عاجزاً أمام المعاناة التي يواجهها السكان قرب الحدود، فهم لا يستطيعون التحرك أو حتى الوصول إلى أراضيهم الزراعية لفلاحتها".

اليات الاحتلال تجرف اراض ومنازل شرق خان يونس